قضايا الأمة لا تتجزَّأ وكُلّها مركزيَّة بالتناسب مع السياق التاريخي والموقع الجغرافي وحضورها بأحداثها في التاريخ الإسلامي انطلاقًا من أن هذه القضايا في صُلب الصراع الطويل بين الحق والباطل، وأن الإسلام هو المظلة الكُبرى.
المسلم عليه أن ينظر نظرة شمولية ويفهم ما يدور حوله جيّدًا، فإن لم يكن هو المعني بكل هذا فمن لها؟
عدمُ الضرِّ هو الثبات على الحق في وضعٍ يُريد لك الجميع فيه أن تنهزم وتنكص على عقبيك فقط لتترك طريق الحق الذي يحاربك عليه الجميع..
وسيد الخلق الأكرمُ على الله والأحب إليه نبينا (ﷺ) قد حُورِب نفسيًّا وجسديًّا بشتى الطرق ابتداءً من الترغيب، مرورًا بالترهيب، وصولًا إلى المواجهة المباشرة. فما كان للطائفة المحاصرة من قدوة مُطلقة في كل أحوالهم سواه، ويأخذ بلُبِّ عقلي ما قيل في ذلك : "الأليق بتابعِ أحمد (ﷺ) أن يُرى عزيزًا لا تكسره نوائب الأيام بسهولة".
"أجمل ما في هذا الدين أنك مهما سقطت فبالإمكان دومًا النهوض والبدء من جديد، وإنّ البداية الجديدة هنا لا تحمل خسارةً للمنجزات السابقة بل هي استمرار لها، ولا يكون هذا إلا من الغفور الرحيم، ربّنا العفوّ الحليم الرؤوف بعباده".
﴿فَاقضِ ما أَنتَ قاضٍ إِنَّما تَقضي هذِهِ الحَياةَ الدُّنيا﴾
قال سيد قطب :"فسلطانك مقيد بها - يقصد الدنيا-، وما لك من سلطان علينا في غيرها، وما أقصر الحياة الدنيا ، وما أهون الحياة الدنيا . وما تملكه لنا من عذاب أيسر من أن يخشاه قلب يتصل بالله ، ويأمل في الحياة الخالدة أبدًا".
الإنسان لم يُوعَد في الدنيا بالرفاهية الدائمة والعيش الرغيد المُقيم، حتى أن البلاء لن يفارقه إلا برحيله عنها.. وهذه مدعاةٌ عظيمة للصبر وتوطين النفس على توقع كل أمر واستحمال كل صعب.
وأُحبُّ أن أرى أبعد من المضمون في هذا الكلام وما يُشابهه، وأنظر لسياقه وتطبيقه في الحياة وما الذي يتركه من أثر؟ دغدغة المشاعر بهذا الكلام مطلوبة في البداية، ولكنه يتعدى ذلك إلى أنه يقين ودستور حياة في نظرتنا لما يحدث في حياتنا من ابتلاء؛ فقد يقع ابتلاء على اثنين فيسعَد الأول بصبره ويشقى الثاني بسخطه، هذا ليس إلا لاختلاف نظرتهما ويقينهما بطبيعة البلاء ومآلاته وحكمته، والمرء لا تُشقيه إلا نفسُه..
يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : "مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْتُ ، عَلَى مَا أُحِبُّ أَوْ عَلَى مَا أَكْرَهُ ، وَذَلِكَ لأَنِّي لا أَدْرِي الْخَيْرَ فِيمَا أُحِبُّ أَوْ فِيمَا أَكْرَهُ".
إنما الإنسان أثرٌ في حياته، ومقومات هذا الأثر قلبه و روحه وجوانبه المعنوية، فقد قلت في رسالة سابقة أن عُمُر المرء المعنوي وجاهزيته أهمُّ اعتبارًا من عُمُره الجسدي. وإننا وصلنا إلى زمن أصبح الشاب عجوزًا في جسد العشرين..