أحسن الحسنات حبنا أهل البيت

#ولليل_حكاية_أخرى
Канал
Логотип телеграм канала أحسن الحسنات حبنا أهل البيت
@Shathrat14Продвигать
829
подписчиков
10,5 тыс.
фото
579
видео
4,81 тыс.
ссылок
#ولليل_حكاية_أخرى
. .💫الجزء 27/27 و الأخيرة💫. .

وهممت بالتوجه لإنقاذكِ، فأمسك بي الشابان لإثنائي فلم يفلحا، وقد بدأت بالصراخ، فانقضّ عليّ أحدهما وضربني بلوح على رأسي ظناً منه إن يصيبني خيراً من أن أقتل على يد هؤلاء المتطرفين، وحملاني وظلا يركضان حتى وصلا لأقرب منطقة آمنة لإخبارهم بما حدث، وذلك لإنقاذ الزوار ،ومن ثم تم أخذي لأقرب مستشفى لمعالجتي، فتفاجئوا أنّ الضربة التي أصبت بها في مؤخرة الرأس تسببت في دخولي في غيبوبة، ولم يكن معي أي شيء يدل على هويتي، مما جعل أمري مجهولاً طوال الفترة الماضية، فما إن استيقظت واستعدتُّ صحتي حتى بدأت في رحلة البحث عنكِ فعدتّ إلى الحملة التي جئنا معها، وهم من بشروني بأنكِ ما زلتِ على قيد الحياة، كما أخبروني بكلّ ما حدث لكِ، وبأنكِ في هذه اللحظة ترافقينهم عبر الإسعاف إلى بغداد لزيارة الإمامين الجواد والكاظم (ع)، فهرعت إليكِ يا حبيبة القلب لأضمكِ إلى صدري ولأقول لكِ: هيهات أن يسكن ذلك القلب سواكِ. فأنت عروسي اليوم وغدا وفي الدنيا والآخرة ..

•.
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى
. .💫الجزء 26/27💫
فرد عليها علي: نعم أنا يا محبوبتي ونور عمري، بتول نظرت إليه ولمحت تلك الدموع: أتبكي يا علي؟ عمري كله لم أرى دمعة سقطت من عينيك، فقال: كيف لا أبكي وقد كدتّ أن أخسرك، كيف لا أبكي وقد ظلمتكِ بقسوتي، فتبسمت بتول في وجهه: أو ما زلت تحبني؟، فاقترب منها وقال: أحبكِ؟ أو بعد ما حدث تسأليني إن كنت أحبكِ؟! بل قولي أذوب فيك عشقاً وهياما، ثم احتضن رأسها، فأغمضت بتول عينيها: آآآه لو رأيت محبوبتك وما جرى عليها، وقد صبرت واحتسبت أمري لله، ولكن، أقسى ما واجهته، حين علمت بأمر حملي بطفل يحمل دمك، واسمك، وأنني فقدته نتيجة ما تعرضتّ له، كنت حينها في أشد الأوقات احتياجاً لك.
فردّ عليها: لقد علمت بكل شيء يا حبيبتي، وليت الموت أعدمني الحياة ولم تُمس منكِ شعرة، حينها انتفض علي وتوجه للجدار وهو يضربه بيديه ويصرخ: الأوباش، الأنذال، آه لو وقع أحدهم بين يديّ لقطعته إرباً إربا.
سمعت الممرضات صراخ علي فهرعنّ لغرفة بتول لمعرفة ما يجري، ومن ثم تفاجئوا بصراخ علي فوبخوه وطلبوا منه أن يحافظ على هدوءه، سيطر عليّ على نفسه وعاد إلى الكرسي بالقرب من بتول أمسك كفيها وقبلهما واعتذر منها، فنظرت بتول إلى عينيه: أدرك يا حبيبي حجم الألم الذي تشعر به، هون عليك، فتلك قسمة السماء، ولكن أخبرني يا علي بما جرى عليك، ما الذي حدث معك؟ وأين كنت طوال هذه المدة؟ طأطأ عليّ رأسه، وتنهد بحرقة، وبدأ يسرد ما حدث له: كانت الليلة التي قررنا فيها المبيت في الخيام، وبعد أن هدأ الجميع وخلدوا للنوم إلا أنا، فقد جفاني النوم، حيث كنتُ مشغولاً بكِ، وكنت أتقطع في داخلي لمعاملتي الجافة معكِ، وكنت أخطط لليوم الثاني بأن أتحدث معكِ وأعتذر عما بدر مني، فجأة شعرتُ بحركة غريبة وبأصوات وهمهمة، رفعت جانباً من الخيمة وإذا بي أرى وفي عتمة الظلام خيالات لرجال قد أحاطت بالمكان، أيقظتُ الشاب الذي كان بجانبي وطلبت منه أن يبقى هادئاً وشرحت له الوضع، فأيقظ هو الآخر زميله المرافق له، وبدأنا التسلل من الخيمة بهدوء لكشف الأمر، استطعنا الخروج من الجانب الخلفي دون أن يشعروا بنا، وقد تكشفت لنا الأمور حين وجدناهم قد اقتحموا خيمة النساء وكانوا في طريقهم لخيمتنا، فأصبت بهستيريا وهممت بالتوجه لإنقاذكِ، فأمسك بي الشابان لإثنائي فلم يفلحا، وقد بدأت بالصراخ......
.
..
.
#قصص_الحسنات

