🌾 زادُ المُبَـلّـغـيـن 🌾

#روح_العبادة
Канал
Логотип телеграм канала 🌾 زادُ المُبَـلّـغـيـن 🌾
@ZADCOMПродвигать
2,93 тыс.
подписчиков
17 тыс.
фото
1,15 тыс.
видео
5,26 тыс.
ссылок
للمحاضرات ومجالس السيرة الحسينية والمواعظ المفيدة تفضلوا بزيارة قناتنا الأولى المخصصة للأشعار ☀ منبريّون حسينيّون ☀ @MINBARIYOON للتواصل: @MINBARIYOON3bot
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الثامن

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸فضل صلاة الليل وآثارها:
ولصلاة الليل من الفضل والآثار المعنوية والمادية ما لا يمكن الإحاطة به، فهي من روح الله تعالى وتجلب رضاه وتستمطر رحمته وهي تمسّكٌ بأخلاق النبيين وهي شرف المؤمن، وهي المانعة من نزول العذاب وهي النور والأنيس في القبر، كما أنها تنفي السيئات، وتذهب بما عمل من ذنب بالنهار.. وغير ذلك مما روي من قبيل أنَّها تدرّ الأرزاق، وتذهب بالهمّ وتقضي الدين، وتبيّض الوجه وتحسّن الخلق والأخلاق وتبعد الداء من الأجساد وتصحّح البدن وتجلو البصر وتطيّب الريح...

روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "صلاة الليل مرضاة الرب، وحب الملائكة، وسنَّة الأنبياء، ونور المعرفة، وأصل الإيمان، وراحة الأبدان، وكراهية الشيطان، وسلاح على الأعداء، وإجابة الدعاء، وقبول الأعمال، وبركة في الرزق، وشفيع بين صاحبها وملك الموت، وسراج في قبره، وفراش تحت جنبه، وجواب مع منكر ونكير، ومونس وزائر في قبره إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة كانت الصلاة ظلاً فوقه، وتاجاً على رأسه، ولباساً على بدنه، ونوراً يسعى بين يديه، وستراً بينه وبين النار، وحجّة للمؤمن بين يدي الله تعالى، وثقلاً في الميزان، وجوازاً على الصراط، ومفتاحاً للجنة، لأن الصلاة تكبير، وتحميد، وتسبيح، وتمجيد، وتقديس، وتعظيم، وقراءة دعاء، وإن أفضل الأعمال كلّها الصلاة لوقتها" [41].

عن الإمام علي عليه السلام قال: "قيام الليل مصحّة البدن، ورضا الرب، وتمسّك بأخلاق النبيين، وتعرّض لرحمته" [42].

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "كذب من زعم أنه يصلّي صلاة الليل وهو يجوع، إن صلاة الليل تضمن رزق النهار" [43].

وعنه عليه السلام قال: "صلاة الليل تحسّن الوجه، وتحسّن الخلق، وتطيّب الريح، وتدرُّ الرزق، وتقضي الدين، وتُذهب بالهمّ، وتجلو البصر" [44].

وعنه عليه السلام أيضا قال: "إنّ في اللّيل لساعة ما يُوافقها عبد مسلم يصلّي ويدعو الله فيها إلّا استجيب له في كلّ ليلة قلت أصلحك الله فأيّ ساعة هي من اللّيل قال إذا مضى نصف اللّيل في السّدس الأوّل من النّصف الباقي" [45].


🔸أسباب الحرمان من صلاة الليل:
إن كثيرين يحبون أن ينالوا شرف قيام الليل وأداء هذه النافلة المباركة ويتشوقون إلى ذلك، لكن سرعان ما تراهم لا يبادرون إلى ما أحبّوه، ويبقى هذا الحب في عالم النفس وحديثها دون أن يترجم بالفعل والخارج فكأن شيئاً حال بينهم وبين تحقيق مطلوبهم ولقاء محبوبهم، فما هو ذلك الشي‏ء الذي أوجد حاجزاً أو شكّل مانعاً؟

▪️والجواب: أنه ليس أمراً واحداً وإنما جملة من الأمور لكنها تنتمي إلى أصل واحد يسمّى الذنب على اختلاف أنواعه وأشكاله.

يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إن الرجل يذنب فيحرم صلاة الليل وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم" [46].

وفي حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام لرجل شكى من حرمانه صلاة الليل: "أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك" [47]. 

وفي حديث آخر: "إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل فإذا حُرِم صلاة اللّيل حرم بها الرزق" [48].

ومن الموانع رذيلة العجب، فإن الإنسان إذا قدر على التخلص من سائر الذنوب وبقيت له آفة العجب والرضا عن النفس فهي كافية للحؤول بينه وبين التوفيق للتهجد والقيام بالليل.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: "إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده ولذيذ وساده فيتهجّد لي الليالي، فيتعب نفسه في عبادتي فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني له وإبقاءً عليه فينام حتى يصبح فيقرأه وهو ماقت لنفسه، زار عليها، ولو أخلي بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله من ذلك العجب، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله ورضاه عن نفسه عند حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرّب إليّ" [49].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[41]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج84، ص 161.
[42]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص150.
[43]. م. ن، ص158.
[44]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج59، ص268.
[45]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص447.
[46]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص272.
[47]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص450.
[48]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص160.
[49]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص60.

🔻 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها [5-5].
👁 #تم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الثامن

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸أهمية صلاة الليل:
صلاة الليل من أهم النوافل التي لها أثر كبير في نيل مقام القرب الإلهيّ وتزكية النفس، فقد أمر تعالى بها نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ووعده عليها بالمقام الرفيع قال تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا ﴾ [32].

وقال تعالى في وصف المؤمنين: ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمۡ عَنِ ٱلۡمَضَاجِعِ يَدۡعُونَ رَبَّهُمۡ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ١٦ فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٌ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴾ [33].

وبهذه الصلاة أوصى الأنبياء والملائكة، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما زال جبرئيل يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا" [34].

وفي وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام: "عليك بصلاة الليل عليك بصلاة الليل عليك بصلاة الليل..." [35].

فمن الطبيعي أن تكون شعار الأولياء ومنهاج الأصفياء وسبيل الأتقياء، فأهل الولاية المتربّون في مدرسة أهل البيت عليهم السلام هم أهل صلاة الليل والاستغفار بالأسحار.

وعن مولانا الإمام الصادق عليه السلام يقول: "شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم ويحجّون البيت ويجتنبون كل محرم" [36].

كما قال عليه السلام: "ليس من شيعتنا من لم يصلّ صلاة الليل" [37].

وقد حثَّت الروايات الشريفة على صلاة الليل، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الله جلّ جلاله أوحى إلى الدنيا أن أتعبي من خدمكِ واخدمي من رفضك، وإنَّ العبد إذا تخلَّى بسيده في جوف الليل المظلم، وناجاه أثبت الله النور في قلبه، فإذا قال يا رب! يا رب! ناداه الجليل جلّ جلاله: لبيك عبدي، سلني أعطك، وتوكَّل عليّ أكفك، ثمَّ يقول جل جلاله لملائكته: ملائكتي انظروا إلى عبدي فقد تخلَّى في جوف هذا الليل المظلم، والبطَّالون لاهون، والغافلون ينامون، اشهدوا أني قد غفرت له" [38].

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "شرف المؤمن صلاته بالليل" [39].

قال أبو عبد الله عليه السلام: "يا سليمان!.. لا تدع قيام الليل، فإن المغبون من حرم قيام الليل" [40].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[32]. سورة الإسراء، الآية 79.
[33]. سورة السجدة، الآيتان 16 ـ 17.
[34]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص154.
[35]. الشيخ الكليني، الكافي، ج8، ص79.
[36]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص57.
[37]. م. ن، ج8، ص162.
[38]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج38، ص 99.
[39]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص 488.
[40]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج8، ص160.

🔻 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها [5-4].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الثامن

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸النوافل:
تبيّن لنا أن الصلاة هي أفضل وسيلة للسير والسلوك والتقرّب إلى الله سبحانه، والصلوات تقسم إلى قسمين: واجبة، ومستحبة، فالصلوات الواجبة أو الفرائض هي من قبيل: الصلوات اليومية، وصلاة الآيات، وصلاة الميت، وصلاة الطواف الواجب..

وأمَّا الصلوات المستحبة أو النوافل فكثيرة، وأهمّها وأفضلها: الرواتب اليومية، وهي أربع وثلاثون ركعة على الشكل التالي: نافلة الظهر ثماني ركعات قبل فريضة الظهر، نافلة العصر ثماني ركعات قبل فريضة العصر، نافلة المغرب أربع ركعات بعد فريضة المغرب، نافلة العشاء ركعتان من جلوس تعدّان ركعة واحدة وتسمّى الوتيرة، ونافلة الصبح ركعتان قبل فريضة الصبح، ونافلة الليل إحدى عشر ركعة وغيرها...


🔸أهمية النوافل:
عن الفضيل: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَٰتِهِمۡ يُحَافِظُونَ ﴾ [22]، قال عليه السلام: "هي الفريضة"، قلت: ﴿ ٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ دَآئِمُونَ ﴾ [23] قال: "هي النافلة" [24].

وقد ورد التأكيد في الأحاديث الشريفة على أداء النوافل اليومية، وأنَّها مكمّلة للصلوات الواجبة، وأنَّ لها ثواباً وآثاراً في الدنيا والآخرة.

قال تعالى:﴿ وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦنَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا ﴾ [25].

إنّ من الأخطار الجسيمة على مستوى تربية النفس وتزكيتها أن لا يعي الإنسان أهميّة النوافل والمستحبّات في حياته فيتغافل عنها بحجة أنّها غير واجبة وأنّ الأمور المستحبّة تحتاج لوقتٍ وفراغٍ وأنّ هناك أموراً أهمّ من الانشغال بالنوافل، فهذا المنطق يحرم أصحابه من بركاتها العظيمة وآثارها التي لا تعدّ ولا تحصى، والتي يسّرها الله للإنسان، وفتح له من خلالها أسباب قوّة الإيمان ومنعته وانعكاسات التجلّيات الإلهيّة الحقّة في قلبه، وصولاً إلى إدراك الحقائق والمعاني السامية للعبادة.

إن ضرورة تقديم الفرائض على النوافل في معراج الكمال والسير نحو الله تعالى أمرٌ لا نقاش فيه، بل ورد في الرواية رفض النوافل إذا أضرّت بالفرائض كما روي عن الإمام عليّ عليه السلام: "إذا أضرّت النوافل بالفرائض فارفضوها" [26].

ولكن هذا لا يعني مطلقاً ترك النوافل وحرمان النفس من بركاتها وفوائدها الجمّة.
وعلى المرء أن يترصّد قلبه دائماً ولا يضيّع فرصة إقباله.

ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ للقلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فتنفّلوا، وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة" [27].


🔸آثار النوافل وفوائدها:
أما فوائد النوافل وآثارها فكثيرة نذكر منها ما يلي:

🔻1. قربان يتقرّب به المؤمن إلى الله تعالى:
فالله لم يفرضها ولكن المؤمن يؤديّها عن محبةٍ وشوق وفي ذلك تعبير عن رغبته الصادقة بعبادة الله والتقرّب إليه.

