من أحب الآيات إليَّ في سورة الفاتحة، قوله تعالى حامدا نفسه بأنه { الرحمن الرحيم }.
كم أجد من السعة في هذه الآية! ويكأنها بحرٌ لا ساحل له من المعاني والمتعلقات والشواهد المنطوية تحتها.
فإذا قلت كلمة { الرحمن } طار القلب عاليا إلى الملكوت الأعلى، وكأنه يرى الرحمن -في عليائه- على العرش استوى، يقول (أنا الرحمن)، وعنده كتاب فوق العرش قد كتب فيه (إن رحمتى سبقت غضبي)، فكم يعرّفك هذا الاسم بالله الذي هذه صفته، وكم تحبه وتحمده وتتعلق به عند التأمل في حسنها وجمالها وعظمتها.
ثم إذا قلت كلمة { الرحيم } نزل قلبك إلى مسرح الكون، وشاهد آثار صفة الرحمة في الخلق، وعلم حقا أن رحمة الله وسعت كل شيء، فلا يرى شيئا تقع عليه عينه، ولا تفكرَ في شأنٍ من شؤون الخلق والأمر، والتكليف والتقدير، إلا رأى آثار رحمة الله بادية فيها.
فانظر لسعة هذه الآية التي لا تفارقك متعلقاتها كل لحظة، في كل شيئا تراه، وفي كل شيء تفكر به، وتفتح لك أبوابا من العلم بالله وحمده والثناء عليه، ولا عجب أن تعلقت هذه الآية بالحمد في أول السورة.
عبدالرحمن السيّد