#ولليل_حكاية_أخرى ٢٥
. .
شعرت بتول بقشعريرة في جسدها لمجرد أن لامستها تلك اليد، ارتجف قلبها، بدأت أنفاسها في التسارع، شعرت بحرارة عالية تصعد إلى رأسها، تريد أن تستدير برأسها لترى من صاحب اليد، فشعرت أن أعضاء بدنها قد شُلت، حاولت ان تتمالك نفسها، فإذا بكف أخرى تقع على كتفها الآخر بكل حنو، وصوت دافيء كخمار مخملي يدثرها في ليل بارد: بتول، أيا حبيبة القلب ورفيقة الدرب" تسارعت نبضات قلبها، وترقرقت الدموع في عينيها، هل هي في حلم جميل، وعاد الصوت: روح الروح يا أميرتي الغالية هوني عليك" صرخت: عليّ، وتكاد لا تصدق وقد اقشعر بدنها، فردّ عليها بعد أن جاء ووقف قبالها فاتحاً ذراعيه وقد حبس دموعه في عينيه: نعم لقد عاد إليكِ علي يا روح علي" فوثبت من على كرسيها لتحتضنه، إلا أنها لم تتمالك نفسها فوقعت مغشياً عليها فتلقفها وحملها بين ذراعيه، وكان ذلك متزامناً مع وصول الممرضة رحمة التي أرشدته إلى سيارة الإسعاف ، فأسرع علي إليها، حيث تم إسعافها ونقلها إلى أقرب مشفى، كان علي ممسك بكفها طوال الطريق، وعلى السرير المتحرك، وفي المشفى، لم يبارحها أبداً، إلا حينما طلبت منه الطبيبه المناوبة الخروج من الغرفة لإجراء فحوصات لها، في هذه الأثناء تحدثت معه رحمة وأخبرته بتفاصيل ما جرى على بتول، حتى لحظة وصولها للمستشفى وكيف أنها كادت تفقد حياتها من شدة النزيف الذي تعرضت له، وفقدانها لجنينها جراء الضرب الذي تعرضت له، كان علي يتقطع ألماً وهو يسمع تفاصيل ما حدث لمحبوبته ورفيقة دربه، وقد كان يشعر بندمٍ شديد للمعاملة التي مارسها معها، رغم أنّ نيته كانت من أجل إيصال رسالة لها لاستمرار حياتهما الزوجية دون مشاكل، ومع ذلك كان يشعر بمرارة كبيرة، وكان يحدث نفسه ماذا لو اختارنا الله أو اختار أحدنا وأنا كنت معها بهذه القسوة، كيف سأقابل ربي، في تلك الأثناء خرجت الطبيبة وطمأنت علي بأن بتول تعاني من صدمة وبحاجة إلى الراحة وقد أعطتها إبرة مسكنة، وأوصته بأن يعتني بها كثيراً في الفترة المقبلة، فما تعرضت له ليس بالقليل. دخل علي إلى غرفة بتول، وجلس بالقرب منها، وضع خده على خدها، وقد اغرورقت عيناه بالدموع فسالت إحداها على خد بتول، ففتحت عينيها، وهي تتمتم باسمه: علي..علي، حبيبي علي هل عدت؟ هل كنت أحلم؟ وضعت كفها على خده تتحسسه، هذا أنت بالفعل، شكراً لك ربي شكرا لك، آه ما أرحمك مولاي" كانت تبكي بحرقة، وهي تتمتم بكلمات الشكر والحمد...
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى ٢٤
. .
أكملت بتول إنصاتها للزيارة الجامعة التي شعرت لأول مرة في حياتها بعمق معانيها، وهي التي طالما قرأت عن عظمتها واستحباب المواظبة عليها، وبالخصوص في قصص العرفاء وكيف أنّ الإمام المهدي (عج) يؤكد عليها لما تحمله من مضامين عالية، اقتربت رحمة منها: بتول الحملة سيتوجهون للمضيف لتناول وجبة الغداء، فهل نمضي معهم؟ فردت بتول: نعم عزيزتي، رغم أنّه لارغبة لي بالطعام، ولكن من باب التبرك بضيافة الكاظمين (ع) وبالفعل توجهت مع الحملة للمضيف، وانتهوا من وجبتهم عند قرابةالخامسة، طلبت بتول من رحمة أن تتوجها للصحن المطهر للإستعداد لصلاة الجماعة، وامتثلت رحمة لطلبها بعد ان ناولتها أدويتها، واطمأنت على صحتها، اتخذت بتول زاوية بالقرب من باب الرجاء وظلت تتأمل في جمال القبتين الشريفتين وتناجي ربها: يا راد يوسف على يعقوب ردّ علي حبيبي"بدأت الدموع تتساقط كالآليء على وجنتيها، كانت دموعها تغني عن أي حديث وإذا بصوت الأذان يعلو: الله أكبر فتمتمت بتول"الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، مولاي يا باب الحوائج، أنا على يقين أنك تسمع كلامي وترد سلامي، فسلام على قلبك الرؤوم، مولاي أقسم عليك بحق جدتك فاطمة وضلعها المكسور إلا ماجبرت كسر قلبي بعودة عليّ، في تلك اللحظة شعرت بتول بنسيم عليل يداعب وجهها ودموعها تكاد لاتتوقف عن الإنهمار، وإذا بها ترى خرقة بيضاء تتدلى أمام عينيها، فترفع بتول رأسها رويداً لتعرف مصدرها، وإذا بها إمرأة طاعنة في السن، سيماء الإيمان على محياها، تبتسم في وجهها وتقول لها: سيعود، صدقيني سيعود، خذي هذه العصابة، إنها عزيزة على قلبي، ولكنكِ أحوج إليها مني"تناولت بتول العصابة، وقرأت ما خطّ عليها: وإذا قد كتب عليها حتماً سننتصر، ووجدتها ملطخة بالدماء، فتساءلت، وهي تمسح دموعها: أماه ما قصة هذه العصابة" فتبتسم المرأة: إنها لولدي الشهيد، ولكن حان وقتها لتكون إليكِ بنيتي{ وكلي واشربي وقري عيناً'} فتنفجر بتول في البكاء: لي؟! لي أنا؟! ومن أنا ومن أكون حتى أستحقها"فردت عليها"هكذا شاء الله بنيتي، في أمان الله"تمضي هذه الأم الجليلة وتترك بتول غارقة في حيرتها، تحتضن بتول تلك العصابة التي شعرت انّها هدية السماء إليها..
.
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى 🦋 ٢٣
. .
استيقظت بتول في صبيحة ذلك اليوم بروحية عالية، شعور غريب ينتابها، طاقة وهمّة عالية رغم ما تعانيه من جراح روح وجسد، ولكن ثمة نداء داخلها يحاكيها: أنتِ متوجهة لباب الحوائج، لموسى الكاظم، وحفيده باب المراد الإمام الجواد، هيأت نفسها على مهلٍ، تستند للجدار تارةً وللسرير تارةً أخرى، ولبست عبائتها، وحملت مسبحتها وكتاب مفاتيح الجنان الخاصّ بها والذي لا يبارحها، وهو هدية من علي إليها، وقد استرجعته حين عادت إليها حقيبتها المفقودة، وعادت إلى سريرها تنتظر سيارة الإسعاف، هاهي رحمة تصل إليها لتصاحبها إلى بغداد، فتستند بتول إليها لتجلسها في الكرسي المتحرك، وتتجهان إلى حيث الأمل، تصل بتول برفقة رحمة وإذا بوفد من الحملة يستقبل بتول عند بوابة الحرم المطهر، فتلتحق بتول بهم حيث تدفع رحمة كرسيها، ويبدأ خطيب الحملة بقراءة أبيات تهيئة للزوار، ومن ثم يقرأ استئذان الدخول، ويدخل الجميع بعد مرحلة التفتيش إلى الباحة الداخلية للحرم المطهر، فتتفاجيء بتول بمساحة الحرم الداخلية، فتجول بنظرها وكأنها كاميرا ترصد المكان من بدايته إلى نهايته، ترفع رأسها إلى السماء حيث كانت السحب تغطي أشعة الشمس، فكان المكان برداً وسلاما، دافيء بدفء من فيه، عيناها معلقتان بالسماء، حتى اختطفهما بريق الذهب" رحمة، يا لروعة المكان، يخطف القلب والروح، لقد انشرح صدري واشعر أنّ هماً يُزاح عنه، فتبتسم رحمة في وجهها، وتقول: أسأل الله أن يشرح قلبك بنوره ويسعدك دوماً ويبشرك بكل ما هو جميل"فتنكس بتول رأسها: رضاً بقضائك ربي" فتبادرها رحمة"بتول هل تفضلين الدخول مع الحملة إلى داخل الحضرة؟ فترد بتول: نعم سأصاحبهم فقد اشتقت لتلك الأجواء التي تذكرني بعلي"انتهى الخطيب من قراءة الزيارة ومن ثم طلب منهم التوجه إلى داخل الضريح، فتوجهت النساء إلى الحضرة، وبتول معهن، دخلت بتول وقد أفسح إليها المجال، فرأت مرقدين وقبتين، فخاطبيتهما: سيديّ ومولاييّ، أيعقل أن أكون في ضيافتكما وترجعاني مكسورة خاطر، وإن كان ولابد، فامسحا على قلبي المحروق على فراق حبيبه، المتلهف شوقاً للقاءه، فإن مضى شهيداً فهنيئاً له، وأقسم عليكما إلا ما ألحقتماني به.
#قصص_الحسنات

