الحمد لله العظيم في سلطانه، القدير المتعالي، والصلاة والسلام على النبي الهادي وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
إن مما عمت به البلوى في ديارنا الشامية انتشار منكر عظيم لا يعدله منكر من المنكرات، والذي هو سب الله ودينه دين الإسلام ورسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وهذا بسبب نظام البعث النصيري الذي وثب على صدور أهل سوريا بالحديد والنار، ووثب على عقولهم بالتجهيل والتضليل لأكثر من خمسين عاماً.
فما أخبثه من منكر وما أخطره من جريمة تُخرج صاحبها من الإسلام إلى دين الكفران الموجِب للخلود في النيران.
قال الله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّـمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُم( [التوبة/65]، فأخبر الله سبحانه أنَّ الاستهزاء بالله أو بآياته أو برسولٍ من رسله كفرٌ يُخرج صاحبه من الإيمان – هازلاً أو جادّاً – فما بالك بمن يسب الله والعياذ بالله أو يسب دينه أو نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذيِنَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَـهُمْ عَذَاباً مُهِيناً( [الأحزاب/57].
قال محمد بن سحنون: [أجمع العلماءُ على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المتنقِّص له كافر].
وقال إسحاق بن راهويه: [أجمع المسلمون على أنَّ مَن سبَّ الله أو سبَّ رسوله صلى الله عليه وسلم أو دَفَعَ شيئاً مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيّاً من أنبياء الله عز وجل، أنه كافرٌ بذلك، وإن كان مُقِرّاً بكلِّ ما أنزل الله]اهـ.
وقال أبو بكر بن المنذر: [أجمع أهل العلم على أنَّ من سبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقتل، وممن قال ذلك مالك بن أنس، والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي]هـ.
وقال محمد بن نصر المروزي رحمه الله: [أجمع المسلمون على أنَّ مَن سبَّ الله أو سبَّ رسوله، أنه كافرٌ بذلك وإن كان مُقِرّاً بكل ما أنزل الله]، وقال القاضي عياض رحمه الله: [لا خلاف أن سابَّ الله تعالى من المسلمين كافرٌ]، وقال ابن قدامة رحمه الله: [مَن سبَّ الله تعالى كَفَرَ سواء كان مازحاً أو جادّاً].
وقد يتعلَّل البعض بأن الذي دفعه للسبِّ أو الشَّتم إنما هو الغضب أو الجهل بحكم السَّبِّ! فنقول له كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [إنَّ سبَّ الله أو سبَّ رسوله؛ كفرٌ ظاهراً وباطناً، وسواء كان السابُّ يعتقد أن ذلك مُحرَّمٌ، أو كانَ مُستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده؛ هذا مذهبُ الفقهاء وسائر أهل السُّنّة].
ما يترتب على من سَبَّ الله
أو رسوله أو الدين؟
- رِدّته عن الدِّين.
- انفساخ عقد نكاحه وتحريم امرأته عليه.
- إذا مات يموت كافراً، ويكون خالداً في نار جهنَّم، قال تعالى: (إنَّ الَّذينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ( [البقرة/161-162].
- لا يَرِث ولا ويُورَث.
- لا يُغسَّل، ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفن في مقابل المسلمين.
هل من توبة قبل الموت ؟
فإن قلتَ: هل لي من توبة؟ وإذا كان لي توبة فما هي شروطها؟
فأقول: اعلم – هداني الله وإياك – أن الله يَقبَل التوبةَ عن عباده ولا يحول بينك وبين التوبة شيء، قال صلى الله عليه وسلم: «لا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها»، بل إن الله أخبر أنه يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه وأناب، ونوجِز لك شروط التوبة بما يلي:
- أن يكون الحامل على التو بة تقوى الله والخوف من عقابه جل في علاه ورجاء ثوابه سبحانه وتعالى
- النَّدم، بحيث يجد في نفسه حسرةً وحُزناً على ما فعل وارتكب.
- الإقلاع عن الذَّنب وعدم الإصرار عليه.
- العزم على عدم العودة إلى هذا الذَّنب.
- أن تكون التوبة قبل الموت والغرغرة.
ما يترتب على من سمع سب الله أو رسوله أو الدين؟
- ينكر ذلك بحسب استطاعته.
- يغادر المجلس ولا يبقى فيه، قال الله تعالى: {وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ یُكۡفَرُ بِهَا وَیُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُوا۟ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِی حَدِیثٍ غَیۡرِهِۦۤ إِنَّكُمۡ إِذࣰا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡكَـٰفِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعًا }[سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٠].
- تبليغ القضاء الشرعي لتتم محاسبة الكافر فهذا منوط بهم.
وأخـيــراً :
يا من تسبُّ الله ورسوله والدِّين ألم يحِن الوقت الذي تتوقَّف فيه عن هذا الألفاظ الشَّنيعة، فتتوب إلى ربك وترجع لرشدك وتقلع عن غيِّك؟