فقال برير: (لو كنت عرفت الله كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم, وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه, ويزلج كأنه بطون الحيات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها) فأطرق عمر بن سعد ساعة إلى الأرض ثم رفع رأسه وقال: إني والله أعلم يا برير علماً يقيناً أن كل من قاتلهم وغصبهم حقوقهم في النار لا محالة ولكن ويحك يا برير ! أتشير علي أن أترك ولاية الري فتصير لغيري ؟ ما أجد نفسي تجيبني إلى ذلك أبداً . ثم قال :
أ أترك ملك الري والري منيتي ام ارجع مأثوما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها حجاب وملك الري قرة عيني
يقولون إن الله خالق جنة ونار وتعذيب وغل يدين
فإن صدقوا مما يقولون إنني أتوب إلى الرحمن من سنتين
فرجع برير للامام (ع) وقال : يابن رسول الله ان عمر بن سعد قد رضي لقتلك بولاية الري.
جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة :( أَنْتُمُ الصراط الْأَقْوَمُ )
القران موعظة الباري تعالى
تبحث النفس الانسانية عن ثلاثة امور مهمة جدا : 1- تبحث عن الطمأنينة من القلق لان الانسان قلق جدا بشأن اموره الدنيوية ( تحصيل الرزق ، الصحة ، السكن ، الاسرة )
2- تبحث عن المعرفة لان الانسان يحتاج معرفة الاجابة عن اسئلة ملحة عليه ( من اين وفي اين والى اين ) 3- تبحث عن الاستقرار من التزلزل التردد بين الحق والباطل.
س: يا ترى ما الشي الذي يلبي الطمأنية والمعرفة والاستقرار للنفس الانسانية؟
ج : لا تتوفر هذه الامور الا اذا كانت الروح الصافية والعقل الصافي اي الايمان العملي ( الحركي ) الذي يخرج الانسان من غفلته ، يخرجه من جو اللامبالاة ويضعه في اجواء تحمل المسؤولية ، وهذا الايمان العملي لا يفعل في النفس الانسانية الا بالموعظة لانها هي المحفز لروح صافية وعقل صافي .
تعريف الموعظة : هي تذكير الانسان بالله ، التذكير المقترن برقة القلب . التذكير : يحرك العقل ( ينبه من الغفلة ) = عقل صافي رقة القلب : يحرك الروح ( يلامس الروح ) = روح صافية .
والقران الكريم موعظة الله تعالى للانسان (( يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )) الاية الكريمة تقول الامور الثلاثة التي يبحث عنها الانسان في الموعظة الالهية 1- (( شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ )) تحصيل الطمأنية من القلق 2- (( وَ هُدىً )) تحصيل جواب من اين وفي اين والى اين 3- (( وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )) تحصيل الاستقرار من التزلزل والتردد بين الحق والباطل
شاهد من الواعظ القرآنية في آيتين: (( وصف الدنيا )) هذه الدنيا مسرح كبير للتناقضات فيها الفرح والحزن - اللقاء والفراق - الربح والخسارة - النجاح والفشل - الصحة والمرض - الحضر والسفر - السلام والحرب - التقدم والتراجع في خضم هذه التناقضات الانسان يبذل كل ما بوسعه للهيمنة والرئاسة على ما يمكنه من مناصب ولذات وضمانات للسعادة في هذه الدنيا . يأتي القران بموعظة ولا اروع ولا اجمل ولا ادق يقول للانسان كل هذه الدنيا وسعيك لها ماهي الا (( متاع الغرور )) (( وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور )) ، لماذا (( متاع )) و (( غرور )) اي يا انسان انك من بعيد تبدو لك اللذات المادية وگانها خالصة من كل شائبة وخاية من كل ما يكدرها ، ولكن بمجرد ان تقترب منها تجدها ممزوجة بكل الوان العناء والعذاب فلا تنخدع لابسط سبب وهو انك وان حصلت على كل ما تحب من لذات تذكر انك مفارقها (( كل نفس ذائقة الموت )) . فلا الدنيا بباقية لحيٍ ولا حيٍ على الدنيا بباقِ
ها هو الحسين (ع) في كل سكناته وحركاته موعظة للناس ، وقد صرح بهذا يوم العاشر من المحرم (( أيّها الناس اسمعوا قولي، ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حق لكم عليَّ )). فكان (ع) واعظا لاصحابه وحتى لاعداءه على حد سواء لانه وارث جده محمد (ص) (( وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ ))
شاهد : لقاء الامام (ع) مع عمر بن سعد
