رمضان.وجوانب.التغيير.في.السلوك.tt🌙 رمضان فرصة ثمينة لتغيير بعض جوانب السلوك وتقويمها ، واصلاح النفوس وتهذيبها ، فالاعتناء بجوانب التغيير في هذا الشهر الفضيل ، والحرص على الاستفادة من مدرسة الصوم لتحقيق التقوى التي يسمو فيها المسلم للرقي في سلم الرفعة الروحية والأخلاقية ، هي من أجل المقاصد التي شرع الصيام من أجلها ، وليس أفضل من شهر الصوم لبدء علاقة جديدة مع التغيير الإيجابي المستمر إلى ما بعد رمضان.
💦 وتتعدد جوانب التغيير وتتنوع ، وهي تختلف باختلاف الأشخاص والبيئات والسلوك ، ولكل جانب من هذه الجوانب وسائل وطرق للتغيير ، يحتاج فيها المسلم للتفكر والتمعن فيها ؛ لسد جوانب النقص التي تحتاج إلى تغيير لتصحيح المسار ، ومن بين أبرز هذه الجوانب :
1⃣ أولاً : علاقة المسلم بخالقه :
فهي علاقة تتميز خلال هذه الشهر الكريم بقوة الصلة بين العبد وربه ، وهذا ما يجب أن تكون عليه هذه العلاقة في رمضان وفي غير رمضان ، فرب رمضان هو رب سائر شهور العام.
فالطاعات والقربات ليست محصورة بشهر واحد ، فهي متاحة في كل شهور العام ، فطريق التغيير يكون من خلال الاستمرار على أداء هذه الطاعات من خلال التدرج في المداومة عليها ؛ حتى يصل المسلم إلى الغاية منها ، وهو الاستمرار في الطاعة ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنَهَا قَالَت ْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَال َ: (( أدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ )).
2⃣ ثانياً: علاقة المسلم بنفسه :
فرمضان فرصة لتفقد النفس ومحاسبتها وحثها على الخير ، والتغيير يبدأ عند محاسبة النفس وتصحيح أخطائها ، وهذا ما يجب أن تكون عليه، عادة مستمرة يترقى بها المسلم إلى أفضل درجات السمو والرفعة.
▪️يقول الحسن البصري - رحمه الله - :" المؤمن قوّام على نفسه ، يحاسب نفسه لله عز وجل ، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".
3⃣ ثالثاً : علاقة المسلم بأهله وقرابته :
فانشغال الناس بملهيات الحياة ، أبعد الكثير منهم عن صلة أرحامهم وزيارتهم وبرهم ، فرمضان فرصة عظيمة لإعادة جسور التواصل مع الأهل والقرابة ، لإزالة ما قد يقع في النفوس ، ولبدء علاقة مستمرة معهم.
🔸ويكفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الرحم حيث قال: (( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِم ُ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَة ِ، قَال َ: نَعَم ْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَت ْ: بَلَى يَا رَب ِّ، قَالَ فَهُوَ لَكِ)) ، قَالَ رَسُولُ اللَّه ِ صلى الله عليه وسلم : فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُم ْ: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )).
4⃣ رابعا ً: علاقة المسلم بمجتمعه ، وهي علاقة يجب أن تكون علاقة فاعلة ، فيجب الاعتناء بجوانب العلاقات المجتمعية بين الأفراد من خلال صلتهم ، وبرهم ، ونصحهم ، وتفقد ذا الحاجة منهم ، يقول الله تعالى: (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) ، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِم وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَد ِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )).
5⃣ خامسا ً: علاقته المسلم ببني جنسه ، وهي للأسف علاقة في غالبها تسودها الجفاء الدعوي ، وهو خلاف ما جاء به ديننا الحنيف ، فلو حرص المسلم أن يتمثل بدينه وأخلاق نبيه صلى الله عليه وسلم في علاقته مع غير المسلمين ، لجددنا بأخلاقنا باباً للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو ما يمثل روح الإسلام ، يقول الله تعالى : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ))، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )).
💠 هذه بعض الجوانب التي تستحق التوقف عندها والاعتناء بها والاهتمام بتغيرها ، فلنبدأ صفحة جديدة مع التغيير الإيجابي ، ولنستفد من مدرسة الصيام لنصلح من ذواتنا ، ولنرسخ هذه القيم في أنفسنا ، ولنعلمها من حولنا ، لكي يكون مجتمعنا مجتمعاً تسوده الألفة والمحبة، وليكن رمضان خطوة أولى للتغيير.
#كتبه : راشد عبدالرحمن العسيري
موقع.صيد.الفوائد.tt#modather