#ولليل_حكاية_أخرى
. .الحلقه ٢٢
ولكن أرى من واجبي أن أوجهكِ وأحافظ عليكِ، فأنتِ عرضي، ولكنكِ في كثير من الأحيان لم تكوني تفهميني، أردتُّ أن أبلغكِ امتعاظي وحنقي، وألفتكِ إلى بعض أخطائكِ فكان ما كان، أمّا أن أتخلى عن حبيبة عمري فهيهات، نور قلبي بتول، أحببت أن أبوح لكِ بالكثير منذ قلت لكِ: تسريح بإحسان، لا تعلمين كيف كنت أتقطع من الداخل حينها، حبيبتي، حينما مرضتِ في النجف وكنت مصابة بالحمى لم أنم طوال الليل خوفاً عليكِ، أخذتكِ في أحضاني وما بارحتكِ أبداً، بتول ثقي أنني أحبكِ وكفى، حبيبتي..أتذكرين ليلة زفافنا، تعاهدنا ليلتها أنّ كلّ واحدٍ منا سيودع ذاته لينصهر في الآخر فنكون روحٌ واحدة، لا نفترق أبداً مهما كانت الظروف، أو تظنين أنني أخلف الوعد؟ لا يمكن يا روح علي، أحبكِ. ثمّ وقعّ رسالته بـ: رفيق دربكِ وحبيبكِ علي. تأخرت بتول، ترى ما الذي أصابها؟ كانت رحمة تحدّث نفسها، وهي في حالة قلق على بتول، فطرقت باب الغرفة، فلم ترد بتول خافت كثيراً، فتحت الباب بهدوء، وإذا ببتول تحتضن الرسالة ودموعها تنهمر بلا توقف، اقتربت رحمة منها، جلست على السرير، وهي تناديها: بتول عزيزتي، ماذا بكِ؟ هل ثمة مكروه؟ ما الذي كتبه عليّ في رسالته؟ بتول تنظر إلى رحمة وقد انحبس لسانها عن الكلام، فبدأت رحمة في الإمساك بكتفيها والضغط عليهما: بتول كلميني، هل أنتِ بخير؟ فقالت بتول: يحبني، علي ما زال يحبني يا رحمة، عليّ كما عرفته لم يتغير، كنت متيقنة من حبه لي، ولكن أين أنت يا علي؟ أين أنت يا نور قلبي؟ ترى هل تركتني ورحلت؟ فتحتضنها رحمة محاولة تهدئتها، وإذا بالباب يُطرق، فترد رحمة: من الطارق؟ وإذا بها زوجة صاحب الحملة تستأذن بالدخول، فتمسح بتول دموعها وتقول: تفضلي أختاه على الرحب والسعة، فتدخل السيدة وتبدأ بالإطمئنان على بتول ومن ثم تعرض عليها الذهاب معهم لزيارة الإمامين الجوادين في بغداد في صبيحة اليوم التالي، فتبدي بتول موافقتها شريطة موافقة الطبيب خصوصاً بعدما جرى عليها حين زيارة الإمام الحسين (ع)، فتخبرها السيدة أنّها سترتب كل ذلك وسيكون كل شيء على ما يرام، وتتفق معها على تفاصيل سفرهم لبغداد وتنصرف..
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى
. .
رسالة علي!! هكذا أبدت رحمة تعجبها، فتنهدت بتول وقالت ودمعة تترقرق في عينيها: نعم رسالة علي حبيب قلبي، ونور حياتي، وتوأم روحي"وبدأت بتول في سرد حكايتها مع علي، إلى حين أعطاها الرسالة، ووقوع الحادثة قبل أن تقرأها، فتحمست رحمة التي ارتبطت ببتول بشكل كبير خلال فترة وجيزة، لما رأته من طهارة روحها ودماثة أخلاقها، وصلابة إيمانها، هنا بدأت بتول تبحث عن الرسالة في جيوب الحقيبة، وقد لاحظت غياب محفظتها، وجواز سفرها، ماعدا بطاقة هويتها التي كانت في أحد الجيوب الجانبية في الحقيبة، بحثت عن تلك الرسالة التي كانت لها بمثابة أمل في هذه الحياة التي لا تعلم ماذا تخبيء لها بعد،"وجدتُها، رحمة وجت الرسالة"هكذا صرخت بتول وهي تمسك برسالة حبيب عمرها، ورفيق دربها الذي طالما كان لها الأب الحنون والصديق الوفي والسند والماوى، احتضنتها رحمة حينما شعرت أنّ بتول ترتعش ما إن مسكت بتلك الورقة، احتضنتها بقوة، ومن ثم أحضرت لها كوب ماء، أمسكت بذقنها ورفعت رأسها ونظرت في عينيها وقالت: تذكري يا صديقتي، أنتِ بعين الله، فأنتِ من زوار الغريب، سأترككِ الآن لتقرأي رسالة عليّ، سأكون قريبة من غرفتكِ، إن احتجتني، نادني، ومضت.
بقيت بتول ممسكة بالرسالة وهي ترتعد، وأسئلة تدور في مخيلتها، ترى ماهي آخر الكلمات التي خطّها لي علي؟ ترى لمّ كان غاضباً مني؟ ترى هل لا زال يحبني؟وغيرها الكثير الكثير، ولكنها قطعت حبل أفكارها حينما خاطبت نفسها بصوتٍ مسموع: بتول أنتِ تحبين عليّ وتثقين به تماماً، ثقتكِ به لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتيجة العديد من المواقف، عليّ رجل مؤمن وشهم وغيور، عليّ قبل كل شيء إنسان، فمهما كتب من كلمات في تلك الرسالة فاعلمي أن منبعها حبٌ في الله" أخذت نفساً عميقاً وشرعت في فتح الرسالة، وإذا بعبق عليّ يفوح منها، وقعت عيناها على أولى الكلمات"حبيبتي.. فكانت هذه الكلمة كماءٍ بارد نزل على قلب بتول فشهقت شهقة ترافقها دمعةٌ حرّى من أعماق قلبها، واحتضنت الرسالة لفترة وهي تبكي بحرقة، وعادت لتقرأها: حبيبتي وحياتي ونور قلبي وروحي التي بين جنبيّ بتول، أو تظنين يوماً أن يتوقف قلبي عن حبكِ، كلا وألفُ كلا، تلك زلة لسان مني حين قلت: .
.
#يتبع
#قصص_الحسنات