عند اللقاء قال له الامام (ع) واعظا له : ويحك أما تتقي الله الذي إليه معادك؟ أتقاتلني وأنا ابن من علمت؟ يا هذا ذر هؤلاء القوم وكن معي، فإنه أقرب لك من الله . فقال له عمر: أخاف أن تهدم داري. فقال الحسين (ع): أنا أبنيها لك . فقال عمر: أخاف أن تؤخذ ضيعتي. فقال (ع): أنا أخلف عليك خيرا منها من مالي بالحجاز . فقال: لي عيال أخاف عليهم. فقال: أنا أضمن سلامتهم. ثم سكت - عمر بن سعد - فلم يجبه عن ذلك، فانصرف عنه الحسين (ع)وهو يقول: مالك، ذبحك الله على فراشك سريعا عاجلا، ولا غفر لك يوم حشرك ونشرك، فوالله إني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق إلا يسيرا . فقال له عمر - مستهزئا -: يا أبا عبد الله في الشعير عوض عن البر، ثم رجع عمر إلى معسكره.
شاهد : الحسين (ع) موعظة الى آخر لحظة
برير بن خضير قال للامام الحسين :يا ابن رسول الله ائذن لي أن آتي عمر بن سعد فأعظه لعله يتعظ ويرتدع عما هو عليه. فقال الحسين: (ذاك إليك يا برير) فذهب إليه حتى دخل على خيمته فجلس ولم يسلم فغضب عمر وقال : (يا أخا همدان ما منعك من السلام عليَّ ألست مسلماً أعرف الله ورسوله, وأشهد بشهادة الحق)؟
السيادة بين القران والحسين (ع) جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة :( أَنْتُمُ الصراط الْأَقْوَمُ ) أولا : القران الكريم سيد الكلام جاء في تفسير مجمع البيان للطبرسي (رحمه الله) ان القران سيد الكلام ، ونحن نقف على جهتين من سيادة القران الكريم على الكلام. أ- سيادته على الكتب السماوية فقد ورد عن الامام السجاد (ع) في دعاء ختم القران : (( اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعَنْتَنِي عَلَى خَتْمِ كِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ نُوراً ، وَ جَعَلْتَهُ مُهَيْمِناً عَلَى كُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ ، وَ فَضَّلْتَهُ عَلَى كُلِّ حَدِيثٍ قَصَصْتَهُ )) (( مهيمنا )) : اي انه شاهدا ورقيبا وحافظا ، حيث يعرض عليه مطالب الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل ، فما صدقه القران كان صحيحا وما كذبه كان محرفا ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ) ب- سيادته على كلام العرب التاريخ لا يرتاب بل يقطع ان العرب العرباء (الصُّرحاءُ الخُلَّص الذين تكلَّموا بلسان يعرُب بن قحْطان) ، قد بلغوا من البلاغة في الكلام ما لم تبلغه الامم السابقة لهم واللاحقة . من مميزات كلام العرب: 1- كمال البيان 2- جزالة النظم (متانه وعذوبه في الفم ولذة في السمع) 3- وفاء اللفظ 4- رعاية المقام 5- سهولة النطق شاهد : ابيات للسموأل شاعر جاهلي حكيم كان له حصن يسمى الأبلق . تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ وَما ضَرَّنا أَنّاقَليلٌ وجارُنا عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ نتيجة : وصل العرب الى قدرة لا تضاهيها ولا تدانيها قدرة في البلاغة والبيان وسرعة البديهة ، ومع كل هذه الإمكانات تحداهم القران خلال ٢٣ سنة ، تحداهم بكلام : إيجاز - بلاغة ، بيان - فصاحة ، لسان عربي فصيح ، ليس شعرا ولا نثرا ، يفهمه العرب ، وهو خارج عن مألوفهم. ومع شدة حاجتهم لمعارضته ورغم قوة إمكاناتهم تعذر عليهم معارضة القران ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) شاهد : القصاص بين كلام العرب والقران الكريم القران : ( وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) العرب : ( القتل انفى للقتل ) 1- ليس في الآية اي تكرار 1- في العبارة تكرار القتل مرتين 2- ألفاظ الآية تعكس روح الإسلام السلمية 2- العبارة تنضح بالدم 3- الآية تقرر الحياة في القصاص لأنه ردع عن القتل وصيانة للأرواح فهي تامة الفائدة ولولي الدم : أ- القصاص ب- او الدية اذا وافقوا عليها
3- العبارة ليست تامة لانه ليس كل قتل نافيا للقتل الا اذا كان قصاصا ، لانه شاع بين القبائل العربية انتقام واحدة من اخرى دون حدود ، فقد يُقتل رجل فتهدد قبيلته كل رجال قبيلة القاتل.