عن أبي الحسن عليه السلام قال: "صلاة النوافل قربان كل مؤمن" [28].

🔻2. تجبر الفرائض:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ العبد لترفع له من صلاته نصفها أو ربعها أو خمسها، وما يرفع له إلَّا ما أقبل عليه منها بقلبه، وإنَّما أمرنا بالنوافل ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة" [29].

🔻3. سبب محبة الله للعبد:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "قال الله تعالى ما تحبَّب إلي عبدي بشيء، أحب إلي مما افترضته عليه، وإنَّه يتحبب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، إذا دعاني أجبته، وإذا سألني أعطيته" [30].

فالنافلة وسيلة اتصال دائم بالله تعالى يعيش معها العبد المؤمن أجمل لحظات القرب من الله فيفيض عليه تعالى من فضله وكرمه ما يعجز المرء عن وصفه.

🔻4. محو السيئات:
عن الإمام الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِۚ ﴾ قال: "صلاة المؤمن باللّيل تذهب بما عمل من ذنب بالنّهار" [31].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[22]. سورة المؤمنون، الآية 9.
[23]. سورة المعارج، الآية 23.
[24]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص269.
[25]. سورة الإسراء، الآية 79.
[26]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص28.
[27]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص454.
[28]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص73.
[29]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج81، 238.
[30]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص352.
[31]. م.ن، ج3، ص266.

🔻 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها [5-3].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الثامن

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸فضل وأهمية الصلاة في القرآن والسنة:
نستشفّ من الآيات القرآنية الكريمة ومن الأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة أهميةً وفضلاً ومقاماً عظيماً للصلاة، نورد هنا بعض النماذج:

🔻1. الصلاة أفضل وسيلة لذكر الله تعالى:
إذ يشير الله سبحانه في الآية الكريمة: ﴿ إِنَّنِيٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ﴾ [9.

إلى واحدة من أهم أسرار الصلاة، وهي أن الإنسان يحتاج في حياته في هذا العالم، إلى عمل يذكره بالله والقيامة ودعوة الأنبياء وهدف الخلق في فترات زمنية مختلفة، كي يحفظه من الغرق في دوامة الغفلة والجهل، وتقوم الصلاة بهذه الوظيفة المهمة.

فمع توزع الصلوات الواجبة على أوقات اليوم المختلفة فإن العبد يغسل بها غبار الغفلة الذي استقرّ على قلبه.

ومن هنا يقول الله سبحانه لنبيّه موسى عليه السلام في أول الأوامر في بداية الوحي: ﴿ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ﴾، وفي آيات أخرى نقرأ: ﴿ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ ﴾ [10] و﴿ يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ٢٧ ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ ٢٨ فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي ٢٩ وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي ﴾ [11].

فإذا جعلنا هذه الآيات الثلاث جنباً إلى جنب فسنفهم جيداً أن الصلاة تذكر الإنسان بالله، وذكر الله يجعل نفسه مطمئنة، ونفسه المطمئنة ستوصله إلى مقام العباد المخلصين والجنة الخالدة.

🔻2. للصلاة صورة ملكوتية:
عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "من صلّى الصلوات المفروضات في أول وقتها وأقام حدودها رفعها الملك إلى السماء بيضاء نقيّة، تقول: حفظك الله كما حفظتني استودعتني ملكاً كريماً. ومن صلاّها بعد وقتها من غير علّةٍ ولم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة، وهي تهتف به: ضيّعك الله كما ضيّعتني، ولا رعاك الله كما لم ترعني" [12].

من هنا يتبيّن أن للصلاة حقيقة، وهي تدعو للمصلي إذا أتى بها في أول وقتها ولاحظ آدابها، وإذا لم يصلّ الصلاة لوقتها ترتفع سوداء وهي تدعو عليه.

🔻3. الصلاة أحب الأعمال إلى الله تعالى:
عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرّب به العباد إلى ربّهم وأحبّ ذلك إلى الله عزّ وجلّ ما هو؟
فقال: "ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة ألا ترى أنّ العبد الصّالح عيسى ابن مريم عليه السلام قال ﴿ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا ﴾ [13].

وعن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً قال: "أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ الصّلاة وهي آخر وصايا الأنبياء" [14].

🔻4. الصلاة أوثق سبب لقرب العبد من الله:
عن الإمام الرِّضَا عليه السلام: "أقرب ما يكون العبد من الله عزّ وجلّ وهوَ ساجد وذلك قوله عزّ وجلّ ﴿ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب ﴾[15] "‏ [16]، وعنه عليه السلام أيضاً قال: "الصّلاة قربان كلّ تقيّ" [17].

🔻5. الصلاة سبب مغفرة الذنوب:
عن الإمام الصادق عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ ٱلۡحَسَنَٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّ‍َٔاتِۚ ﴾ [18] قال: "صلاة المؤمن باللّيل تَذهَب بما عمل من ذنب بالنّهار" [19].

وعنه عليه السلام قال: "من صلّى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله ذنب" [20].

🔻6. للمصلي مقام عظيم:
يقول الإمام الباقر عليه السلام: "للمصلّي ثلاث خصال: إذا هو قام في صلاته حفّت به الملائكة من قدميه إلى عنان السماء، ويتناثر البرّ عليه من عنان السماء إلى مفرق رأسه، وملكٌ موكّلٌ به ينادي لو يعلم المصلّي من يناجي ما انفتل" [21].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[9]. سورة طه، الآية 14.
[10]. سورة الرعد، الآية 28.
[11]. سورة الفجر، الآيات 27 - 30.
[12]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص123.
[13]. الشيخ الكليني، الكافي ج 3، ص 264.
[14]. م. ن.
[15]. سورة العلق، الآية 19.
[16]. م.ن، ج 3، ص 265.
[17]. م. ن.
[18]. سورة هود، الآية 114.
[19]. الشيخ الكليني، الكافي، ج 3، ص 266.
[20]. م. ن.
[21]. الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص210.

🔻 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها [5-2].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الثامن

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها
ــــــــــــــــــــــــــــــ

عن الإمام الصادق عليه السلام: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة فإذا قُبلت قُبل منه سائر عمله، وإذا ردّت عليه ردّ عليه سائر عمله، فإذا صلّيت فأقبل بقلبك إلى الله عزّ وجلّ، فإنه ليس من عبد مؤمن يقبل بقلبه على الله عز وجل في صلاته ودعائه، إلا أقبل الله عليه بقلوب المؤمنين إليه وأيده مع مودّتهم إيّاه بالجنة" [1].

لا يخفى سبب اختيار الصلاة من بين العبادات لاستهلال بياننا للأعمال العبادية وحقائقها وآدابها بها، فإن الصلاة هي عمود الدين، إن قُبلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت ردّ ما سواها كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ عمود الدين الصّلاة وهي أوَل ما يُنظَر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نُظِرَ في عمله وإن لم تَصِحَّ لم يُنظَر في بقيّة عمله" [2].

الصلاة عمود الدين بمعنى أنها قوامه، وموضعها من الدين كموضع الرأس من الجسد. وهي أفضل الأعمال وأحبّها إلى الله سبحانه، وأفضل ما توسّل به المتوسّلون للتقرّب إليه، وهي معراج المؤمنين والعارفين وسفر العاشقين.

والصلاة أوّل ما افترض الله سبحانه على الناس، وأول ما يجب تعلّمه من الفرائض، وأوّل ما يُنظر فيه من عمل ابن آدم، وأوّل ما يُحاسب به، وآخر وصية للرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه كان من آخر وصاياه: "الصلاة، الصلاة، الصلاة..." [3].

وللصلاة آثارها المعنوية العظيمة على الإنسان.

فهي مثل عين الماء الزلال تطهر المصلّي الذي يصلّي خمس مرات في اليوم.

فعن أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إنما مثل الصلاة فيكم كمثل السري وهو النهر على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم والليلة يغتسل منه خمس مرات فلم يبق الدرن مع الغسل خمس مرات ولم تبق الذنوب مع الصلاة خمس مرات" [4].

وليس في العبادات ما يضاهي الصلاة، فهي مرهمٌ إلهيٌ جامعٌ يتكفّل بسعادة البشر، فإن تمام الصلاة بكل ما تحويه من ذكر وركوع وسجود وتوجّه، هو إذعان بالعبودية لرب العالمين حيث يلقي المصلّي جانباً الأنانية وعبادة النفس ويسلّم كيانه بأجمعه لله تعالى، ﴿ إِنِّي وَجَّهۡتُ وَجۡهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ حَنِيفٗاۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴾ [5]، فيقف المصلّي بين يدي الله متواضعاً ويهوي برأسه إلى تراب الذل والمسكنة ويعلن التسليم الكامل والإذعان والخضوع له تعالى.

وهذه الخاصّية للصلاة هي ما يعطيها موقعها المميّز بين سائر العبادات، فالصلاة بإمكانها أن تكرّس كيان الإنسان بأسره بدءاً من البعد الظاهري أي البدني وانتهاءً بالأبعاد الباطنية كالعقلية والقلبية في ربقة العبودية، فليس من عبادة أخرى تُعنى بجميع أبعاد وجود الإنسان الظاهرية والباطنية في برنامج يومي يغطي جلّ أوقات المكلّف غيرها. ولذا فإن الصلاة هي خير وسيلةٍ تربط الإنسان بربّه، وهذا هو السرّ في كون الصلاة "خير العمل".

وهذه الخاصّية نفسها هي ما يجعل الصلاة أكمل وسيلة للسير والسلوك إلى الله تعالى، وأهم وسيلة لبلوغ الهدف الأعلى للإنسانية.

عن الإمام الرضا عليه السلام: "إنّما أمروا بالصلاة لأنّ في الصلاة الإقرار بالربوبية" [6].

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "العبودية جوهر [7] كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية، وما خفي من الربوبية أصيب في العبودية" [8].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[1]. الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه ج1، ص 208، تحقيق وتصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، نشر مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، ط 2، لا ت، باب الرغبة والرهبة في الصلاة، ح 626.
[2]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص34.
[3]. الشيخ الكليني، الكافي، ج7، ص51.
[4]. الصدوق، محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه‏،ج1، ص 208، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفاري، قم‏، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم‏، 1413 ه‏، ط 2.
[5]. سورة الأنعام، الآية 79.
[6]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص10.
[7]. بعض الروايات وردت بصيغة جوهر؛ العبودية جوهر كنهها الربوبية.
[8]. منسوب إلى الإمام الصادق عليه السلام، مصباح الشريعة، الباب الأول في العبودية، ص7، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1400هـ، ط1.

🔻 #حقيقة_الصلاة_وأنواعها [5-1].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السابع

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #التوسل_والزيارة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

إضافةً إلى ذلك فهناك خصوصية معنوية لزيارة مشاهد أولياء الله تعالى، فإنّ زيارة الأنبياء والأئمة والصالحين تزيد وتعمّق أواصر الارتباط بهم، وتجدّد في النفوس العلاقة بهم، وتحيي آثارهم الجليلة وفضلهم على الإنسانية، وأعمالهم الصالحة، ومكارم أخلاقهم.

