و لو رايت #الحسن و #الحسين (عليهما السلام) #يركضان خلف #أبيهما و يندبان القوم: خلّوا أبانا لا أم لكم، فأين تذهبون به؟ #فتحول الناس بينى و بين ولدي. فإذا غاب عني بريق طوقيهما و رفيق ذؤابتيهما، #ركضت على القوم كاللبؤة و فرّقتهم عنهما، و هما #يبكيان و #يندبانك و يقولان: #ياأبانا! #شتمونا و #أعرضوا عنا و جانبنا الصديق الأكبر، و تبرؤ منّا الرفيق، و سدّوا دوننا الأبواب، كأننا لسنا من القربى الذين ذكرهم اللّه في محكم كتابه.
#ياأباه! و ما كفاهم ذلك حتى غرّوا ولدي بالرسل، و بعثوا إليه بالرسائل. فلما أتاهم موقنا بصدقهم راغبا بهداهم، #خرجوا إليه و سدّوا الطريق عليه، و #قتلوه و قتلوا أولاده و أنصاره، و #خسفوا صدره، و #كسروا ظهره، و #قطعوا أوصاله، و #سبوا عياله، و أيتموا أولاده، و #تقاسموا أمواله و أركبوا بناته على المطايا ظمايا عرايا، لا جعفر و لا حمزة و لا عقيل عندهم و لا بنو هاشم الحماة البهاليل.
قال: فلما سمعت من كلام المرأة و رأيت ما رأيت من غسلها الثوب و نوحها عليه، كادت أضلاعي أن تنطبق على أمعائي،
فقلت في نفسى: لا شك إن هذه المرأة صاحبة هذا البستان و هذا الثوب ثوب مقتول لها، فكيف لي إلى سؤالها؟ و كيف بي إذا رأتني و سألتني في هذا الموضع، فما أقول لها؟
ثم إني اختفيت بظلّ شجرة و أنا أتأمّل كلامها و استغاثتها، و إذا هي تقول: يا ولدي، لم لا سمّيت لهم باسمك؟ فلعلهم ما عرفوك و لا عرفوا من جدك و أبوك، فلهذا من الماء منعوك و عطشوك، و بعد تعطيشك- يا بني- قتلوك.
و أسمع من الجهة الشرقية شخصا يقول: #وحقك يا أماه ما تركت سنة جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و لا سنن الأنبياء من قبله.
فلما سمعت ذلك، طار عقلي و ذهب لبّي لأني سمعت كلاما ما سمعته من أحد من الناس.
فنظرت إليه و حقّقت النظر منه، فإذا هو مقابلها من الجانب الشرقي، عليه جبّة خزّ دكناء، و #نحره#يسيل دما طريا و هو من #غير_رأس و كلامه يخرج من #منحره، و هو يقول: يا أماه! #قلت لهم: إن جدي محمد المصطفى صلى اللّه عليه و آله، و أبي علي المرتضى (عليه السلام)، و #أمي#فاطمةالزهراء (صلى الله عليهاوآلها)، و #جدتي#خديجة الكبرى، و #أخي#الحسن الرضي (عليه السلام). فلم يسمعوا كلامي و لم يرعوا مقامي، و قد سدّوا عليّ شرائع الفرات كلها و أباحوا ماءها للكلاب و الخنازير و تنادوا بينهم على من يشرب الماء بالإناء خوفا أن تدرك أحدا منهم الرقة عليّ و على بناتي و أولادي و نسائي. فيسقوه الماء و #كبوني على منحري في التراب، و #ذبحوني من قفاي، و #داسوا صدري بحوافر خيولهم من بعد ما قطعوا رأسي، و أضرموا #النار في خيامي على أطفالي و عيالي، و #سلبوا بناتي، و #سحبوا أخواتي، و أخذوا ملاحفهنّ، و #نهبوا أرديتهنّ، و #خرموا#آذانهنّ، و #ضربوا جنوبهنّ.
فتعجّبت من كلامه لها و أنا قد تداخلني خوف عظيم، فقلت: ليتني أعرف هذه المرأة و هذا المتكلم! لكن المرأة أقرب إليّ منه. فكلما أهمّ أن أقرب إليهما و أسألها، تمنعني الهيبة من التجسّر عليها و تردّني الجلالة عن مسألتي إياها،
فقلت: ان لا بد من سؤالها، فقلت: أستعين باللّه. فتجاسرت و دنوت و أنا أقدّم رجلا و أؤخّر أخري.