ثانيا : الحسين (ع) سيد الشهداء الشهيد : هو من يقتل من المسلمين على يد الكفار في المعركة دفاعا عن الاسلام . وسمي شهيدا : أ- لان ملائكة الرحمة شهدت غسله او شهدت نقل روحه الى الجنة. ب- او لان الله شهد له بالجنة. وهذه الكلمة بهذا المعنى منطبقة على الحسين (ع) تمام الانطباق ، فلا شك ولا ريب انه قتل في سبيل الله صابرا محتسبا مسلما أمره كله لله تعالى غير ناظر إلى نفسه طرفة عين أبدا . شاهد : الخوارزمي الحسين (ع) عند وداعه قبر جده (ص) بعد ان قدم شكواه لجده (ص) من هذه الامة سال الله بحق هذا القبر وقال (إلا ما اخترت لي ما هو لك رضى ولرسولك رضى) ولم يلتفت لنفسه وسلامتها ، فقط وفقط رضى الله تبارك وتعالى . س : نعم شهيد ولكن لماذا سيد الشهداء وهذا لقب لحمزة بن عبد المطلب من قبله ؟ ج : لان حمزة (ع) سيد شهداء عصره اما الحسين (ع) سيد الشهداء من الأولين والآخرين لان الحسين (ع) وكل ما يتعلق بشهادته وتضحيته له شأن خاص متفرد وهذا ما اقره الإمام الحسن المجتبى (ع) ( لا يوم كيومك يا ابا عبد الله ) لا مصيبة كمصيبتك - لا غربة كغربتك لا عطش كعطشك - لا عيال كعيالك لا أهل بيت كاهل بيتك - لا أصحاب كأصحابك لا خيام كخيامك - لا سبايا كسباياك
إضافة الى ذلك ان لقب سيد الشهداء نص عليه كل من : 1- رسول الله (ص) في الحديث القدسي ( أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين في الدنيا والآخرة ) 2- الامام الصادق (ع) حيث نقل أن امرأة عراقيّة تسمى أمّ سعيد الأحمسيّة والتي كانت من صحابيات الإمام الصادق (ع) أرادت أن تزور الشهداء في المدينة فقال لها الإمام: «ما أعجبكم يا أهل العراق تأتون الشهداء من سفر بعيد، وتتركون سيّد الشهداء لا تأتونه»، فسألت المرأة من هو سيد الشهداء؟ فقال (ع) هو الحسين بن علي (ع). كامل الزيارات
دورة الخطابة الحسينية (المستوى الاول) pinned «اعلان مهم جدا الاحبة الذين كتبوا تم للاشتراك لدورة الفقه المبسط نطلب منهم فضلا ليس امرا التعليق بتم هنا ليتسنى لنا اضافتهم لقناة دورة الفقه ونحن بخدمتكم المباشرة ان شاء الله ١ / ربيع الاول الاعلان هذا ما راح انشر غيره لحين ابتداء الدورة ان شاء…»
هذه لمحة لجزئيّة صغيرة تحكي جانباً واحداً لشخص واحد في حقبة ما يسميه عشاق الظلم والجهل وقمع الناس وترويع الآمنين ومنع زوّار #الأربعين بالزمن الجميل أو "جيل الطيبين" أو زمن "الهيبة والسيادة".