وأيضاً ما يبعثه ذلك من الاقتداء التام بهم، وإحياء ذكرهم على الدوام وتقوية شعور الزائر بقربه من المزور.


▪️ويمكن اختصار فوائد الزيارة للزائر بالتالي:

🔻1. التأكيد على الايمان الراسخ بالله ورسوله واليوم الآخر وبما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

🔻2. إظهار المودة التي هي أجر الرّسالة المحمّديّة: ﴿ قُل لَّآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًا إِلَّا ٱلۡمَوَدَّةَ فِي ٱلۡقُرۡبَىٰۗ ﴾ [26]، وإبراز التكريم والتعظيم لمقامهم الشامخ ومنازلهم الرفيعة.

التخلّق والتحلّي بأخلاقهم الطيّبة تأسيّا بهم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ ﴾ [27]، ﴿ لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [28].

🔻3. الاستمداد الروحي والفكري والسلوكي من أرواحهم الطاهرة وجاههم عند الله، فإنّهم وسائط الفيض بين الخالق والخلق، وإنّهم من أتمّ مصاديق الوسيلة ﴿ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ ﴾ [29].

🔻4. نيل الشفاعة منهم في الدنيا والآخرة.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة" [30].

🔻5. طلب التوبة والاستغفار والرجوع إلى الله عند أضرحتهم المقدّسة لشرافة المكان.

🔻6. طلب الأجر والثواب والخلاص من الآثام والقبائح بزيارتهم وقصد حرمهم المقدّسة.

🔻7. زيارتهم من مصاديق التولّي والتبرّي اللذين هما من فروع الدين.


🔸الآداب المعنوية للزيارة:
كغيرها من الأعمال التي يُتقرّب بها إلى الله تعالى، فإن للزيارة سنناً وآداباً، ينبغي التزامها، والعمل بمقتضاها.

أما آدابها الظاهرية فتُطلب في الكتب الخاصّة بالأدعية والزيارات، وما يعنينا هنا هو آدابها المعنوية.

فبما أن الزيارة تمثّل تجسيداً عملياً وروحياً للرابطة بين الإنسان المؤمن والمعصومين عليهم السلام، فمن الآداب أن يعتقد الزائر أنَّه يرد بيت الإمام الذي هو من بيوت الله التي: ﴿ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ﴾ [31]، وأنّه يتحدّث في هذه الزِّيارة مع الإمام الذي يسمع كلامه ويفهمه ويردّ جوابه.

فمن الآداب استحضار معنى الزيارة وأنها وقوف بين يدي المزور كإحساس وجداني، وكذلك استشعار حياة المعصوم، لأن الاعتقاد بحياته من لوازم الاعتقاد بقربه ومنزلته من الله تعالى.

ونجد في الاستئذان للدخول إلى مشاهدهم ما يعبّر عن هذه الحقيقة: "اللّهمّ، إنّي وقفت على باب من أبواب بيوت نبيّك صلواتك عليه وآله... اللّهمّ، إنّي أعتقدُ حرمةَ صاحب هذا المشهد الشريف في غيبته، كما أعتقدها في حضرته، وأعلم أنّ رسولك وخلفاءك عليهم السلام أحياء عندك يرزقون، يرون مقامي ويسمعون كلامي ويردّون سلامي، وأنّك حجبت عن سمعي كلامهم، وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم" [32].

ومن الآداب أيضاً الإقرار بمقام المعصوم عليه السلام عند الله تعالى ومنزلته الشامخة وفضله علينا.

لأن قبول الزيارة مترتّبٌ على العرفان بحق الإمام، أي المعرفة بمنزلة الإمام عند الله تعالى ومقامه المنيع.

ورد في الزيارة: "اللهمّ، صلّ على أمير المؤمنين، عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هادياً لمن شئت من خلقك، والدليل على من بعثته برسالاتك، وديّان الدين بعدلك، وفصل قضائك بين خلقك، والمهيمن على ذلك كلّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته..." [33].

وكذلك في زيارة الإمام الحسين عليه السلام: تقول: "أتيتك زائراً، عارفاً بحقّك، موالياً لأوليائك، معادياً لأعدائك، فاشفع لي عند ربك" [34].

فلا شك أن الذي يزور الإمام وروحه تفيض من معاني التعظيم والاحترام والتقدير، تجاه المعصوم، غير ذلك الذي يزوره بروح خالية من المعاني، وما زيارته إلا عملية ميكانيكية مادية حيث دخل بدنه المشهد الشريف، فإن هذا لا يوجب القرب من المعصوم.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[26]. سورة الشورى، الآية 23.
[27]. سورة القلم، الآية 4.
[28]. سورة الأحزاب، الآية 21.
[29]. سورة المائدة، الآية 35.
[30]. الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص548.
[31]. سورة النور، الآية 36.
[32]. الشيخ الكفعمي، المصباح، ص473.
[33]. الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص573.
[34]. الشيخ المفيد، المقنعة، ص466.

🔻 #التوسل_والزيارة [4-4].
👁 #تم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السابع

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #التوسل_والزيارة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

وعن رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في حديثٍ آخر قال: "الأئمّة من ولد الحسين من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى الله عز وجل" [18].


🔸آداب التوسّل:
آداب التوسّل هي مثل آداب الدعاء لأن حقيقة التوسّل هو الدعاء الى الله تعالى بحقّ وجاه من أمرنا بالتوسّل بهم، مع فارقٍ بسيط هو استحضار علّة التوسّل بأنها استجابة لأوامر المعبود بابتغاء الوسيلة إليه وإتيانه من الباب الذي أمر أن يُؤتى منه، وكذلك استحضار عظمة ومنزلة المتوسّل بهم عند الله تعالى.

ويُضاف إلى ذلك الاعتقاد الجازم والراسخ بحياة وحضور الأفراد الذين أُمرنا بالتوسّل بهم كالنبي محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين، وبأنهم يسمعون دعاءنا وتوسّلنا بهم وبأنهم قادرون على الإجابة وعلى التشفّع لنا عند الله عزّ وجلّ.

زيارة المعصومين عليهم السلام وفضلها
إحدى الشعائر العبادية التي يتقرّب بها المؤمنون إلى الله تعالى الزيارة إلى المشاهد المقدّسة لأوليائه، وتتلخّص فلسفة زيارة المعصوم في قولٍ.

ورد عن الاِمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: "إنّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائهم وشيعتهم، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء، زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً لما رغبوا فيه، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة" [19].

فزيارتهم عليهم السلام هي نوعٌ من الاعتراف بالحق والفضل الذي لهم علينا وتجديد العهد وأداء الأمانة.

والنصوص الشريفة في فضل زيارتهم جميعاً عليهم السلام كثيرةٌ جداً نكتفي بذكر بعضها تبرّكاً:

عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السّلام فإنّه يبلغني" [20].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ من زارني في حياتي أو بعد موتي أو زارك في حياتك أو بعد موتك أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلّصه من أهوالها وشدائدها حتّى أُصَيِّرَه معي في درجتي" [21].


🔸الهدف من الزيارة:
ما هي أهمية وأهداف الزيارة؟ قبل بيان هذا الأمر نجمل الأهداف المتعلّقة بزيارة قبور المسلمين، بشكلٍ عام بما يلي:

🔻1. الخشوع وتذكّر الموت والآخرة:
وهذه أهداف لا غنى لمؤمنٍ عنها، وفي تحقّق هذه المعاني من وراء الزيارة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء أن يزور قبراً فليزره، فإنّه يُرقُّ القلب، ويُدمع العين، ويذكّر الآخرة" [22].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً قال: "زُر القبور تذكّر بها الآخرة" [23].

🔻2. الدعاء للميت:
هذا السلوك الأخلاقي الرفيع، الذي يحفظ كرامة المسلم في مجتمعه حتى بعد موته، ويربّي في المسلمين روح الإخاء والحبّ والمودّة وأداء حقوق الآخرين التي لا تنقطع برحيلهم من الدنيا.

فقد كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا دخل المقبرة قال: "عليكم السّلام يا أهل الدّيار الموحشة والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أنتم لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون‏" [24].

🔻3. أداء حقوق الموتى:
ولا شك في أنّ لبعض الموتى حقوقاً خاصةً على البعض، تتأكد معها الزيارة، مثل زيارة قبر الوالدين.

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "مَنْ زار قبر أبويه أو أحدهما كلَّ جمعةٍ غُفِر له وكتب برّاً" [25].

وكلّما تعاظمت الحقوق أصبح لهذه الزيارة شأن أكبر ومرتبة أرفع.
ولا شك في أنّ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبناء أمّته أثبت الحقوق وأعظمها، الأمر الذي يجعل قصد المؤمن لزيارته صلى الله عليه وآله وسلم من القربات المهمّة، وكذلك زيارة الأئمة الهداة من أهل بيته عليهم السلام الذين أمر بحبِّهم والاقتداء بهم.


🔸فوائد وآثار زيارة المعصومين عليهم السلام:
ذكرنا ما تحقّقه الزيارة بشكلٍ عامٍ من أهدافٍ يعود نفعها على الفرد الزائر وعلى المجتمع الذي تسود فيه هذه القربة، من خلال تحقيق فرصةٍ لا غنى عنها في إحياء القلوب بذكر الله تعالى، وبذكر الموت والآخرة، وسيادة روح احترام حقوق المؤمنين أحياءً وأمواتاً، وأدائها.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[18]. م. ن، ج36، ص244.
[19]. الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص567.
[20]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج14، ص337.
[21]. الشيخ الكليني، الكافي، ج4، ص 579.
[22]. الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج1، ص376.
[23]. م. ن، ص377.
[24]. م.ن، ج1، ص368.
[25]. م. ن، ص365.

🔻 #التوسل_والزيارة [4-3].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السابع

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #التوسل_والزيارة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

▪️ويمكن فيما يلي أن نوجز أهم الأسباب المحتِّمة للتوسّل وهي:

🔻1. الاستجابة لأمر الله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [7].

🔻2. لبيان فضل ومقام من نتوسّل بهم: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ﴾ [8].

🔻3. للحثّ على محبّة من نتوسّل بهم والتأسّي بهم وطاعتهم: ﴿ قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ﴾ [9].

🔻4. لنيل شفاعة من نتوسّل بهم والحصول على كراماتهم: ﴿ لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا ﴾ [10].

🔻5. لنيل الطهارة المعنوية والنفسية بمن نتوسّل بهم: خصوصاً عندما يرتكب الإنسان المعاصي والذنوب بحيث تشكل عائقاً أمام استجابة الدعاء.

قال الله تعالى: ﴿ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا ﴾ [11].


🔸أقسام التوسُّل:
يتعدّد التوسُّل بتعدّد الوسائل، فليس كل شيء يصلُح أن يكون وسيلةً إلى الله تعالى، وإنّما هناك وسائل أمر الشارع ببعضها وشرّع البعض الآخر على نحو الإباحة أو الاستحباب.

وهنا بعض أقسام التوسُّل بهذا الاعتبار:

🔻1. التوسُّل بالله تعالى:
الله تبارك وتعالى أقرب إلى المرء من نفسه، وأعلم به من نفسه، وأرحم به من كلّ شيء، فهو الرّحْمنُ الرَّحِيْم بل هو أرْحَمُ الرَّاحِمِيْن، والتوسُّل به تعالى إنما هو لنيل رضاه، ويعبّر هذا التوسّل عن اليقين به تعالى والوثوق به والاعتماد عليه.