. . #ولليل_حكاية_أخرى . .
الحلقه ٢١
رسالة علي!! هكذا أبدت رحمة تعجبها، فتنهدت بتول وقالت ودمعة تترقرق في عينيها: نعم رسالة علي حبيب قلبي، ونور حياتي، وتوأم روحي"وبدأت بتول في سرد حكايتها مع علي، إلى حين أعطاها الرسالة، ووقوع الحادثة قبل أن تقرأها، فتحمست رحمة التي ارتبطت ببتول بشكل كبير خلال فترة وجيزة، لما رأته من طهارة روحها ودماثة أخلاقها، وصلابة إيمانها، هنا بدأت بتول تبحث عن الرسالة في جيوب الحقيبة، وقد لاحظت غياب محفظتها، وجواز سفرها، ماعدا بطاقة هويتها التي كانت في أحد الجيوب الجانبية في الحقيبة، بحثت عن تلك الرسالة التي كانت لها بمثابة أمل في هذه الحياة التي لا تعلم ماذا تخبيء لها بعد،"وجدتُها، رحمة وجت الرسالة"هكذا صرخت بتول وهي تمسك برسالة حبيب عمرها، ورفيق دربها الذي طالما كان لها الأب الحنون والصديق الوفي والسند والماوى، احتضنتها رحمة حينما شعرت أنّ بتول ترتعش ما إن مسكت بتلك الورقة، احتضنتها بقوة، ومن ثم أحضرت لها كوب ماء، أمسكت بذقنها ورفعت رأسها ونظرت في عينيها وقالت: تذكري يا صديقتي، أنتِ بعين الله، فأنتِ من زوار الغريب، سأترككِ الآن لتقرأي رسالة عليّ، سأكون قريبة من غرفتكِ، إن احتجتني، نادني، ومضت. بقيت بتول ممسكة بالرسالة وهي ترتعد، وأسئلة تدور في مخيلتها، ترى ماهي آخر الكلمات التي خطّها لي علي؟ ترى لمّ كان غاضباً مني؟ ترى هل لا زال يحبني؟وغيرها الكثير الكثير، ولكنها قطعت حبل أفكارها حينما خاطبت نفسها بصوتٍ مسموع: بتول أنتِ تحبين عليّ وتثقين به تماماً، ثقتكِ به لم تأتِ من فراغ، بل جاءت نتيجة العديد من المواقف، عليّ رجل مؤمن وشهم وغيور، عليّ قبل كل شيء إنسان، فمهما كتب من كلمات في تلك الرسالة فاعلمي أن منبعها حبٌ في الله" أخذت نفساً عميقاً وشرعت في فتح الرسالة، وإذا بعبق عليّ يفوح منها، وقعت عيناها على أولى الكلمات"حبيبتي.. فكانت هذه الكلمة كماءٍ بارد نزل على قلب بتول فشهقت شهقة ترافقها دمعةٌ حرّى من أعماق قلبها، واحتضنت الرسالة لفترة وهي تبكي بحرقة، وعادت لتقرأها: حبيبتي وحياتي ونور قلبي وروحي التي بين جنبيّ بتول، أو تظنين يوماً أن يتوقف قلبي عن حبكِ، كلا وألفُ كلا، تلك زلة لسان مني حين قلت: .
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى

