أبشِر يا صاحب الألم، لا ندم! يعلَمُ الله تلك التّفاصيل، كُلّ كلمةٍ ما كتبتها، ودعوةٍ ما تركتها، وخطوةٍ ما أخذتها، وفكرةٍ ما أنجزتها، ومكانةٍ ما وصلتها، وحياةٍ ما عشتها، تلك الأشياء المبتورة، والمحاولات المنثورة، والخطوات المنفردة، يعلمها الله، أكمِل ما بدأت، أنجز ما خَطَوت، ثِقّ أنّ جُهد الصّادق لا يخيب، وكن بخيرٍ ما دامَ النَّفَس!..
لم يكُن سهلاً أن أبتَعد عن شيء أحبّه، لكنّي يئستُ في جَعل الأمور تجري على ما يُرام، و نَفذَت طاقَتي في المُحاولة بالتمسّك، وأصبحَ كُل ما أفعَلُه بلا معنى.
في نهاية الأمر، تعود حاملاً روحكَ المنهكة، والقليل من ملامحك، تعود بخطىً ثقيلة، إلى نفسك، التي لم يبقَ منها سوى القليل منك؛ تتمنى أن يرحّبَ أحدهم بقدومك، ويقولُ صارخاً: "أهلاً بعودتك"
أنّ أغلب الأوقات التي راجعت فيها نفسك، وحاولت قراءة قلبك، وفهم دوافعك، وضبط خطوتك، وتركيز غايتك، وإقالة عثرتك، وتخفيف ألمك، وإتمام مهمّتك= هي أوقات مثمرة، مهما بدىٰ لك غُربتها وقسوتها، مهما كنت وحيدًا فيها، فقلبُك حَيّ! شعورُك صادق، دمعتك دافئة، والله لن تخذلك المحاولة، وكُلّ دقيقةٍ أعَدتَ فيها تشكيل دواخلك! فاهدأ.
اللهّم أكرمني النسيان؛ نسيان الوجوه التي جرحَتنا، والمواقِف التي أَربكت نبضَنا، والكلمات الشاقّة التي حفرَت صُدورَنا، و كُل ذِكرى لا أَرغب تَذكرها مُجدداً..