وقد جاء في الدعاء المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام: "اللهم لا تبدّل اسمي ولا تغيّر جسمي ولا تجهد بلائي ولا تشمت بي أعدائي أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برحمتك من عذابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل ثناؤك أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون" [12].

🔻2. التوسُّل بأسماء الله الحسنى وصفاته جلّ جلاله:
قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ ﴾ [13]، وهو أمرٌ صريحٌ بدعاء الله تعالى والتوسّل إليه بأسمائه الحسنى.

وغالباً ما يأتي الدعاء بالأسماء الحسنى على صيغة التوسُّل والاستغاثة، وهو ما يضيف أُسلوباً جديداً من أساليب التوسُّل والاستغاثة.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لله تسعة وتسعون اسماً، من دعا الله بها استجيب له" [14].

🔻3. التوسُّل بالقرآن الكريم:
كما ورد سؤال الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، ورد أيضاً سؤاله جلّ شأنه بالقرآن الكريم، وهو كتابه المنزل وكلامه المحكم.

وفي حديث الإمام علي عليه السلام ما يبيِّن ذلك، حيث قال: "واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ... فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبِّه، ولا تسألوا به خلقه، إنّه ما توجّه العباد إلى الله تعالى بمثله" [15].

وفي الدعاء عن الإمام الصادق عليه السلام: "‏اللهمّ إنّي أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه اسمك الأكبر وأسماؤك الحسنى وما يُخاف ويُرجَى أن تجعلني من عتقائك من النّار" [16].

🔻4. التوسّل بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام:
من أقسام التوسّل، التوسُّل بالرسول وأهل البيت عليهم السلام، لما لهم عند الله من شأنٍ ومنزلة، وفي بعض المأثور عنهم عليهم السلام.

كما في هذه الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله... ونحن الوسيلة إلى الله والوُصْلة إلى رضوان الله ولنا العصمة والخلافة والهداية وفينا النبوّة والولاية والإمامة ونحن معدن الحكمة وباب الرّحمة وشجرَة العصمة ونحن كلمة التقوى والمثل الأعلى والحجّة العظمى والعروة الوثقى التي من تمسّك بها نجا" [17].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[7]. سورة المائدة، الآية 35.
[8]. سورة الإسراء، الآية 57.
[9]. سورة آل عمران، الآية 31.
[10]. سورة مريم، الآية 87.
[11]. سورة النساء، الآية 64.
[12]. الطوسي، محمد بن الحسن‏، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد ،ص830، بيروت‏، نشر مؤسسة فقه الشيعة، 1411 هـ.، ط 1‏.
[13]. سورة الأعراف، الآية 180.
[14]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج7، ص140.
[15]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج89، ص23.
[16]. م.ن، ج94، ص4.
[17]. م.ن، ج25، ص23.

🔻 #التوسل_والزيارة [4-2].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السابع

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #التوسل_والزيارة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸معنى التوسّل وحقيقته:
•قال الراغب الأصفهاني في مفرداته في مادة وسل: الوسيلة التوصّل إلى الشيء برغبة.
وحقيقة الوسيلة إلى الله مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحرّي مكارم الشريعة [1].

•في اللغة: وسّل: وسّلت إلى ربّي وسيلة، أي عملت عملاً أتقرّب به إليه، وتوسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة، أي تقرّبت إليه.

•توسَّل إلى الله بوسيلةٍ: إذا تقرّب إليه بعمل.
•ووَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلةً: إذا عمل عملاً تقرّب به إليه.
•وتوسّل إليه بكذا: تقرّب إليه بحرمةٍ تُعطفه عليه.
•والواسل الراغب إلى الله [2].

•الوسيلة: المنزلة عند الملك.
•والوسيلة: الدرجة، والقربة، والوصلة والقربى، وجمعها الوسائل [3].

وقد ورد في الدعاء: "اللَّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً الْوَسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْمَنْزِلَةَ الْكَرِيمَة" [4].

•أي القرب من الله تعالى.
•وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة.
•وقيل: هي منزلة من منازل الجنّة.

والذي يتحصّل أن التوسّل والوسيلة، هي ما يجعله العبد من الواسطة بينه وبين ربّه لأجل التوصّل بها إلى تحصيل المقصود وهو القرب منه عزّ وجلّ، أو مطلق ما يوسّطه الشخص للتقرّب به إلى الغير من عمل أو كتاب أو قرابة أو غيرها.

•في الاصطلاح: والتوسُّل إلى الله تعالى بمعناه الاصطلاحي هو أن يتقرّب العبد إلى الله تعالى بشيء يكون وسيلةً لاستجابة الدعاء ونيل المطلوب.

وهو ما جاء به قوله تعالى: ﴿ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا ﴾ [5].

فهم بعد استغفارهم يتّخذون من استغفار الرسول لهم وسيلةً لنيل توبة الله عليهم ورحمته إيّاهم.

وهذا توسُّل بدعاء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته.

قال الله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ﴾ [6].

الوسيلة ليست إلاّ توصلاً واتصالاً معنوياً بما يوصل بين العبد وربّه ويربط هذا بذاك، ولا رابط يربط العبد بربّه إلاّ ذلّة العبودية، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلى جنابه تعالى، فهذه هي الوسيلة أي الرابطة.

فابتغاء الوسيلة إذن ليست سوى التماس ما يقرّب العبد إلى ربّه استجابةً لأمره تعالى. وإن مخالفة أمره هو خروج عن العبودية.


🔸مفردات مرادفة للتوسّل:
إن توسّل العبد بالآيات الإلهيّة وتوجّهه وتشفّعه بالوسائط التي نصبها الله عزّ وجلّ من أجل قضاء حوائجه أو قبول توبته وعبادته ونيله للحظوة والقرب من الله تعالى، هو من باب الخضوع والعبودية والتوحيد الحقيقي والتام المرضيّ عند الله عزّ وجلّ كما أسلفنا.

ويوجد أكثر من مصطلح قد يكون مرادفاً للتوسُّل بهذا المعنى، منها:

🔻1. الاستشفاع: أو التشفّع، وهو اتّخاذ الشفيع إلى الله تعالى لاستجابة الدعاء ونيل القرب والرضا.

وقد كان الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبدعائه في حياته ثابتاً في سلوك المسلمين وثقافتهم، كما هو ثابتٌ أيضاً بعد وفاته، والإجماع قائمٌ على تحقّق شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم لأمّته يوم القيامة.

والشفيع بمثابة الوسيلة في الدعاء وطلب القربى.

🔻2. الاستغاثة: وهي طلب الاِغاثة من المستغاث به، إلى المغيث وهو الله تعالى.

🔻3. التوجّه: وهو التوجّه إلى الله تعالى بما له وجهٌ عنده.


🔸لماذا التوسّل؟:
إن حياة الإنسان في هذه الحياة الدنيا قائمةٌ على أساس الاستفادة من الوسائل ومن الأسباب والمسبّبات والوسائط المادية وغير المادية.

فكما أن الإنسان عند إحساسه بالعطش والجوع أو الحاجة للانتقال من مكان إلى آخر يتوسّل بالأطعمة والأشربة ووسائل النقل المختلفة.

كذلك يحتاج الإنسان أيضاً عند الإحساس بالفراغ المعنوي إلى التوسّل بالأسباب المعنوية والغيبية، التي لا انفكاك بينها وبين عالم المادة بالأصل ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وسبب هذه الغفلة شدّة الأنس بعالم المادة والانقطاع عن عالم الغيب والآخرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[1]. الراغب الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن مادة وسل، ص560 ـ 561.
[2]. ابن منظور، لسان العرب، مادة وسل.
[3]. م. ن.
[4]. الشيخ الكليني، الكافي، ج8، ص175.
[5]. سورة النساء، الآية 64.
[6]. سورة المائدة، الآية 35.

🔻 #التوسل_والزيارة [4-1].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السادس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔻خامساً: التطبيق:
تبيّن الآية المباركة: ﴿ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَٰبٌ مُّبِينٌ ١٥ يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [26]، أن تحقق الهداية القرآنية موقوفٌ على الاتّباع والعمل.

فليس القرآن مجرّد كتاب يحتوي على المعارف والمفاهيم. كما أن هدفه لم يكن تزويدنا بالمعلومات وزيادة علومنا فقط.

إن الهداية وإن كانت موقوفةً على العلم والمعرفة، لكن هناك أمرٌ آخر أكثر ضرورةً وأهميةً وهو العمل بمقتضى العلم وتطبيق ما نعرفه في حياتنا.

في الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [27].

والاستفادة الحقيقية من القرآن الكريم متوقفةٌ على هذا الآدب وهو تطبيق مضمون الآيات القرآنية بعد تعلّمها والتعرّف إليها في حياتنا اليومية.

وكيفية التطبيق تتمّ بأن يتفكّر القارئ في كلّ آيةٍ يمرّ عليها، فيستخرج مفادها العملي ويقوم بتطبيقه على نفسه. مثلاً، إذا قرأ قصة آدمعليه السلام وما جرى عليه، وفكّر في سبب مطرودية الشيطان من جناب القدس، مع تلك العبادات الطويلة والسجدات الكثيرة، وسأل نفسه لماذا أخرج الله تعالى إبليس من جوار قدسه، بعد أن كان في مجمع الملائكة. سيعلم أن كثرة العبادة لا تشفع للإنسان، وإن الصفات الإبليسية التي هي التكّبر والاستعلاء تكون سبباً للطرد والبعد.

فهذا العجب صار سبباً لحب النفس والاستكبار، وصار سبباً لعصيان الأوامر الإلهية والتمرّد على الحق تعالى.

فالتفكّر في هذه الأسئلة وغيرها يوصل القارئ إلى حقيقة أن هذا التعليم للأسماء هو التحقّق بحقيقتها التي هي كمالات وجودية واقعية، والاسم في الحقيقة ظهور الكمال الواقعي، أما ما نعبّر به عنه بالألفاظ فهو اسم الاسم.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى فيقول: ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ﴾ [28] فيؤمر به إلى النار" [29].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[26]. سورة المائدة، الآيتان 15-16.
[27]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار،ج 40، ص 128.
[28]. سورة طه، الآيتان 126-125.
[29]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص183.

🔻 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية [5-5].
👁 #تم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السادس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية
ــــــــــــــــــــــــــــــ

فمن أراد التدبّر بشكلٍ صحيحٍ عليه أن يتجسّس المقصد من الآية، ويتعرّف على ما أُريدَ منه. ويوجد سبعة مقاصد أساسية في القرآن المجيد، هي:

🔹1. الدعوة إلى معرفة الله:
كما في قوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ ﴾ [16]، ﴿ هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ ﴾ [17].

🔹2. الدعوة إلى تهذيب النفوس:
كما في قوله تعالى: ﴿ وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ﴾ [18].

🔹3. قصص الأنبياء والأولياء وكيفية تربيتهم:
كما في قوله تعالى: ﴿ نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ ﴾ [19].