الحلقه ٢٠
. . ما إن وصلت سيارة الإسعاف إلى العتبة الحسينية، حتى وُضعت بتول على كرسيٍ متحرك وأُخذت من بوابة خاصّة للمرضى كما يفعل مع كلّ المرضى الزائرين، بتول ورغم زحمة الزوار من كلّ الأجناس وكلّ اللغات والألوان والأعمار، كانت تعيش في عالم آخر، كانت روحها معلقة بسرّ الوجود وبنور الديجور، كانت تناجي الله: رباه هذه أول زيارة لي لضريح حبيبك، أنت من صاغها وأنت من رسم معالمها، وها أنا أزور الغريب وأنا غريبة، هو وحيد وأنا وحيدة، هو فقد أحبته وأنا فقدتّ أحبتي" في هذه اللحظة تلوح قبة الحسين بأنوارها الذهبية، فترمقها بتول، والجرح لما يندمل، فتتساقط دمعاتها كما زخات المطر، تقترب أكثر، تخترق الممرضة بكرسيّ بتول الزحام، ويتم إدخالها إلى الحضرة مباشرة، ومن ثم باتجاه الضريح، وكلما اقتربت بتول، كلما شعرت بأنّ الجنة بين متناول يديها، وإذا بها تحتّ قبة الحسين مباشرة، رفعت رأسها فوجدت تلك القبة التي نقش عليها أسماء الأئمة الإثنى عشر، قبضت بكفيها على الشباك واحتضنته وصرخت من أعماق قلبها يا حسيييين، يا غريب، حبيبي يا حسين، من ذا الذي يتجرأ أن يذكر مصائبه وهو في حضرتك، إني لأخجل سيدي أن أشكو، كيف أشكو وأنا أراك مضرجاً بدمائك، مقطوع الرأس من القفا، كيف أشكو وأنا أسمع صوتك وأنت تنادي وحق جدي أنا عطشان، كيف أشكو وأنت من وهبت كل ذرة من ذرات روحك وجسدك لله، واحسيناه واحسيناه"تسقط بتول مغشياً عليها، فتُحمل سريعاً فوق حمالة خاصة وتسعف وتعادُ للمشفى من جديد، تصل بتول للمشفى وهي في حالة سيئة جداً، تُعمل لها فحوصات سريعة، فيكتشف الطبيب أنّ لديها نقص كبير في الدم، مع هبوط في الضغط، فيأمر بوضع أكياس دم عليها مع وضعها تحت المراقبة، وفي المساء تفتح بتول عينيها، لتشعر أنّ يداً دافئة تمسك بها، تتأمل وإذا بها رحمة، كانت رحمة تبكي بحرقة، فتسألها بتول بصوت مخنوق: رحمة ما بك؟ ما الذي يبكيكِ؟ فقالت رحمة: لقد أفجعت قلبي حينما كنت بالقرب من ضريح أبي عبد الله الحسين، فرج الله كربكِ يا بتول، فردت عليها بتول: يا رب، الحمد لله على كلّ حال، فقالت رحمة: عزيزتي، لديّ خبرٌ سار لكِ، لقد داهم الجيش العراقي وكر المجرمين الذين اعتدوا على الزوار، وأفنوهم عن بكرة أبيهم، وقد أوصل أحد الجنود لنا حقيبة يبدو أنها حقيبتكِ حينما كنتِ في المشاية، وهاهي بين يديكِ وجدوها حيث تم احتجازك كما يبدو، فتلقفت بتول الحقيبة بلهفة، احتضنتها وجهشت بالبكاء، ومن ثم بدأت في البحث سريعاً في جيوبها، فبادرتها رحمة: عمّا تبحثين، فقالت بتول: رسالة عليّ.......
🔹#ولليل_حكاية_أخرى🔹علي وبتول

