ثمة أمور يرى الناس آثارها إلا أنها كنوز عميقة باطنة يؤتيها العزيز المؤمنين فحسب!
إن الله عزيز، وله العزة جميعا...
وتلك الكلمة الغالية تكتنفها مفهومات مغلوطة تصغى إليها أفئدة الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ولا يدركون حقائق الأمور.
العزة تشبه كثيرا (البركة) فهي أمر خفي ينزل من السماء على قلوب بعض الناس..
هناك عزة بالإثم والشقاق تتقنع بشيء من المظاهر والزخرف الذي يغري السطحيين ويغرهم فلا يبصرون ما وراءه.
إنما العزة ما جاء من فوق!
الذل حالة طينية أرضية منقطعة عن السماء!
الذل سببه العميق التعلق بشهوة أرضية مؤقتة،
والعز أصله الأصيل بقاء القلب معلقا بالسماء!
الكلم المنزل من السماء عزيز،
والكلم الطيب الذي يصعد إلى العزيز عزيز،
العزة أن يبقى رأسك مرفوعا نحو السماء وقلبك متوجها نحو العرش،ولسانك لاهج بذكر تذكر به في ديار العزة العليا.
العزة كنز لا يباع ولا يشترى في أسواق الأرض، بل هي سلعة تتداول في السموات!
العزة اختصاص رباني يهبه العزيز الوهاب لعباده الأوفياء بعهده الذاكرين لمقعدهم العتيق عنده،المشتاقين لمقعد الصدق عنده.
العزة مقام شعوري! له آثاره الخارجية..
وإن الحكمة كل الحكمة أن تركز فكرك وجهدك ووقتك ومالك لتحصيل ذلك المقام القلبي الرفيع، بينما كثير من الناس يتنافسون في التكاثر في مظاهر العزة الزائفة،
انتبه وركز ،،،
ارفع رأسك فوق ، أنت عزيز حر ...
إن للغربة مشاقها وآلامها،ونحن في الأرض غرباء، ضيوف عابرون...متى ركزنا على الطين المؤقت رهقتنا الذلة، ومتى ما رفعنا رؤوسنا ونظرنا بعيدا إلى ديارنا الأولى ووطننا السماوي القديم سرت العزة في عروقنا.
الأرض وجسدها وعقلها خوادم جيدة بشرط أن تتولى سيدتي الروح دفة القيادة!
عندها يؤدي كل دوره بإتقان وتوازن ...
متى تقع الذل والمسكنة؟
حين يكب الشخص على وجهه ويتجاهل روحه السماوية فيصبح منكوسا مقلوبا..
حينئذ تختلط الأمور وتدب الفوضى ويكثر السادة الأرضيون ويتنازعون فلا يبقى إلى الفشل والذلة.
أي حراك يروم العزة فلا بد أن يكون من السماء وإليها، وما سوى ذاك تراب في تراب.
إن طلب العزة في غير مظانها مرهق مكلف ومهلك ومذل..وكم أذل الحرص أعناق الرجال.
ولكأن العزة مكافأة عاجلة لمن استطاع الاستعلاء على شهواته والمحافظة على أشواقه. ذلكم العزيز وتلكم العزة.