🔹4. ذكر أحوال الكفار والجاحدين وعاقبتهم:
كما في قوله تعالى: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ ﴾ [20].

🔹5. بيان قوانين ظاهر الشريعة والآداب والسنن: كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ﴾ [21].

🔹6. ذكر أحوال المعاد واليوم الآخر: كما في قوله تعالى: ﴿ لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا نُزُلٗا مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۗ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّلۡأَبۡرَارِ ﴾ [22].

🔹7. الاحتجاجات الربانية على الناس: كما في قوله تعالى: ﴿ لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ ﴾ [23].


🔻رابعاً: التفكّر:
إذا تعرّف الإنسان إلى المقاصد الأساسية من القرآن، وأدرك أن كلّ مقصدٍ يريد أن يأخذ بيده إلى المقصد الأسمى والغاية القصوى، عليه أن يراعي أدباً آخر وهو التفكّر. والمقصود منه أن يبحث ويتقصّى عن المقصد من كل آيةٍ يقرؤها.

قال الله تعالى: ﴿ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [24].
في هذه الآية مدحٌ عظيمٌ للتفكّر، لأنّ غاية إنزال الكتاب السماوي العظيم قد جعلت في احتمال التفكّر. وهذا من شدّة الاعتناء به، حيث إن مجرّد احتماله صار موجباً لهذه الكرامة العظيمة.

وحيث إن مقصد القرآن، هو الهداية إلى سبل السلام والخروج من جميع مراتب الظلمات إلى عالم النور، والهداية إلى صراط مستقيم.

كما قال سبحانه: ﴿ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ١٥ يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [25].

فلا بد أن يحصّل الإنسان بالتفكّر في الآيات الشريفة مراتب السلامة، من أدناها أي للقوى الظاهرة الملكية إلى أعلاها، وهي حقيقة القلب السليم.

والتفكّر هو تجسّس البصيرة، وهي بصيرة القلب للوصول إلى المقصد، وهو السعادة المطلقة التي تحصل بالكمال العملي والعلمي، فإذا وجد القارئ المقصد، وتبصّر في تحصيله، انفتح له طريق الاستفادة من القرآن الكريم، وفتحت له أبواب رحمة الحق، فلا يصرف عمره القصير الفاني ورأس ماله على أمور ليست مقصودةً في رسالة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.

وبالنسبة لمثل هذا الشخص، يصبح التفكّر في القرآن بعد مدّةٍ أمراً عادياً، وتنفتح له طرق الاستفادة بشكلٍ لم يسبق له مثيل، وحينئذٍ يفهم معنى كون القرآن شفاءً للأمراض القلبية.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[16]. سورة النور، الآية 35.
[17]. سورة الحديد، الآية 3.
[18]. سورة الشمس، الآيات 7-10.
[19]. سورة يوسف، الآية 3.
[20]. سورة البقرة، الآية 86.
[21]. سورة البقرة، الآية 43.
[22]. سورة آل عمران، الآية 198.
[23]. سورة الأنبياء، الآية 22.
[24]. سورة النحل، الآية 44.
[25]. سورة المائدة، الآيتان 15 - 16.

🔻 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية [5-4].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السادس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية
ــــــــــــــــــــــــــــــ

إن التدبّر في نفس القرآن يبيّن فساد هذا الحجاب وخطورته. فالأنبياء العظام والأولياء الكرام ما اقتنعوا يوماً بما وصلوا إليه بالرغم من مقاماتهم الشامخة ودرجاتهم الرفيعة، وهذا سيّدهم حبيب إله العالمين يؤمر من جانب الحق: ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا ﴾ [14].

🔹2. العقائد الباطلة:
منذ صدر الإسلام وإلى يومنا هذا، والتحريفات المتعمّدة تنصبّ على كتاب الله. فالحكّام الظلمة من جهةٍ والتيارات والمذاهب المختلفة من جهةٍ أخرى قاموا بإلقاء مجموعةٍ من الآراء الفاسدة والأفكار الباطلة حول القرآن الكريم، جعلت الاستفادة المطلوبة منه بعيدة المنال، وبهذا أضحى القرآن غريباً مهجوراً.

ومن جملة ما ألقوه في هذا المجال أن معرفة الله تعالى غير متيسّرة لأحد، وأن هذه المعرفة من المستحيلات.

وعشرات الإلقاءات الأخرى التي سدّت الطريق على الإنسانية ومنعت من الاستفادة الواقعية من القرآن.

🔹3. الذنوب والمعاصي:
إن لكلّ عملٍ من الأعمال - صالحها أو سيّئها - صورة في عالم الملكوت تتناسب معه، وله صورة وانتقاش في النفس أيضاً.

فإما النورانية وإما الكدورة والظلمانية.
وعندما تصدر المعصية من الإنسان، ويتمادى في الذنوب، يتدنّس قلبه ويُظلم، ويقع بالتدريج تحت سلطة وتصرّف الشيطان.
وعندها تصبح قوى الإنسان وجوارحه، كالسمع والبصر وغيرها... تحت تصرّف هذا الخبيث، عندها سوف ينسدّ سمع الإنسان عن المعارف والمواعظ الإلهية، ولن ترى العين الآيات الباهرة بل تعمى عن الحق وآثاره.

مثلما قال تعالى: ﴿ لَهُمۡ قُلُوبٌ لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٌ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانٌ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ ﴾ [15].

إن القلب محل انعكاس أنوار القرآن. فإذا كان المحل متكدراً بظلمة الذنوب ومحجوباً بحجاب المعاصي لن يرى من القرآن سوى الألفاظ والحروف، بل قد يؤدّي ذلك إلى عدم رؤية القرآن كلياً.

🔹4. حجاب حب الدنيا:
ومن الحجب الغليظة التي هي سدٌّ منيعٌ بيننا وبين معارف القرآن ومواعظه، حب الدنيا. هذا الحب يصرف القلب عن القرآن ويجعل تمام همّته في الدنيا، فيغفل عن ذكر الله.

وكلّما ازداد التعلق بالدنيا وشؤونها ازداد حجاب القلب ضخامةً، فينسى صاحبه كل خير حقيقي وجمال معنوي ولا يرى الكمال إلاّ في الدنيا والمادة.

ولأن القرآن دعوة إلى الآخرة والكمالات المعنوية فسوف يراه مخالفاً لما يريد وسداً أمام شهواته فيعرض عنه، وهذه عاقبة الإقبال على الدنيا وزينتها.

والمهم بعد التعرّف الإجمالي على هذه الحجب الشائعة أن نكتشفها في أنفسنا ونسعى لإزالتها، لأنها ستبقى المانع الأكبر أمام سطوع أنوار القرآن في قلوبنا.

🔻ثالثاً: فهم مقاصد القرآن:
هذا الأدب عبارة عن التوجّه والتعرّف إلى مقصد الآية، ليكون هذا مقدّمة لأمر آخر وهو التدبّر. ولا شك بأن المقصد والهدف الأساسي للقرآن الكريم ولكلّ آياته هو هداية الإنسان إلى كماله الحقيقي.

هذا الهدف يتفرّع منه أهداف تكون بمنزلة المقدّمات أو الشؤونات والتفاصيل وقد وزّعت على آيات القرآن.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[14]. سورة طه، الآية 114.
[15]. سورة الأعراف، الآية 179.

🔻 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية [5-3].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السادس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية
ــــــــــــــــــــــــــــــ

إن المطلوب من قراءة القرآن الكريم ليس فقط تحريك اللسان به بل المطلوب انتقاش صورته في القلب، بما يحويه من معارف إلهية، وتثبيت الإيمان والتوحيد والأحكام والتعاليم الإلهية وتأثير الأوامر والنواهي فيه.

ولا يتحقّق هذا إلا في ظل مراعاة آداب القراءة الباطنية. فللقرآن ظاهرٌ وللتعامل معه أحكام، وله باطنٌ ولا يمكن الوصول إليه من دون مراعاة الآداب المعنوية للتعامل معه.

وفيما يلي نذكر نبذة عن أهم الآداب المعنوية لقراءة القرآن الكريم.

🔻أوّلاً: التعظيم:
التعظيم أدبٌ ينشأ من خلال إدراك عظمة شيءٍ أو شخص، ويظهر في حركات أعضاء الإنسان وأقواله وأفعاله.

وهو أمرٌ وجداني فطري مغروز في طبيعة البشر. وإن عظمة كلّ شيء في الحقيقة ترجع إلى كماله، وإلى مرتبته الوجودية.

ولأن القرآن هو الكمال الذي لا حدّ له ومظهر أسماء الله وصفاته، فإننا عاجزون عن الإحاطة به، وما ندركه فيه هو أننا لن ندركه أو نحيط بعظمته، وهذا أكبر تعظيم قلبي.

إن الله تبارك وتعالى لسعة رحمته بعباده أنزل هذا الكتاب الشريف من مقام قربه وقدسه، لتخليص المؤمنين من سجن الدنيا المظلم، وإيصالهم من حضيض النفس والضعف والحيوانية إلى أوج الكمال والقوة والإنسانية، ومن مجاورة الشيطان إلى مرافقة الملكوتيين، بل الوصول إلى مقاصد أهل الله ومطالبهم.

عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ولكنّهم لا يُبصِرون" [11].

وقد حوى هذا الكتاب الحكيم جميع مراتب العظمة الممكنة في أي كتاب، فالكاتب أو المنزل هو الله سبحانه، جامع كلّ صفات الجمال والجلال على الإطلاق الذي عجزت العقول عن إدراك كنه عظمته، فلا يمكن الإشارة إليه بعينٍ أو اسمٍ أو رسمٍ لأنه أكبر من أن يوصف.

وحامله هو جبرائيل أمين الوحي وملك الملائكة وهو عند ذي العرش مكين.

أما شارحه ومبيّنه فهو الرسول الأعظم صاحب المقام الأكرم أعظم خلق الله وأفضل أنبيائه ورسله، وخلفاؤه العظام أصحاب السرّ المكنون والمقام المصون الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. أما وقت تنزيله فهو ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر.

إن كلّ كلامٍ يستبطن روح متكلّمه.

والهدف من القراءة، الانتقال من ظاهر القرآن إلى باطنه ومن باطنه إلى الباطن الذي يليه حتى الوصول إلى معدن العظمة بخرق جميع الحجب. ولا يمكن أن يحصل هذا الانتقال في قراءة القرآن إلّا مع استحضار عظمة المتكلّم والحضور عنده.

🔻ثانياً: رفع الموانع وإزالة الحجب:
إذا علمنا أن التمسّك بالقرآن تكليفٌ أساسيٌّ، وأردنا البدء بأداء هذا التكليف، سنجد أحياناً أن بيننا وبينه حجاباً غليظاً ومانعاً نفسياً كبيراً يسدّ علينا طريق الإقبال عليه أو تحصيل الفوائد الموعودة منه. ففي الكتاب الإلهي وعدُ الله بالرحمة المطلقة والهداية الشاملة لكل من تمسّك به: ﴿ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ١٥ يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [12]، فلماذا لا نلحظ هذه الآثار التي وعدنا الله بها في أنفسنا عندما نقرأ القرآن؟

إن المشكلة ترجع إلى تقصيرنا ونقصاننا. فالله تعالى يقول ﴿ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ ﴾ وهو شرطٌ لتلك الهداية العظيمة التي ستنتهي إلى الله: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ [13].