💫الحلقة 19 💫

الليلة التي تسبق الأربعين بيومٍ واحد، تبدأ بتول في التعافي شيئاً فشيئاً، ولكنّ قلبها وروحها لا يكفاّن عن مناغاة حبيبها علي صبحاً ومساء، والدموع لا تجف حزناً وقلقاً عليه، تحاول بتول أن تستند إلى الجدار وتتوجه إلى نافذة المشفى الذي كانت ترقد فيه، وتسترقّ السمع إلى مواكب العزاء من بعيد، تدخل الممرضة رحمة عليها الغرفة وقد أحضرت إليها وجبة الإفطار: صباح الخير عيني بتول تستدير بتول إليها: صباح الأمل بالله كم أحب لهجتكم العراقية يا رحمة، هوايه حلوة، فتبتسم رحمة: الحمد لله الذي جعلني أراك في حالٍ أفضل، فترد بتول: رحمة أخبريني هل غداّ ذكرى الأربعين؟ فتجيب رحمة بالإيجاب، فتعود بتول ناحية النافذة وتسرح قليلاً وتنزل دمعة شعرت أنها انسلت من بين شرايين قلبها، دمعة شوقٍ للحسين ممزوجة بحسرة على الحبيب الذي لا تعلم شيئاً عن مصيره، ثم استدارت من جديد لتسأل رحمة: رحمة، هل لكِ أن تساعديني؟ فأجابتها رحمة: بكل تاكيد عزيزتي، اطلبي ما تريدين، فقالت بتول: أريد أن أزور إمامي الحسين غداً، فقالت رحمة: كيف؟ وضعكِ الصحي لا يسمح عزيزتي، فقالت بتول وهي تتوسل إليها: أرجوكِ، سأخبر الطبيب عن حاجتي الماسّة لذلك، كما وأنني وبسبب وضعي الصحي نسيت ان أسألكم عن الحملة التي جئنا معها إلى العراق، هل لديهم خبر عمّا أصابنا؟ فقالت رحمة: لا علم لديّ عزيزتي، ولكنني سأستفسر لكِ عن كل شيء، الأهم أن تكوني بخير، ومضى اليوم وقد استشارت بتول الطبيب وأقنعته برغبتها، وقد وافق الطبيب شريطة أن تاخذها سيارة الإسعاف إلى حرم الإمام مع تسهيل أمر دخولها في الزحام طبقاً لوضعها الصحي، كما وعرفت بتول أنّ المستشفى قد تواصل مع الحملة، وانّ الحملة قد أبلغت عن تأخرهما عن الوصول، وأنهم قلقون جداً بعدما سمعوا عن الحادثة، ولكنّ المعلومات ما زالت غير دقيقة عن الضحايا، وقد تفاجئوا من اتصال المستشفى وهم في طريقهم لزيارة بتول، وبالفعل وصل وفدٌ من الحملة بشكل سريع إلى زيارة بتول، وكان معهم مجموعة من النساء اللاتي احتضنّ بتول بمجرد رؤيتها، واجهشن بالبكاء حينما سمعنّ ما حلّ بها، وبعد برهة من الزمن توقفت بتول عن الكلام ومرّت بنظرها على الجميع وقالت متسائلة: هل أعرف من ذلك أنّه لا خبر لديكم عن زوجي؟ فنكسّ الجميع رأسه، وقالت زوجة صاحب الحملة: لا يا عزيزتي للأسف، لا أخبار، ولولا اتصال المستشفى ماعرفنا أنكم من ضمن حادثة المشاية الأليمة، ونحن نعترف بتقصيرنا، طأطأت بتول رأسها وما زال يحدوها الأمل بالله وبزيارة الحسين (ع). وجاء يوم الأربعين، وكان كما أرادت، هاهي بتول في سيارة الإسعاف تتوجه إلى حرم الغريب العطشان.....
#ولليل_حكاية_أخرى

الحلقة / 18

تشرح الممرضة الوضع للطبيب، بأنّ إحدى النزيلات أخبرتها بأنّ الأوغاد حين هجموا على الأبرياء في حادثة المشايّة ذبحوا كل من كانوا في الخيمتين من النساء والرجال، ويبدو أن زوجها من ضمنهم، وذلك ما شكّل صدمةً لها، فغضب الطبيب حيث انّ حالة بتول كانت تستدعي مراقبة دائمة ولم يكن يجب ان تترك أبداً، ومن ثم طلب من الممرضة المسئولة، تخصيص ممرضة لا تفارقها للعناية بها، فوضعها النفسي والجسدي سيء جداً، وعليه يأمر الطبيبب بنقل بتول إلى غرفة خاصّة، مع متابعة حالتها من قبل الطاقم الطبي.
في اليوم الثاني تدخل الممرضة المناوبة وتفتح ستارة الغرفة لتتسلل أشعة الشمس بخجل إلى غرفة بتول، وكأنها تتحاشى التصبيح عليها، فتفتح بتول عينيها ببطء وقد عشى عينيها الضوء وتردد: أبن أنا، أين أنا؟ أين عليّ، أريد عليّ، تقترب منها الممرضة وتمسك بكفها فتجدها باردة تطمئنها بكلمات تخترق قلبها: أختي العزيزة،هوني عليكِ، أنا لا أعرفكِ وانتِ لا تعرفيني، جمعتنا الظروف هنا لغايةٍ لا يعلمها إلا الله، ولكنني أعلم أنكِ زائرة الغريب، المظلوم، العطشان، سيد شباب أهل الجنة، وأعلم أنّ الله يعتني بزوار حبيبه الحسين عناية خاصة، فسلمي أمركِ إلى الله وقولي كما قال الحسين(ع) هوّن ما نزل بي أنه بعين الله، وقولي كما قالت سيدة العفاف زينب: ما رأيت إلا جميلا، فرفعت بتول نظرها إليها وقالت: من أنتِ، فردت: أنا رحمة الممرضة المختصة بالعناية بكِ ( وهي تبتسم)، فقالت بتول: رحمة، اسمٌ على مسمى، شكراً لكِ، فترد رحمة: الشكر لله، واجبنا عزيزتي، كيف تشعرين الآن، فقالت بتول: أشعر بآلام في كلّ أنحاء جسدي، ولكنني لا أفهم شيئاً، هل كنتُّ أحلم، أنا كنت هناك" ثم تسرح فتتلقف رحمة خيط الحديث: كنتّ يا عزيزتي رهينة في يد أعداء محمد وآل محمد، وقد أنجاكِ الله بأعجوبة، تلقى الجيش العراقي بلاغاً بوجودك في الصحراء بين كربلاء والنجف، وقد كنتِ غائبة عن الوعي، و في حالة نزف شديد، وصلتِّ إلى هنا بين الحياة والموت، وسعى الفريق الطبي لإنقاذ حياتكِ وحياة الجنين، ولكن للأسف كان وضعكِ خطير، والضرب الذي تعرضت له شديد وقد أثر بشكل كبير على حملكِ" تفاجئت بتول لما سمعته من رحمة وبدت مذهولة: حامل،حامل، هل كنتُ حاملاً؟ فتتعجب الممرضة: أولم تكوني تعلمين؟ فترد بتول: حامل!! وفقدتُّ جنيني، فقدتُ ابننا يا عليّ" فتسارع رحمة لتهدئتها: عزيزتي أنتِ على خطى زينب تذكري، فتنهدت بتول ودموعها لا تتوقف ورددت: إنا لله وإنّا إليه راجعون، رفعت رأسها للسماء وقالت: رباه إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، ولو قطعوا أرجلنا واليدين نأتيك زحفاً سيدي يا حسين، روحي وروح جنيني ومن أحب فداء لشسع نعل سبط المصطفى واحسيناه