فلما صرت قريبا من حافة الغدير، سلّمت عليها فردّت عليّ السلام و هي مختنقة بعبرتها. فقلت لها: سألتك باللّه من تكونين؟ و ما هذا الثوب الممزّق الملطّخ بالدم؟
و من هذا الذي يخاطبك و هو بغير رأس؟ و ما هذا الذي يسيل منه؟
فزادت #حسرتها و اشتعلت زفراتها و انتحبت نحيبا عاليا مترادفا، و اختنقت و #قالت: سألتني عظيما و طلبت مني أمرا جسيما. #أنا أمّ هذا الشهيد المظلوم، #أنا بنت نبي هذه الأمة صلى اللّه عليه و آله، #أنا#فاطمةالزهراء، #أم_الحسين (عليه السلام) الذي #قتلته#أمة_جده من بعدنا و استوحدوه حين متنا.
ثم علا #نحيبها، و إذا بنساء أقبلن من بين تلك الأشجار كأنهن الشموس الطالعة و هي من غير ستر و لا شعار، و جلسن حول ذلك الجالس الذي من غير رأس؛ ناشرات شعورهنّ، مفجّعات بندبهنّ.
فدنوت منها و قلت: يا سيدتي! و ما هذا الثوب الذي بيدك تغسّلينه؟
#قالت: هذا ثوب ولدي #الحسين (عليه السلام) الذي كان لابسه بكربلاء يوم الحرب.
فقلت: يا سيدتي! و ما تصنعين به؟
#قالت: إذا أردت أن #أبكي على ولدي، أحضر هذا #الثوب و أتأمّل طعنات بني أمية و ضربات سيوفهم، و هذا شأني و دأبي إلى أن تقوم القيامة. #فآخذ هذا #الثوب المصبّغ و أقف ببطن الموقف و أشكو #هضمي و #ظلمي و #فعل بني #أمية بولدي و بناتي. فما يبقى #ملك مقرّب و لا #نبي مرسل إلا و يخرّ #ساجدا على وجهه، و أنا رأسي مكشوف و ملطّخ من هذا الدم الذي يسيل من نحر هذا الجالس الذي من غير رأس. #فيغضب#اللّه لغضبي، فيجمع كل من #ظلمنا أهل البيت، فيخرج عليهم لسان من #نار فيحيط بهم.
فقلت: يا سيدتي! إن أبي كان راثيا لكم خصوصا لولدك #الحسين (والـﷺــه)، فما ذا صنع اللّه به
و لو رايت #الحسن و #الحسين (عليهما السلام) #يركضان خلف #أبيهما و يندبان القوم: خلّوا أبانا لا أم لكم، فأين تذهبون به؟ #فتحول الناس بينى و بين ولدي. فإذا غاب عني بريق طوقيهما و رفيق ذؤابتيهما، #ركضت على القوم كاللبؤة و فرّقتهم عنهما، و هما #يبكيان و #يندبانك و يقولان: #ياأبانا! #شتمونا و #أعرضوا عنا و جانبنا الصديق الأكبر، و تبرؤ منّا الرفيق، و سدّوا دوننا الأبواب، كأننا لسنا من القربى الذين ذكرهم اللّه في محكم كتابه.
#ياأباه! و ما كفاهم ذلك حتى غرّوا ولدي بالرسل، و بعثوا إليه بالرسائل. فلما أتاهم موقنا بصدقهم راغبا بهداهم، #خرجوا إليه و سدّوا الطريق عليه، و #قتلوه و قتلوا أولاده و أنصاره، و #خسفوا صدره، و #كسروا ظهره، و #قطعوا أوصاله، و #سبوا عياله، و أيتموا أولاده، و #تقاسموا أمواله و أركبوا بناته على المطايا ظمايا عرايا، لا جعفر و لا حمزة و لا عقيل عندهم و لا بنو هاشم الحماة البهاليل.
قال: فلما سمعت من كلام المرأة و رأيت ما رأيت من غسلها الثوب و نوحها عليه، كادت أضلاعي أن تنطبق على أمعائي،
فقلت في نفسى: لا شك إن هذه المرأة صاحبة هذا البستان و هذا الثوب ثوب مقتول لها، فكيف لي إلى سؤالها؟ و كيف بي إذا رأتني و سألتني في هذا الموضع، فما أقول لها؟
ثم إني اختفيت بظلّ شجرة و أنا أتأمّل كلامها و استغاثتها، و إذا هي تقول: يا ولدي، لم لا سمّيت لهم باسمك؟ فلعلهم ما عرفوك و لا عرفوا من جدك و أبوك، فلهذا من الماء منعوك و عطشوك، و بعد تعطيشك- يا بني- قتلوك.
و أسمع من الجهة الشرقية شخصا يقول: #وحقك يا أماه ما تركت سنة جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و لا سنن الأنبياء من قبله.
