[ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ]التوبة:25. العُجْبُ بالأسبَابِ، والغَفْلَةِ عن خالقِ ومُسَخِّرِ الأسبَابِ، يَرفعُ المعِيَّةَ، ويُسْلِمُ المرءَ لنفسِه، وعزَمَاتِه، وأسبَابِه .. ويُعَرِّضه للعقُوبَةِ والخُذْلَانِ .. وقَد حدَّثَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن نَبيٍّ من الأنبيَاءِ، قال كَلِمَةً على وجهِ الإعجَابِ بجُنْدِه وجيشِهِ، فقال:" مَن يُكافيءُ هؤلاءِ أو مَن يَقُومُ لهؤلاءِ؟!"، ولم يَزِد على ذلك .. فكانَت الكَفَّارَةُ أن أوحَى اللهُ إليه:" أنِ اختَرْ لقومِك إحدَى ثَلاثٍ؛ إما أن نُسلِّطَ عليهم عدوَّاً مِن غَيرِهم، أو الجوعَ، أو الموتَ، فاستشَارَ قومَهُ في ذلك، فقالُوا أنتَ نبيُّ اللهِ، كلُّ ذلك إليك، خِرْ لنا، فقامَ إلى الصَّلاةِ، وكانُوا إذا فَزِعُوا فَزِعُوا إلى الصَّلاةِ، فصَلَّى مَا شاءَ اللهُ، ثم قال: أي ربِّ! أمَّا عَدوٌّ مِن غَيرِهِم فَلَا، أو الجوعُ فَلَا، ولكنِ الموتُ! فسَلَّطَ عليهم الموتَ؛ فماتَ مِنهم في يَومٍ سَبعُونَ ألفاً، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يهمسُ بكلِماتٍ، فقال:" فهَمْسي الذي تَرون أني أقُولُ: اللهمَّ بِكَ أَحُولُ، وبِكَ أَصُولُ، وبِكَ أُقَاتِلُ ".