🔄يتبع ...
#قصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى🔹

💫الحلقة 💫 17

رحلت المرأةُ الصماء واختفت بين أستار الظلام، واختفى معها سرّها، بينما بتول تصرخ بألم:لااا أرجوكِ لاتتركيني وحدي عودي،آ آه يا زهراء، يامولاتي أغيثيني"حتى غابت عن الوعي، وبقيت بتول وحيدة على الرمضاء، ليس معها أحد غير الله وظلام دامس وليلٍ رهيب، ومصيرٌ مجهول، وفي أثناء إغمائها ترى بتول نفسها أمام ضريح منصوب في الجنة وحوله حور عين، رأت نفسها في مكان من الجمال الذي لم تره عينها من قبل في الدنيا، ورأت إمرأة متشحة ببياض نوراني مهيب تقترب منها، وتأخذ بيدها وتتجه ناحية هذا الضريح الجناوي الغريب، تأخذ السيدة الجليلة بيد بتول وتضعها على الضريح وتقول لها:بتول أتعرفين أيّ كرامة تحظين بها، هل تدركين الان أين أنتِ؟ فتهزّ بتول رأسها بالنفي وكانت تشعر براحة لا توصف، فقالت لها السيدة الجليلة:أمّا أنا فأنا صاحبة المصائب كعبة الرزايا زينب وقد جئتكِ الليلة بهدية عظيمة، جئت لآخذك لأمنا الحنون، فأنتِ زائرة ولدها وحبيبها الحسين، أمّا الضريح الذي تتمسكين به فهو قبرها المغيب المجهول، إنه قبر أمي الزهراء" في هذه الأثناء صرخت بتول: أماااه يا زهراء، يازهراء"فقالت لها السيدة زينب: رددي دائما في كل حين" اللهم بحق الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحاط به علمك" فكانت بتول تردد الدعاء ودموعها تتقاطر بحزن عميق، في هذه الأثناء، تسمع يتول أصوات أجهزة، وحركة سريعة، وبياض ناصع، صوت جهاز قياس القلب، وملائكة تحوم حولها بلباسهم الأبيض، وضوء مصباح يشع نوره في عينيهأ ثم تغيب عن الوعي مجدداً، لتستيقظ من جديد ووجه إمرأة يبتسم في وجهها، بتول تجاهد من أجل أن تفتح عينيها لتستوعب ما يحدث، تحاول ان تتكلم ولكنها لا تقوى، ثم تهمس بصوتٍ ضعيف: عطشانة، عطشانة،، فتتقدم إليها طبيبة كانت تقف إلى الجانب الآخر من السرير: عزيزتي لا يمكن أن نعطيك الماء الآن فلتو خرجتِ من غرفة العمليات، حمداً لله على سلامتكِ، وارتاحي الآن" تستسلم بتول لنوم عميق وتبقى مخدرة لمدة ثلاثة أيام وغذائها الوحيد هو المغذي عبر الوريد، في اليوم الثالث، وفي فترة المساء، عند الساعة الحادية عشر تماماً يضجّ مستشفى كربلاء بالصراخ، والصوت يصدر من إحدى الغرف، تهرع الممرضات والطبيب المناوب للغرفة المعنية، وإذا ببتول قد أصيبت بحالة هستيرية، تحاول أن تنزع إبرة المغذي، وتصرخ بصوت منهوك مبحوح: عليّ، اعيدوا إليّ علي، لا تقولوا رحل عليّ، عليّ لم يمت لم يمت" تحاول الممرضات تهدأتها، ولكن دون فائدة فيأمر الطبيب بإعطائها إبرة مسكن، ومن ثم يغادر الغرفة ويطلب من إحدى الممرضات أن تفهمه ماحدث، فتشرح له الوضع بأنّ إحدى النزيلات أخبرتها بأنّ الأوغاد حين هجموا ...

🔄يتبع...
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى

الحلقة / 16

فتحت بتول عينيها وهي تستعيد ذاكرتها وتكمل الأبيات: وكم أمر تساء به وتأتيك المسرّة بالعشي، إذا ضاقت بك الأحوال يوماً فثق بالواحد الفرد العليّ" ثم ترمي بالغطاء الذي كان عليها وتلتفت يميناً ويسارا وهي تنادي: عليّ عليّ، أين أنت يا حبيبي؟ في هذه اللحظة تدرك بتول أنّها كانت تحلُم، فترمي بجسدها الذي هدّه التعب والمرض والإعياء والجوع، وتحولق ودمعة تترقرق في عينيها: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" كان الوقت حينها منتصف الليل، وقد خيّم الظلام على المكان، واشتدّ البرد، والغرفة التي سجنت فيها بتول معتمة مظلمة ورطبة، ورائحة الموت تفوح منها حينها تخاطب بتول نفسها: هل أستسلم للموت؟ أم أجازف من أجل النجاة؟ أنا ميتة ميتة والمحاولة لن تخسرني شيئا، لقد جاء عليّ ليذكرني بهذه الأبيات التي تعلمناها سويا، وما خاب من تمسك بهم و أمن من لجأ إليهم، سلام الله عليكم يا آل بيت محمد (ص) تستجمعُ بتول قواها، وتبدأ بالتحرك ببطء بعد أن تتأكد من أنّ المراة الصماء في سبات عميق، تتحرك بخطوات ثابتة وبطيئة جداً ناحية الباب وهي ترتجف من شدة الخوف، فهي تعلم لو انّ أحداً من هؤلاء الظلمة يمسك بها ما سيحدث، ومع ذلك تصرّ على المجازفة، وتمضي في طريقها، بدأ العرق يتصبب من جبينها رغم شدة البرد، هاهي بضع خطوات وتصلُ إلى مقبض الباب، مدت بتول يدها لتمسك بالمقبض، وإذا بيدٍ تمسك بكتفها والأخرى يكمم بها فمها، تكاد بتول أن تصرخ وإذا بالمرأة الصماء، هي من تمسك بها، و تشيرُ إليها بأن تصمت، فتهدا بتول وهي تلهث وترتجف، فتشيرالمرأة بيديها ببضع حركات تفهم منها بتول انها ستساعدها،ولكن عليها أن تتريث لتراقب لها الوضع في الخارج، وبالفعل تتسلل المرأة إلى الخارج وتترك بتول تنتظر خلف الباب، هنا يبدأ الوسواس يدبّ إلى بتول، فلربما خرجت المرأة لتشي بها، والآن هم في طريقهم لذبحها، أو أنّهم سيقبضون على المرأة، أو...
وفي تلك الأثناء تعود المرأة وتشير إلى بتول أن عجلي، فتنظر إليها بتول بتعجب واستغراب، وتسألها بهمس: لمَ تساعدينني، لمَ؟ فتقوم المرأة باحتضانها وتبكي بصمت، وتضعُ كفها بكفّ بتول، ويتسللان خارج الغرفة، حيث كان الحارس نائماً، والمجموعة الأخرى على بعد أمتار يتسامرون، تسللتا ببطء في تلك الصحراء المنبسطة الممتدة، وما إن ابتعدتا قليلاً حتى صارتا تركضان دون توقف، ركضتا وركضتا، وفجأة لا تستطع بتول ان تكمل فتسقط على الأرض وقد بدأت تنزف بشدّة، نظرت إليها المرأة جلست على الأرض معها، وأشارت إليها بإشارات بأنّ عليها أن تعود من حيث هربت، فتعجبت بتول من موقفها، ترى كيف تواجه بتول مصيرها

