أذكر عندما كنت في الثانية عشرة من عمري تقريبًا،
كنت أعاني مشكلة في المعدة، وكان هذا الألم متكررًا،
لم يجد معه علاج كل الأطباء والاستشاريين الذين أخذني إليهم أبي،
وبسبب قلق أمي علي،
وعدم تقديم الطب الحديث حلًا لحالتي المزمنة،
قررت أمي الذهاب إلى « شیخ » متخصص في القراءة على الناس،
وبالرغم من أن أمي لم تكن لتطرق هذا الباب المجهول أو تفکر به،
ليس جحدًا بالقرآن وقدرته بإذن الله على شفاء الناس،
لكن شكًا وعدم ثقة في ممارسي القراءة،
في النهاية خضعت لضغوط أقاربها وإصرارهم وتوصياتهم العالية بحق هذا الشيخ «الفاضل».
خرجنا مع أبي بعد إلحاح أمي طبعًا،
وتوجهنا لشخص كان يلقب بـ «الشيخ العاني» لبدء جلسات العلاج معه.
كان أبي يوصلنا إلى منطقة بيوتها من طين،
ونقطع أنا وأمي بقية المسافة على الأقدام عبر بيوت قديمة متهالكة وقد كانت بيئة جديدة علي في ذلك الوقت، كانت شوارعها ذات رائحة مميزة.
لم أكن أعي في الزيارة الأولى وجهتنا لكن مع تكرر الزيارات كنت أتحمس للذهاب؛ لأن تلك المنازل الطينية كانت تعجبني لسبب ما.
كنا ننتظر الشيخ في غرفة صغيرة ممتلئة بالنساء والأطفال ونادرًا ما نری رجلًا بينهم،
كان هذا الانتظار يمتد لفترات طويلة في زياراتنا الأولى قبل أن تدرك أمي الآلية التي يعمل بها هذا المكان وهي «المال»
عندها حصلنا على تصاريح مرور VIP في كل زيارة بعد إدراك أمي لهذه الآلية.
كانت الأموال تتدفق في يد كل من يوصلنا إلى «الشيخ» بسرعة،
في نهاية المطاف
وبعد عدة نقاط جمركية
أجلس أمامه خمس دقائق
تحاول فيها أمي شرح حالتي بسرعة
والقلق على وجهها
وهو مغمض العينين
واضع يده على رأسي
ويتمتم ببعض الكلمات غير المسموعة بوضوح،
وأنا أنظر إليه بخليط من الخوف والاستغراب،
وينتهي اللقاء في العادة بالبصق في وجهي،
وفي قارورة من الزيت أو الماء
وخروجنا بسرعة وعلى عجالة وكأننا نهرب من مسرح جريمة.
استمرت زیارات أمي للـ «الشيخ»
واستمرت جلسات البصق في وجهي حتى توقفت أمي فجأة عن الذهاب إليه، سألتها عن السبب.
فردت أمي برد لم أضحك عليه إلا بعد سنوات عندما كبرت واستوعبت كلامها فقد قالت بحسرة:
« قبضت عليه الشرطة » ، مشعوذ
😂
ـ
مُقتبس 🪧