"تدابير الله قادمة بما هو أعجب ! وكثير من الخير مدفون في الشرّ ، وسوء اليوم هو خير الغد ، والعكس بالعكس ومن سفل سيعلو ، ومن اغتنى ربما افتقر ، والضاحكون سيبكون ، والباكون سيجبرون ، ليس بعد العسر إلاّ اليسر ، وما بعد العافية إلاّ السقم أو الهرم ، أو اللحاق بسابق الأمم ، ليس للدنيا أمان في إقبالها إن أقبلت ، ولا في إدبارها حين تدبر ."
سمع النبي ﷺ رجلًا يقول : "اللهم إِنِّي أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لَا إِلَهَ إِلَّا أنت، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد"، فقال : لقد سَأَل الله باسمه الذي إِذَا سئل به أعطى، وإذا دعي بِهِ أجاب .
ومعنى الصُّمود لله ؟! هو أن تجعله تعالى ملاذك الوحيد في جميع شؤونك الدينية والدنيوية،قال السعدي ﴿اللَّه الصَّمَد﴾ أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم ".
وإذا الشدائدُ أقبلتْ بجنودِهَا والدهرُ من بَعد المسرّةِ أوجعَكْ لا ترجُ شيئًا من أخٍ أو صاحبٍ أرأيت ظلّك في الظلامِ مشى معَكْ وارفعْ يديكَ إلى السَّماءِ ففوقهَا ربٌّ إذا ناديتهُ .. ما ضيَّعَكْ
كيف أكون قوي الإيمان، ولا أحزن على شيء من حظوظ الدنيا؟ (الجواب): بعد التزام الفرائض والواجبات، عليك بهذه: ١-كثرة التلاوة. ٢-كثرة الذكر. ٣-كثرة الدعاء. ٤-كثرة الاستغفار. وهذه كلها داخلة في عموم ذكر الله تعالى. ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾.
◉ “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً”.
هذا الدعاء فيه إظهار الافتقار إلى الله؛ بمعنى أن الإنسان يعترف بعجزه وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلا يسهل عليه شيء إلا إذا سهّله الله وأعانه عليه، وكلمة “الحزن” في الحديث تأتي بمعنى الشدة والصعوبة. والإمام ابن تيمية وغيره من العلماء بيّنوا أن “الحزن” قد يُستخدم للتعبير عن العقبات أو المواقف التي تصيب الإنسان بالهم والمشقة، فهذا الدعاء يطلب من الله أن يجعل كل صعبٍ ولو كان حزنًا أو ضيقًا في القلب سهلًا بتيسير الله ولطفه.
وهو دعاء فيه طمأنينة للنفس والروح، حيث يتوجه المسلم إلى الله في لحظات ضعفه، مما يخفف عنه العبء النفسي ويعينه على الصبر ويرزقه الراحة والاطمئنان، حيث يشعر المسلم بأن الله معه في كل موقف صعب، وأنه القادر على تسهيل كل عسير.
فاللهم الطف بنا في تيسير كل عسير، فإن تيسير العسير عليك يسير.
من أحب الآيات إليَّ في سورة الفاتحة، قوله تعالى حامدا نفسه بأنه { الرحمن الرحيم }.
كم أجد من السعة في هذه الآية! ويكأنها بحرٌ لا ساحل له من المعاني والمتعلقات والشواهد المنطوية تحتها.
فإذا قلت كلمة { الرحمن } طار القلب عاليا إلى الملكوت الأعلى، وكأنه يرى الرحمن -في عليائه- على العرش استوى، يقول (أنا الرحمن)، وعنده كتاب فوق العرش قد كتب فيه (إن رحمتى سبقت غضبي)، فكم يعرّفك هذا الاسم بالله الذي هذه صفته، وكم تحبه وتحمده وتتعلق به عند التأمل في حسنها وجمالها وعظمتها.
ثم إذا قلت كلمة { الرحيم } نزل قلبك إلى مسرح الكون، وشاهد آثار صفة الرحمة في الخلق، وعلم حقا أن رحمة الله وسعت كل شيء، فلا يرى شيئا تقع عليه عينه، ولا تفكرَ في شأنٍ من شؤون الخلق والأمر، والتكليف والتقدير، إلا رأى آثار رحمة الله بادية فيها.
فانظر لسعة هذه الآية التي لا تفارقك متعلقاتها كل لحظة، في كل شيئا تراه، وفي كل شيء تفكر به، وتفتح لك أبوابا من العلم بالله وحمده والثناء عليه، ولا عجب أن تعلقت هذه الآية بالحمد في أول السورة.