#سئلت:
لماذا تمدحون بالألباني ولديه أخطاء؟
#قلت:
أرسطو طلب من الإسكندر أن يرسل مبعوثين يطوفون المعمورة لإحضار الحيوانات، جمع تلك الحيوانات في حديقة كبيرة، وبدأ يسجل ملاحظاته عليها يتكلم عن خصائصها وعن تشريحها وعن طبائعها في المأكل والمشرب والتناسل، كل ما قاله عنها أثبت العلم أنه خطأ، ولو كان في زماننا ما حصل على براءة اختراع صغيرة على كل ما قام به، لقد قال كلاما خطأ؛ لكنه قال.
بهذا القول الخاطِئ نقل بلاد اليونان _ بل والعالم _ من الفلسفة إلى العلم وهذه خطوة عظيمة لا حدّ لآثارها ولا حصر؛ إذ مهدت لتقدم البشرية تقدّما هائلًا.
سأفترض جدلا أن الألباني أخطأ في كل ما قاله، لكننا يجب أن ننتبه إلى أمر مهم وهو أنه أحدث ثورة عظيمة في العناية بالحديث، لم يترك أحدًا قال حديثا ضعيفا، أو موضوعا، سواء كان واعاظا ، أو خطيبا، أو إماما، أو متكلما، أو فقيها، أو مدرس دين، إلا وتعقبه وردّ عليه فيما أخطأ فيه؛ بل نقد كبار الشيوخ سرًا وجهرًا كالقرضاوي والغزالي والسيد سابق والبوطي وشنّع عليهم، فكان معظم هؤلاء يطلب منه أن يخرّج لهم تلك الأحاديث التي ذكروها في كتبهم، لقصورهم في هذا الجانب.
سأستعير كلمة من عالم أزهري أشعري صوفي: لولا الألباني لكنا في مؤلفاتنا نخرّج الحديث النبوي من كتاب إحياء علوم الدين.
والخلاصة: إن أهميته في تلك الثورة التي فجرها في هذا العلم، وقلت يوما لمتخصص كبير في علم الحديث: كم نسبة الأخطاء في أعمال الألباني؟ قال لا تتجاوز 5% !
أيجوز أن نهدر جهدا جبارا تعجز عنها مؤسسات _ بل دول _ من أجل 5% أو 10 %، أو 20%، فالرجل كان فهرس المكتبة الظاهرية يعرف مخطوطاتها كما يعرف أحدنا رقم هاتفه.
لنتذكر أنه لازم الظاهرية ملازمة الظل للشخص، يأتي قبل الموظف ويغادر بعده(كان يجلس على الدرج قبل فتحها وبعد إغلاقها يراجع ما كتب وماذا سيبحث) ، وكان قبل قدومه إليها يجمع الورق الأبيض من أزقة دمشق ليكتب عليه.
لدينا قدرة هائلة على سحق أعلامنا وستر فضائلهم، لو سُدَّ الخلل، وشُغِل الثغر ؛ لكان أهدى سبيلا وأقوم قيلا ، ولله الأمر والخلق.