هُتِك حجابُ الله

اشتد بها المخاض، و دخلت البيت فأسقطت سقطة سماه علي محسناً، و جمعت جمعاً كثيرة لا مكاثرة علي، و لكن ليشد بهم قلبي، و جئت - و هو محاصر - فاستخرجته من داره مکرها مغصوبة، و سقته إلى البيعة سوقة، و إني لأعلم علم يقينا لا شك فيه لو اجتهدت أنا و جميع من على الأرض جميعا على قهره ما قهرناه، و لكن لهنات كانت في نفسه أعلمها و لا أقولها.

📍فلما انتهيت إلى سقيفة بني ساعدة قام أبو بكر و من بحضرته يستهزؤن بعلي، فقال علي : يا عمر ! أتحب أن اعجل لك ما أخرته سواء عنك ؟
فقلت : لا يا أمير المؤمنين. فسمعني والله خالد بن الوليد، فأسرع إلى أبي بكر،
فقال له أبو بكر:
مالي و لعمر... - ثلاثا - و الناس يسمعون. ولما دخل السقيفة صبا أبوبكر إليه، فقلت له :
قد بايعت يا أبا الحسن ! (فانصرف فأشهد ما بایعه، ولا مد يده إليه ، وكرهت أن أطالبه بالبيعة فيعجل لي ما أخره عني)، وود أبو بكر أنه لم ير عليا في ذلك المكان جزعاً و خوف منه، و رجع علي من السقيفة، و سألنا عنه، فقالوا: مضى إلى قبر محمد، فجلس إليه.
فقمت أنا و أبو بكر إليه، و جئنا نسعى، و أبو بكر يقول : ويلك ياعمر ! ما الذي صنعت بفاطمة ؟
هذا والله الخسران المبين.
فقلت : إن أعظم ما عليك أنه ما بايعنا، ولا أثق أن تتثاقل المسلمون عنه.
📍فقال : فما تصنع؟
فقلت : تظهر أنه قد بايعك عند قبر محمد. فأتيناه وقد جعل القبر قبلة، مسنداً كفه على تربته، و حوله سلمان و أبو ذر و المقداد و عمار وحذيفة بن اليمان، فجلسنا بإزائه ، و أوعزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع علي يده و يقربها من يده، ففعل ذلك، و أخذت بيد أبي بكر لأمسحها على يده و أقول قد بايع، فقبض علي يده ، فقمت أنا و أبو بكر مولياً ، و أنا أقول :
جزى الله علية خيراً، فإنه لم يمنعك البيعة، لما حضرت قبر
رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوثب من دون الجماعة أبوذر جندب بن جنادة الغفاري و هو يصيح و يقول : والله يا عدو الله ما بایع على عتيقة.
ولم يزل كلما لقينا قومة و أقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته، و أبو ذر يكذبنا، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر ولا في خلافتي، ولا يبايع لمن بعدي، ولا بايع من أصحابه إثنا عشر رجلا، لا لأبي بکر و لالي.
فمن فعل - یا معاوية - فعلي، واستشار أحقاده السالفة غيري ؟!
(أما أنت و أبوك أبو سفيان و أخوك عتبة، فأعرف ماكان منكم في تكذيب محمد صلی الله علیه و آله و کیده، و إدارة الدوائر بمكة، و طلبته في جبل حرئ لقتله، و تألف الأحزاب و جمعهم عليه، و رکوب أبيك الجمل و قد قاد الأحزاب، و قول محمد: ولعن الله الراكب والقائد والسائق ، و كان أبوك الراكب، و أخوك عتبة القائد، و أنت السائق).
ولم أنس أمك هندة و قد بذلت لوحشي ما بذلت، حتى تكمن نفسه لحمزة - الذي دعوه أسد الرحمن في أرضه . و طعنه بالحربة، ففلق فؤاده و شق عنه و أخذ كبده فحمله إلى أمك، فزعم محمد بسحره أنه لما أدخلته فاها لتأكله صار جلمودة، فلفظته، من فيها، و سماها محمد وأصحابه : آكلة الأكباد، و قولها في شعرها لاعتداء محمد و مقاتليه :
نحن بنــــات طـــارق نـمشي على النــــــمارق
كالدر في المــخانق والمسك في المـــفارق
إن يــــــقبلوا نعانــــــق أو يــــــــــدبروا نـــــــــــفارق

فراق غیر وامق ونسوتها في الثياب الصفر المرئية، مبديات وجوههن و معاصمهن ورؤسهن، يحرضن على قتال محمد، إنكم لم تسلموا طوعة، و إنما أسلمتم كرها يوم فتح مكة، فجعلكم طلقاء، و جعل أخي زيد و عقيلا أخا علي بن أبي طالب و العباس عنهم مثلهم، و كان من أبيك في نفسه، فقال : والله يا ابن أبي كبشة ! لأملأتها عليك خيلا و رجالا، و أحول بينك و بين هذه الأعداء.
فقال محمد - ويؤذن للناس أنه علم ما في نفسه -: أو يكفي الله شرك يا أبا سفيان ! (و هو يرى الناس أن لا يعلوها أحد غيري، و علي و من يليه من أهل بيته)، #فبطل سحره، #و خاب سعيه، و علاها أبوبكر، و علوتها بعده، (و أرجو أن تكونوا معاشر بني أمية عيدان أطنابها، فمن ذلك قد وليتك و قلدتك إباحة ملكها، و عرفتك فيها، و خالفت قوله فيكم ، و ما أبالي من تأليف شعره و نثره أنه قال : يوحى إلي منزل من ربي في قوله : والشجرة الملعونة في القرآن ، فزعم أنها أنتم يا بني أمية، فبين عداوته حيث ملك، كما لم يزل هاشم وبنوه أعداء بني عبد شمس، وأنا - مع تذكيري إياك یا معاوية ! و شرحي لك ما قد شرحته - ناصح لك و مشفق
عليك من ضيق عطنك، و حرج صدرك، و قلة حلمك، #أن تعجل فيما وصيتك به #ومکنتك منه #من شريعة محمد (صلى الله عليه و آله ) وأمته أن تبدي لهم مطالبته بطعن، أو شماتة بموت، أو ردا عليه في أتى به أو استصغارة لما أتي به فتكون من الهالكين، #فتخفض ما رفعت، #وتهدم ما بنیت واحذر كل الحذر حيث دخلت على محمد مسجده و منبره، وصدق محمد في كل ما أتي به و أورده ظاهرة، و أظهر التحرز والواقعة في رعيتك، و أوسعهم حلمة، و أعتهم بروائح العطايا، وعليك بإقامة الحدود فيهم، و تضعیف الجناية منهم لسبب محمد من مالك ورزقك