ونحن لم نراعِ شروطه التي تتطلّب منا الطهارة المعنوية: طهارة الضمير والفكر والقلب، فكلّ دنسٍ أو رجسٍ في الباطن مانعٌ من عبور نور القرآن إلى الباطن، وأهم الحجب التي تلوّث باطن الإنسان، وتمنعه من تحصيل الاستفادة هي:

🔹1. رؤية النفس مستغنية:
وهذا الحجاب ينشأ من تسويلات إبليس ومكائده الكبرى، حيث يزيّن للإنسان دائماً الكمالات الموهومة، ويقنعه بها حتى يسقط القرآن الكريم من اهتماماته وأولوياته وبالتالي يسقط من عينه الكمال الحقيقي وسبل تحصيله. فمثلاً، يقنع أهل التجويد بعلمهم إلى حد أنه تسقط من أعينهم جميع الأبعاد الأخرى للقرآن.

أو أنه يرضي أصحاب الأدب بما عندهم، أو أن يشغل أهل التفاسير المتعارفة بوجوه القراءات والآراء المختلفة لعلماء اللغة، بل إنه يمكن أن يحبس الفيلسوف في حجاب غليظ من المصطلحات والمفاهيم أيضاً على حساب معارف القرآن وحقائقه وهكذا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[11]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج89، ص107.
[12]. سورة المائدة، الآيتان 15 ـ 16.
[13]. سورة هود، الآية 56.

🔻 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية [5-2].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_السادس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية
ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸دور القرآن في تحقيق العبودية:
قال الله تعالى في الذكر الحكيم: ﴿ وَهَٰذَا كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ مُبَارَكٞ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [1].

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "أَفْضَلُ عِبَادَةِ أُمَّتِي بَعْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الدُّعَاء" [2].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين المشهور قال: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ" [3].

نلحظ في هذه النصوص المباركة موقعاً متقدّماً للقرآن الكريم بين العبادات والتكاليف التي أمرنا الله تعالى ورسوله بها، حيث اعتُبِرت قراءة القرآن الكريم أفضل العبادات، وأُمِرنا باتّباعه، وجُعِل التمسّك به الى جانب التمسّك بأهل البيت عليهم السلام تكليفاً أساسياً لا غنى عنه لمن يريد الهداية والابتعاد عن الضلالة.

فالقرآن الكريم هو خطاب الرب الى العبد وكلام الخالق مع المخلوق، وقد أودع فيه سبحانه وتعالى شريعته وحقائق دينه وأنزله للناس هادياً وسراجاً منيراً، وأمر نبيّه والأوصياء من بعده أن يفسّروا آياته ويبيّنوا تعاليمه. فهو كلمة الله التامّة وإرادته الكاملة للبشرية في كل زمانٍ ومكانٍ.

وهو كتاب الهداية الأوحد الذي يهدي إلى صراط الله المستقيم: ﴿ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ [4].

يقول الإمام الخميني قدس سره: "وهذا الكتاب الشريف هو الكتاب الوحيد في السلوك إلى الله، والكتاب الأحدي في تهذيب النفوس وفي الآداب والسنن الإلهية، وهو أعظم وسيلة للربط بين الخالق والمخلوق" [5].

وهو الحبل الممدود بين الله وعباده، فمن أراد تحقق العبودية في وجوده فإن القرآن هو الوسيلة وهو الغاية في آنٍ معاً:

هو الوسيلة لأنه دلّنا إلى سبيل العبودية لله تعالى وهو مظهر هداية الله التامة، فإن كانت العبودية تعني التعلُّق بالمولى وإرادته ففي القرآن الكريم كلّ ما يتعلّق بمراد المولى من عبده في هذه الحياة: ﴿ وَنَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ تِبۡيَٰنٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ [6].

وإن جميع مقاصد القرآن، مثل الدعوة إلى معرفة الله وإلى تهذيب النفوس وبيان قوانين ظاهر الشريعة والآداب والسنن، غايتها النهائية تحقيق العبودية في وجود الإنسان على الصعيدين الاجتماعي والفردي.

وإن امتثالنا لأوامر الله ورسوله بالتمسّك بالقرآن الكريم واتّباعه هو إذعانٌ لله وخضوعٌ له وهذا تجسيدٌ للعبودية له تعالى.

ومن جهةٍ أخرى هو غاية لأنه حوى جميع مراتب الكمال والغنى الذي لا حد له، فهو صراط العروج في مراتب الكمال لأنه الغنى الذي لا غنى دونه ولا بعده، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "القرآن غنى لا غنى دونه ولا فقر بعده" [7].

وكلّ آيةٍ فيه تمثّل درجةً من درجات الجنة التي حوت كلّ كمال.

فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا جاء يوم الحساب قيل لقارئ القرآن: اقرأ وارقَ. فلا يكون في الجنة من الدرجات إلا بعدد آيات القرآن الكريم" [8].


🔸الآداب المعنوية لقراءة القرآن الكريم:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تعلّموا القرآن واقرأوه واعلموا أنه كائنٌ لكم ذكراً وذخراً، وكائنٌ عليكم وزراً..." [9].

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكَر الله عزَ وجلّ فيه تَكثُر بركته وتَحضُره الملائكة وتهجره الشّياطين ويُضي‏ء لأَهل السّماء كما تُضي‏ء الكواكب لأهل الأرض، وإنّ البيت الّذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزَ وجلّ فيه تَقلّ بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشّياطين" [10].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[1]. سورة الأنعام، الآية 155.
[2]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج90، ص300.
[3]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص33.
[4]. سورة النحل، الآية 89.
[5]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الرابع: في ذكر نبذة من آداب القرءة وقطعة من أسرارها، الفصل الثالث، في بيان طريق الاستفادة من القرآن الكريم.
[6]. سورة النحل، الآية 89.
[7]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص168.
[8]. م.ن، ص224.
[9]. الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج4ن ص254.
[10]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص610.

🔻 #آداب_القرآن_الكريم_المعنوية [5-1].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الخامس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

ويمكن لنا أن نطّلع على آداب السجود في روايةٍ شريفةٍ واردةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام:

"ما خسر والله من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرّة واحدة، وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال تشبيهاً بمخادع نفسه غافلاً لاهياً عمّا أعدّه الله للساجدين من أنس العاجل وراحة الأجل.

ولا بعد عن الله أبداً من أحسن تقرّبه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء أدبه وضيّع حرمته بتعلّق قلبه بسواه في حال سجوده. فاسجد سجود متواضعٍ لله تعالى ذليلٍ علم أنه خلق من ترابٍ يطؤه الخلق وأنه اتّخذك ركب من نطفةٍ يستقذرها كلّ أحد وكوّن ولم يكن.

وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسرّ والروح فمن قرب منه بعد من غيره، ألا ترى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كل ما تراه العيون؟

كذلك أمر الباطن فمن كان قلبه متعلّقاً في صلاته بشيءٍ دون الله تعالى فهو قريب من ذلك الشيء بعيدٌ عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته.

قال عزّ وجلّ: ﴿ مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٖ مِّن قَلۡبَيۡنِ فِي جَوۡفِهِۦۚ ﴾ [19].

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: لا أطّلع على قلب عبدٍ فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي وابتغاء مرضاتي إلا تولّيت تقويمه وسياسته ومن اشتغل بغيري فهو من المستهزئين بنفسه ومكتوبٌ اسمه في ديوان الخاسرين" [20].

وقد جمع عليه السلام في هذا الحديث الشريف بين الأسرار والآداب، والتفكّر فيه يفتح للسالك إلى الله طرقاً من المعرفة ويقرع السمع بحقيقة الأنس والخلوة مع الحق وترك غير الحق.
 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[19]. سورة الأحزاب، الآية 4.
[20]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 136.
[21]. سورة الكوثر، الآية 2.
[22]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 46.
[23]. م. ن.
[24]. الإمام الخميني، الأربعون حديثاً، الحديث التاسِع والعشرون: وصيّة النبي لعليّ بخصال، فصل: في بيان سر رفع اليدين.

🔻 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية [5-5].
👁 #تم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الخامس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸أسرار السجود وآدابه:
في مقام السجود يدّعي المصلّي السالك أنه ليس في دار الوجود من موجود إلا الحق تعالى وهذا هو التوحيد الذاتي الذي يتحقق في السجود كما أشرنا، وسر ذلك يعود الى كون وضعية السجود تنفي ظهور أي شيء وحتى نفس المصلّي، ولا يبقى في المحضر إلا الله تعالى.

وعن السجود يقول الإمام الخميني قدس سره: "وهو عند أصحاب العرفان وأرباب القلوب ترك النفس وغمض العين عمّا سوى الحق، والتحقق بالمعراج اليونسي الذي حصل بالغوص في بطن الحوت بالتوجّه إلى أصله بلا رؤية الحجاب، وفي وضع الرأس على التراب إشارة إلى رؤية جمال الجميل في باطن قلب التراب وأصل عالم الطبيعة.

وآدابه القلبية عرفان حقيقة النفس وأصل جذر وجوده ووضع أم الدماغ وهي مركز سلطان النفس وعرش الروح على أدنى عتبة مقام القدس ورؤية عالم التراب عتبة لمالك الملوك.

فسرّ الوضع السجودي غمض العين عن النفس وأدب وضع الرأس على التراب إسقاط أعلى مقامات نفسه من العين ورؤيتها أقل من التراب" [16].

"...ووضع رؤساء الأعضاء الظاهرة التي هي محال الإدراك وظهور التحريك والقدرة وهي الأعضاء السبعة أو الثمانية على أرض الذلّة والمسكنة علامة التسليم التام وتقديم جميع قواه والخروج من الخطيئة الآدمية" [17].

فالسجود هو تعبيرٌ من المصلي عن تركه لرؤية نفسه وعن إغماض عينه عمّا سوى الحق تعالى، فعندما يسجد المصلّي فإنه لا يرى شيئاً حتى نفسه ويكون في وضعٍ ملائمٍ تماماً للتوجّه بكليّته إلى مالك الملوك.

فالسرّ في الوضع السجودي هو إغماض العين عن النفس، ووضع الرأس على التراب هو بحدّ ذاته إسقاطٌ لأعلى مقامات النفس وهو الرأس، ورؤيتها أقلّ من التراب.

والسرّ في وضع الأعضاء الظاهرة أي مواضع السجود - وهي محالّ الإدراك والتحريك والقدرة لدى الإنسان - على الأرض هو إعلان الذلّة والمسكنة والتسليم التام من العبد لمولاه وتقديم جميع قواه لله تعالى.

ولذلك فإن الآداب القلبية للسجود تكمن في معرفة حقيقة النفس وأصل وجود الإنسان وتذكّر نشأته بوضع الرأس على التراب الذي هو أصل الإنسان.

ومن الآداب القلبية للسجود إظهار الفقر والمتربة والمسكنة وإظهار كمال الخضوع والتذلّل والتواضع، وترك الاستكبار والعجب وإرغام الأنف عبر وضع الجبهة وهي مركز سلطان النفس وأشرف ما في الإنسان على أدنى عتبة لمالك الملوك وهي التراب [18].