فلما سمعت ذلك، طار عقلي و ذهب لبّي لأني سمعت كلاما ما سمعته من أحد من الناس.
فنظرت إليه و حقّقت النظر منه، فإذا هو مقابلها من الجانب الشرقي، عليه جبّة خزّ دكناء، و #نحره#يسيل دما طريا و هو من #غير_رأس و كلامه يخرج من #منحره، و هو يقول: يا أماه! #قلت لهم: إن جدي محمد المصطفى صلى اللّه عليه و آله، و أبي علي المرتضى (عليه السلام)، و #أمي#فاطمةالزهراء (صلى الله عليهاوآلها)، و #جدتي#خديجة الكبرى، و #أخي#الحسن الرضي (عليه السلام). فلم يسمعوا كلامي و لم يرعوا مقامي، و قد سدّوا عليّ شرائع الفرات كلها و أباحوا ماءها للكلاب و الخنازير و تنادوا بينهم على من يشرب الماء بالإناء خوفا أن تدرك أحدا منهم الرقة عليّ و على بناتي و أولادي و نسائي. فيسقوه الماء و #كبوني على منحري في التراب، و #ذبحوني من قفاي، و #داسوا صدري بحوافر خيولهم من بعد ما قطعوا رأسي، و أضرموا #النار في خيامي على أطفالي و عيالي، و #سلبوا بناتي، و #سحبوا أخواتي، و أخذوا ملاحفهنّ، و #نهبوا أرديتهنّ، و #خرموا#آذانهنّ، و #ضربوا جنوبهنّ.
فتعجّبت من كلامه لها و أنا قد تداخلني خوف عظيم، فقلت: ليتني أعرف هذه المرأة و هذا المتكلم! لكن المرأة أقرب إليّ منه. فكلما أهمّ أن أقرب إليهما و أسألها، تمنعني الهيبة من التجسّر عليها و تردّني الجلالة عن مسألتي إياها،
فقلت: ان لا بد من سؤالها، فقلت: أستعين باللّه. فتجاسرت و دنوت و أنا أقدّم رجلا و أؤخّر أخري.
فلما صرت قريبا من حافة الغدير، سلّمت عليها فردّت عليّ السلام و هي مختنقة بعبرتها. فقلت لها: سألتك باللّه من تكونين؟ و ما هذا الثوب الممزّق الملطّخ بالدم؟
و من هذا الذي يخاطبك و هو بغير رأس؟ و ما هذا الذي يسيل منه؟
فزادت #حسرتها و اشتعلت زفراتها و انتحبت نحيبا عاليا مترادفا، و اختنقت و #قالت: سألتني عظيما و طلبت مني أمرا جسيما. #أنا أمّ هذا الشهيد المظلوم، #أنا بنت نبي هذه الأمة صلى اللّه عليه و آله، #أنا#فاطمةالزهراء، #أم_الحسين (عليه السلام) الذي #قتلته#أمة_جده من بعدنا و استوحدوه حين متنا.
ثم علا #نحيبها، و إذا بنساء أقبلن من بين تلك الأشجار كأنهن الشموس الطالعة و هي من غير ستر و لا شعار، و جلسن حول ذلك الجالس الذي من غير رأس؛ ناشرات شعورهنّ، مفجّعات بندبهنّ.
فدنوت منها و قلت: يا سيدتي! و ما هذا الثوب الذي بيدك تغسّلينه؟
#قالت: هذا ثوب ولدي #الحسين (عليه السلام) الذي كان لابسه بكربلاء يوم الحرب.
فقلت: يا سيدتي! و ما تصنعين به؟
#قالت: إذا أردت أن #أبكي على ولدي، أحضر هذا #الثوب و أتأمّل طعنات بني أمية و ضربات سيوفهم، و هذا شأني و دأبي إلى أن تقوم القيامة. #فآخذ هذا #الثوب المصبّغ و أقف ببطن الموقف و أشكو #هضمي و #ظلمي و #فعل بني #أمية بولدي و بناتي. فما يبقى #ملك مقرّب و لا #نبي مرسل إلا و يخرّ #ساجدا على وجهه، و أنا رأسي مكشوف و ملطّخ من هذا الدم الذي يسيل من نحر هذا الجالس الذي من غير رأس. #فيغضب#اللّه لغضبي، فيجمع كل من #ظلمنا أهل البيت، فيخرج عليهم لسان من #نار فيحيط بهم.
فقلت: يا سيدتي! إن أبي كان راثيا لكم خصوصا لولدك #الحسين (والـﷺــه)، فما ذا صنع اللّه به