فإذا قوي تذكّر هذه المعاني في القلب فإنّه ينفعل بها تدريجياً، فتحصل لديه حالةٌ هي حالة الفرار من النفس وترك رؤية النفس، ونتيجة هذه الحال حصول حالة الأنس بالله تعالى وبعبادته وتتحقّق الغاية من الصلاة المعراجية.

وينبغي أن لا يدّعي السالك هذه المعاني إن لم يكن متحققاً بها فعلاً، وإنّما عليه أن يتمسّك بعناية الحق جلّ وعلا ويسأله العفو عن تقصيره بالذلّة والمسكنة، لأن هذا المقام مقامٌ خطيرٌ جداً في نظر أرباب المعرفة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[16]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود وآدابه،الفصل الأول.
[17]. م.ن، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود،الفصل الثالث.
[18]. راجع الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب السادس في الإشارة الإجمالية إلى أسرار السجود،الفصل الثالث.

🔻 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية [5-4].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الخامس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وأدب التكبير هو أن ينظر المصلّي إلى مقام عظمة الحق فيستحضر جلاله تعالى وعزّة الربوبية وسلطنتها، وفي المقابل يديم النظر إلى ضعف العبودية وعجزها وفقرها وذلّها.

وعند ذلك يكبّر ويعني بهذا التكبير أن الحق تعالى أكبر من أن يوصف، وذلك لما أدركه من الفرق بين عزّة ربّه وذلّه.

وكلّما ازدادت معرفة المصلّي بعزّ الربوبية وما يقابلها من ذلّ العبودية، كلما كان تكبيره للحق عن التوصيف أعظم.

ويُضاف إلى هذا الأدب أدبٌ آخر يتمثّل في تنبّه المصلّي إلى أن توصيفه وتسبيحه وتقديسه للحق تعالى إنما هي امتثالٌ لأمر الله فقط، ولأنه تعالى أذن له في الوصف والعبادة، وإلا فليس من حق العبد أن يتجاسر على التلفّظ بالتوصيف والتعظيم في المحضر الربوبي لأنه ليس سوى عبد ضعيف، وفي الحقيقة لا شيء، وكلّ ما لديه فهو من المعبود العظيم الشأن.

فإذا فرغ المصلّي من التكبير وأراد أن يرِد مقام الركوع العظيم، فلا بد له من التهيّؤ لذاك المقام.

وأدب ذلك أن يرمي وراء ظهره توصيفه وتعظيمه وعبادته، ويرفع كفّيه الخاليتين باتجاه القبلة ويرِد مقام الركوع صفر اليدين وبقلبٍ مملوءٍ بالخوف والرجاء: خوف التقصير من القيام بمقام العبودية، والرجاء الواثق بالحق المقدّس حيث شرّفه وأذن له بالدخول إلى هذه المقامات التي هي لخلّص الأولياء وكمّل الأحبّاء.


🔻2. آداب الانحناء الركوعي:
يقول الإمام الخميني قدس سره: "وليعلم أن الركوع مشتمل على تسبيح الرب جلّ وعلا وتعظيمه وتحميده، فالتسبيح تنزيه عن التوصيف وتقديس عن التعريف" [12].

يشتمل الركوع على تسبيح الرب جلّ وعلا سبحان ربي وتعظيمه العظيم وتحميده وبحمده. والتسبيح تنزيهٌ عن التوصيف وتقديسٌ عن التعريف والمعرفة، ومؤدّاه أن الله تعالى منزّهٌ عن الوصف والأوصاف، وهو أكبر من أن يعرّف بتعريف ومن أن يُعرَف.

والتعظيم يعني أنه لا شبيه له تعالى فهو أعظم من كل شيء ولا يُقارن به شيء. والتحميد يعني حمده على آلائه ومواهبه ونعمه التي أفاضها.

وفي مقام الركوع يدّعي المصلّي السالك أنه ليس في دار الوجود علمٌ ولا قدرةٌ ولا حياةٌ ولا إرادة إلا من الحق تعالى وهذا هو التوحيد الصفاتي الذي يتحقّق في الركوع كما أشرنا سابقاً حيث يقرّ بأن جميع الصفات الكمالية هي للحق تعالى وحده.

يقول الإمام الخميني قدس سره: "وهذا الادّعاء عظيمٌ والمقام دقيقٌ للغاية ولا ينبغي صدور هذه الدعاوى من أمثالنا، فلا بدّ أن نتوجّه بباطن ذاتنا إلى جناب الحق المقدّس بالتضرّع والمسكنة والذلّة ونعتذر عن القصور والتقصير ونرى نقصاننا بعين العيان وشهود الوجدان، فلعلّه يصدر عن هذا المقام المقدس توجّهٌ وعنايةٌ ويصير حال الاضطرار سبباً للإجابة من الذات المقدسة: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ ﴾ [13]،[14].

فأدب الركوع إذاً، أن يتوجّه المصلّي بباطنه بتضرّعٍ ومسكنةٍ وذلّةٍ إلى الله تعالى، ويعتذر عن قصوره وتقصيره عن أن يقوم بحقيقة الركوع، ويقرّ بنقصه وفقره وعجزه، لعلّه بحالة الاضطرار والعجز هذه يحوز على العناية من الله تعالى.

وفي حديثٍ يشير الإمام الصادق عليه السلام إلى فضل الركوع وبعض آدابه: "لا يركع عبدٌ لله ركوعاً على الحقيقة إلا زيّنه الله بنور بهائه وأظلّه في ظلال كبريائه وكساه كسوة أصفيائه، والركوع أولٌ والسجود ثان فمن أتى بمعنى الأول صلح للثاني، وفي الركوع أدبٌ وفي السجود قربٌ، ومن لا يحسن الأدب لا يصلح للقرب، فاركع ركوع خاضعٍ لله بقلبه متذلل وجِلٍ تحت سلطانه خافضٍ له جوارحه خفض خائفٍ حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين... واستوف ركوعك باستواء ظهرك وانحط على همتك في القيام بخدمته إلا بعونه، وفرّ بالقلب من وساوس الشيطان وخدائعه ومكائده فإن الله تعالى يرفع عباده بقدر تواضعهم له ويهديهم إلى أصول التواضع والخضوع بقدر اطّلاع عظمته على سرائرهم" [15].

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[12]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الخامس، في نبذة من آداب الركوع وأسراره، الفصل الثالث.
[13]. سورة النمل، الآية 62.
[14]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الفصل الثاني.
[15]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 108.

🔻 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية [5-3].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الخامس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

ومعنى ذلك أن القيام إشارةٌ إلى قيام العبد بالحق، فلا قيام له من دونه تعالى ولا يمكن للإنسان أن يأتي بحركةٍ أو فعلٍ من نفسه وبنفسه، بل إن جميع أفعال الإنسان قائمةٌ بقيّوميّة الحق: ﴿ وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ ﴾ [7].

فالآية الشريفة تنفي أن تكون الرماية صادرةً من الإنسان، وإنما تنسب الرماية إلى الله تعالى وهذا الأمر تعبيرٌ عن التوحيد الأفعالي وحصر الأفعال به عزّ وجلّ.

والأدب المعنوي للمصلّي في هذا المقام أن يتذكّر بقلبه هذه اللطيفة الإلهية بانحصار الأفعال به تعالى، ويذكّر القلب بحقيقة الفيض المقدّس لله تعالى وأنه هو الذي يفيض على عباده في كل شؤونهم. وعليه أن يوصل إلى باطن القلب حقيقة العلاقة والنسبة بين الحق والخلق، أي نسبة قيّومية الحق وتقوّم الخلق به، بمعنى أن كلّ شيءٍ في هذا الوجود قائمٌ به تعالى.

وأدبٌ آخر يكمن في النظر إلى محلّ السجود وهو التراب والنشأة الأصلية للإنسان، وكذلك في طريقة خضوع الرقبة وتنكيس الرأس أثناء القيام، في إشارةٍ إلى الذلّ والفقر والفناء تحت عزّ الكبرياء وسلطانه: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ ﴾ [8].

فمن آداب القيام أيضاً تذكّر هذه الحقيقة.

ومن الآداب أيضاً أن يرى المصلّي نفسه حاضراً في محضر الحق، وأن ينظر إلى العالم باعتباره محضر الربوبية، ويعتبر نفسه من الحاضرين فيه بين يديّ الله، ويوصل إلى قلبه عظمة الحاضر والمحضر، ويفهّم القلبَ أهمية مناجاة الحق تعالى وخطرها، ويهيّئ قلبه قبل الورود في الصلاة بالتفكّر والتدبّر، ويفهّمه عظمة المطلب، ويلزمه بالخضوع والخشوع والطمأنينة والخشية والخوف والرجاء والذلّ والمسكنة إلى آخر الصلاة.

ويشارط القلب أن يراقب هذه الأمور ويحافظ عليها ويتفكّر ويتدبّر في أحوال أعاظم الدين وهداة السبيل كيف كانت حالاتهم في الصلاة وكيف كانوا يتعاملون مع مالك الملوك، ويتّخذ من أحوال أئمة الهدى أسوةً لنفسه.

فعن مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال "فأمّا حقوق الصلاة فأن تعلم أنها وفادةٌ إلى الله وأنك فيها قائمٌ بين يدي الله، فإذا علمت ذلك كنت خليقاً أن تقوم فيها مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرّع المعظّم، مقام من يقوم بين يديه بالسكينة والوقار وخشوع الأطراف ولين الجناح وحسن المناجاة له في نفسه والطلب إليه في فكاك رقبته التي أحاطت بها خطيئته واستهلكتها ذنوبه، ولا قوة الا بالله" [9].

وعن إمامنا الرضا عليه السلام: "فإذا أردت أن تقوم إلى الصلاة فلا تقم إليها متكاسلاً ولا متناعساً ولا مستعجلاً ولا متلاهياً، ولكن تأتيها على السكون والوقار والتؤدة وعليك الخشوع والخضوع، متواضعاً لله عزّ وجلّ متخاشعاً عليك الخشية وسيماء الخوف، راجياً خائفاً بالطمأنينة على الوجل والحذر. فقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب بين يدي مولاه فصفّ قدميك وانصب نفسك ولا تلتفت يميناً وشمالاً وتحسب كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [10].


🔸آداب الركوع:

🔻1. أدب التكبير قبل الركوع: يقول الإمام الخميني قدس سره: "والظاهر أن هذا التكبير من متعلّقات الركوع ولأجل تهيّؤ المصلّي للدخول إلى منزل الركوع.

وأدبه أن ينظر المصلّي إلى مقام عظمة الحق وجلاله وعزّة الربوبية وسلطنتها ويجعل ضعف العبودية وعجزها وفقرها وذلّها نصب عينه. وفي هذا الحال يكبّر الحق تعالى عن التوصيف بمقدار معرفته بعزّ الربوبية وذلّ العبودية.

ويلزم أن يكون توصيف العبد السالك للحق تعالى وتسبيحه وتقديسه لمحض طاعة الأمر ولأن الحق تعالى أذن له في الوصف والعبادة. وإلا فليس له أن يتجاسر على التلفظ بالتوصيف والتعظيم في المحضر الربوبي، وهو عبد ضعيف، وفي الحقيقة لا شيء. وما لديه فهو أيضاً من المعبود العظيم الشأن. وفي حين يقول مثل علي بن الحسين بلسانه الولائي الأحلى الذي هو لسان الله "أفبلساني هذا الكالّ أشكرك؟ فماذا يتأتّى من بعوضة ضئيلة؟" [11].

فهذا التكبير له علاقة مباشرة بالركوع ومهمّته تهيئة المصلّي وتحضيره للدخول إلى مقام الركوع ليتمكّن من القيام بأدبه. وما لم يؤدّي المصلّي أدب التكبير فلن يؤدّي أدب الركوع.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[7]. سورة الانفال، الآية 17.
[8]. سورة فاطر، الآية 15.
[9]. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج81، ص248.
[10]. الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 4، ص87.
[11]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الخامس، في نبذة من آداب الركوع وأسراره، الفصل الأول.

🔻 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية [5-2].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الخامس

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية

ــــــــــــــــــــــــــــــ

🔸حقيقة أفعال الصلاة:
إنّ هدف الأنبياء العظام وتشريع الشرائع والأحكام ونزول الكتب السماوية وخصوصاً القرآن الشريف، هو نشر التوحيد والمعارف الإلهية وقطع جذور الكفر والشرك.

وسرّ التوحيد سارٍ وجارٍ في جميع العبادات القالبية والقلبية أي في ظاهر العبادات وباطنها، بل إنّ أداء العبادات عبارةٌ عن إجراء التوحيد من باطن القلب إلى ظاهر البدن وهذا ما سبقت الإشارة إليه.

وللسالك إلى الله مهمّةٌ لا يجوز له الغفلة عنها مطلقاً في جميع مقامات السلوك، بل هذه المهمّة هي غاية السلوك ولبّ لبابه.

وهي أن لا يغفل في جميع الحالات والمقامات عن ذكر الحق ويطلب في جميع المناسك والعبادات معرفة الله وتوحيده.

وفي الصلاة التي هي العبادة الجامعة يتجلّى التوحيد في أفعالها حيث إنه السرّ فيها، فالقيام إشارةٌ إلى التوحيد الأفعالي، بينما الركوع إشارةٌ إلى التوحيد الصفاتي، والسجود إشارةٌ إلى التوحيد الذاتي.

وهذه الأفعال الثلاثة هي عمدة أحوال الصلاة، وسائر الأعمال والأفعال مقدّمات ومعدّات له [1].

يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن عمدة أحوال الصلاة ثلاثة، وسائر الأعمال والأفعال مقدّماتها ومعدّات لها، الأول: القيام. والثاني: الركوع. والثالث: السجود. وأهل المعرفة يرون هذه الثلاثة إشارة إلى التوحيدات الثلاثة، ونحن ذكرنا تلك المقامات في كتاب سر الصلاة على حسب الذوق العرفاني" [2].

ويقول أيضاً: "اعلم أن أهل المعرفة يرون القيام إشارة إلى التوحيد الأفعالي، كما أن الركوع عندهم إشارة إلى التوحيد الصفاتي والسجود إلى التوحيد الذاتي، ويأتي بيانهما في محلّهما" [3].


🔸قوام الصلاة:
إن الصلاة التي هي معراج المؤمن وقربان أهل التقوى، متقوّمةٌ بأمرين أوّلهما مقدّمة للآخر:

🔻الأول: ترك رؤية النفس وإرادتها الذي هو باطن التقوى.

🔻الثاني: إرادة الله وطلب الحق وهو حقيقة المعراج والقرب.

ولهذا ورد في الروايات الشريفة: "الصلاة قربان كل تقيّ" [4]، فغاية السلوك هو طلب لقاء الله تعالى والقرب منه وهذه حقيقة كون الصلاة معراجاً.

وهذان الأمران يحصلان في الأفعال الثلاثة للصلاة أي القيام والركوع والسجود بالتدريج:

ففي القيام يتمّ ترك رؤية فاعلية النفس ورؤية فاعلية الحق وقيّومية الحق المطلق.
فلا يرى المصلي لنفسه دخالة في الإتيان بالفعل بل يرى الفعل من الله تعالى ولا يرى أن قيامه في الصلاة هو من نفسه وفعلها، بل يراه من الله القيّوم.

وفي الركوع يتمّ ترك رؤية صفات النفس ورؤية مقام أسماء الحق وصفاته، فلا يرى لنفسه أية صفات كمالية بل ينسب جميع الصفات الكمالية لله تعالى، ويحصرها فيه عزّ وجل.

وفي السجود يتم ترك رؤية النفس مطلقاً، وحب الله وطلبه مطلقاً، فلا يرى المصلي لنفسه وجوداً بل يرى الوجود منحصراً به تعالى.

وفي المقاطع اللاحقة مزيد من الشرح والتوضيح حول هذه المقامات الثلاثة التي تتحقق في الأفعال الثلاثة.


🔸سرّ القيام وآدابه:
يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن أهل المعرفة يرون القيام إشارة إلى التوحيد الأفعالي، كما أن الركوع عندهم إشارة إلى التوحيد الصفاتي والسجود إلى التوحيد الذاتي. وأما الكلام بأن القيام إشارة إلى التوحيد الفعلي فهو أن في نفس القيام إشارة إلى هذا وضعاً، وفي القراءة إشارة إليه لفظاً" [5].

ففي القيام إشارةٌ إلى التوحيد الأفعالي وضعاً [6] ولفظاً أيضاً، فوضعية القيام أي قيام المصلّي ببدنه إشارةٌ إلى التوحيد الأفعالي، وكذلك فالقراءة في حال القيام إشارةٌ إليه لفظاً، وذلك لما تتضمّنه القراءة في الصلاة من معاني التوحيد والإقرار به.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[1]. للمزيد من الاطلاع راجع كتاب سرّ الصلاة حيث يشرح الإمام الخميني قدس سره العلاقة بين الأفعال الثلاثة وكل من التوحيد الأفعالي والصفاتي والذاتي في فصول: في أسرار القيام،في بعض أسرار الركوع، في سر السجود.
[2]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الخامس في نبذة من آداب الركوع وأسراره، الفصل الثاني، في آداب الانحناء الركوعي.
[3]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الثاني في القيام، الفصل الأول، في السر الاجمالي للقيام.
[4]. الشيخ الكليني، الكافي، ج3، ص265.
[5]. الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، الباب الثاني، الفصل الأول، في السر الاجمالي للقيام.
[6]. وضعاً: أي وضع وطريقة استقامة بدن المصلي ووقوفه أثناء قيام الصلاة.

🔻 #أفعال_الصلاة_وآدابها_المعنوية [5-1].
👁 #يتبع

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
🔷 #الأخلاق_الإسلامية
🔹 #الدرس_الرابع

📌 #روح_العبادة 👇🏻
📍 #آداب_الدعاء_وشروطه
ــــــــــــــــــــــــــــــ

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "لا تَعْجِزُوا عن الدّعاء فإنّه لم يَهلِك مع الدّعاء أحدٌ وليسأل أحدكم ربّه حتّى يسأله شِسْعَ نَعْلِهِ إذا انقطع واسألوا الله من فضله فإنّه يحبّ أن يُسْأل" [38].

10. الإقرار بالذنوب: وعلى الداعي أن يعترف بذنوبه مقرّاً مذعناً تائباً عمّا اقترفه من خطايا وما ارتكبه من ذنوب.

قال الإمام الصادق عليه السلام: "إنّما هي المدحة، ثم الثناء، ثم الإقرار بالذنب، ثم المسألة، إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلاّ بالإقرار" [39].

11. تهيئة النفس بالثناء والاستغفار والصلاة: إن المطلوب هو تهيئة القلب ونفس الإنسان للدعاء، فالدعاء إقبالٌ على الله تعالى ولا بد من تحضير النفس للإقبال.

والثناء على الله سبحانه هو اعتراف بالوحدانية، وينبغي للداعي إذا أراد أن يسأل ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة، أن يحمد الله ويثني عليه ويشكر ألطافه ونعمه قبل أن يشرع في الدعاء.

يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسبباً للمزيد من فضله.." [40].

وقال الإمام الصادق عليه السلام: "إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربِّه وليمدحه" [41].

وقد ورد الحمد والثناء والشكر والاستغفار والصلاة على النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم في مقدمة معظم الأدعية، كما تتخلّل كثيراً منها.

عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "إيّاكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتى يبدأ بالثناء على الله عزّ وجلّ والمدح له والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ يسأل الله حوائجه" [42].

12. مداومة الدعاء في الشدّة والرخاء: فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة" [43].

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من تقدَم في الدّعاء استُجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف، ولم يُحجب عن السّماء، ومن لم يتقدّم في الدّعاء، لم يُستَجَب له إذا نزل به البلاء، وقَالت الملائكة: إنّ ذا الصّوت لا نعرفه" [44].

والسرّ في ذلك أنه نتيجة مداومة العبد على الدعاء في أوقات رخائه يصبح القلب أكثر إقبالاً على الدعاء وسريع الحضور فيه، ولذلك يحضر أيضاً ودون تكلّف حين نزول البلاء فيه، لأن حالة الدعاء معهودة عنده ومستأنسة لديه.

13. الإلحاح في الدعاء: لأن الإلحاح في الدعاء يكشف عن عمق ثقة العبد ورجائه في الله تعالى وعمق تعلّقه به بل ويلعب دوراً في تعميق هذه الثقة وتثبيتها.

وكلّما كانت ثقة الإنسان بالله أكثر، كان إلحاحه في الدعاء أكثر، والعكس صحيح فإذا كانت ثقته بالله ضعيفة فإنّه ينقطع عن الدعاء وييأس إذا لم يرى استجابةً لدعائه.

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يحب الملحّين في الدعاء" [45].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يحب السائل اللحوح" [46].

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "الدعاء ترس المؤمن، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك" [47].

وعن الإمام الباقر عليه السلام: "إن الله كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة، وأحبّ ذلك لنفسه إنّ الله عزَ وجلّ يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده" [48].

14. عدم القنوط: ينبغي للدَّاعي أن لا يقنط ويستبطئ الإجابة فيترك الدُّعاء.

عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال: "لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزَّ وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدُّعاء، فقلتُ: كيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة" [49].

وعليه، يجب على الدَّاعي أن يفوِّض أمره إلى الله، واثقاً بربه، راضياً بقضائه سبحانه، وأن يحمل تأخّر الإجابة على المصلحة والخيرة التي حباه إياها مولاه، وأن يبسط يد الرجاء معاوداً الدُّعاء لما فيه من الأجر الكريم والثواب الجزيل.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

📚 #المصادر:

[38]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج90، ص300.
[39]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص484.
[40]. نهج البلاغة، خطبة 157.
[41]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص485.
[42]. م.ن، ج2، ص485.
[43]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج7، ص42.
[44]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص472.
[45]. العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج90، ص300.
[46]. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج7، ص60.
[47]. الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص468.
[48]. م.ن، ج2، ص475.
[49]. م.ن، ج2، ص490.

🔻 #آداب_الدعاء_وشروطه [4-4].
👁 #تم

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
https://telegram.me/ZADCOM
Ещё