🔄يتبع ...
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكاية_أخرى

الحلقة / 15

تفهم بتول من إشارات المرأة أنها تسألها:هل ترغبين في الأكل، فتحاول بتول أن تتجاوب معها، علّها تصل إلى حل من خلالها، فتشير بتول للقيد الذي يكبل يديها ورجليها، بأن فكيه، فتقف المرأة جامدةً وكأنها قد سرحت في أمرٍ ما، فجأة تقرر أن تنزع الشريط اللاصق بقوة، فتصرخ بتول من الألم والفزع، فقد فاجئتها بما فعلت، وأخذت تتنفس بسرعة كأنها تلهث، حينها بدأت تتوسل إليها: أرجوك إنزعي عن يداي هذا القيد حتى آكل، وتشير بتول إلى يديها علّ المرأة الصماء تعي ما تطلب، فتشير المرأة لها بالإيجاب وتمسح على وجهها، ثم تبتسم وتشير إليها بإشارات تفهم بتول منها أنها تقول لها: أنكِ جميلة جداً، فتبتسم بتول معها ابتسامة مجاملة، خاصة وأنها تشعر بوجع كبير يقطّع أمعائها، وتعود بتول دون يأس برفع يديها علّ قلب المراة يحن وتقطع تلك القيود التي تضغط معصميها، فتهز المرأة رأسها بالإيجاب وتصدر أصواتاً وإشارات، وتسحب السكين التي معها لتقطع القيد البلاستيكي الذي كان ضاغطاً بقوة على معصميّ بتول، فتبدأ بتول بتدليك يديها، وتتذكر أسر زينب وزين العابدين، ومن ثم تتذكر باب الحوائج موسى الكاظم عليه السلام، فتتمتم بدعائه:رباه يا مخلّص الشجر من بين رمل وطين، ويا مخلّص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلّص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص النار من بين الحديد والحجر، ويامخلّص الروح من بين الأحشاء والأمعاء خلّصني من هذه المحنة ياعظيم يا رحيم.
قربت المرأة إناء الطعام، وكانت بتول تشعر بجوعٍ شديد إلا أنّ الألم الذي تعاني منه منعها من وضع أي لقمة في فمها، أصرّت المرأة عليها أن تأكل، فما إن وضعت لقمة في فمها حتى تقيأت كلّ ما في أحشائها، فأشفقت المراة عليها، وحاولت مساعدتها،إلا أنّها ترددت قليلاً، ومن ثم أشارت إليها بيدها أن تصبر، أسرعت لتتفقد الوضع، ثم عادت، قطعت بالسكين القيد الذي كان يلفُّ رجلها، وأحضرت لها شيء تتوسد عليه، ومن ثم سقتها قليلاً من الماء كانت بتول ترتجف من البرد، وحرارتها قد ارتفعت،فما إن رأتها المرأة على ذلك الحال حتى جاءت بغطاء خفيف وجدته جانباً وغطتها به، كانت بتول تتأوه من شدة المرض والإعياء والألم، وكلمة يا زهراء لم تفارقها، وقد أخذ منها التعب أي ماخذ، فجأة تشعر بلمسة حانية على يدها، وقبلة دافئة على جبينها، مع أريج مميز لا يمكن أن تنساه، تفتح عينيها وإذا بها ترى صورة ضبابية، تغمض عينيها وتفتحها مجدداً: عليّ إنه انت، حمداً لله على سلامتك يا حبيب قلبي، فيبتسم عليّ في وجهها ويقول: أنسيت أبيات أمير المؤمنين، تعلمتها منكِ:وكم لله من لطفٍ خفي، يدق خفاه عن فهم الذكي، وكم يسرٍ أتى من بعد عسر وفرّج كربة القلب الشجي، وكم أمر تساء به...

🔄يتبع ...
#قصصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى🔹

💫الحلقة 14 💫

صوت قبيح يخاطبها، بينما كانت بتول ترتعد رعباً، دموعها تنهمر كالميزاب، اقترب الصوت، وإذا به رجلاً ملثماً مرتدياً سروالاً وقميصاً أسودين، مدجج بالسلاح:" اسمعي أيتها القذرة، لقد عرفنا من هويتكِ التي كانت في حقيبتكِ أنكِ خليجية، ستكونين رهينة لدينا، فهناك ما نرغب في الوصول إليه من خلالك" - يضحك ضحكة خبث ويواصل- ستكون هذه السيدة – ويشير إلى إمرأة كانت بصحبته ترتدي لباساً غريباً وتميط لثاماً على وجهها وتحمل سلاحاً أبيضاً تثبته في حزام ربطته في وسطها - موجودة هنا معكِ ونحن في الخارج نحيط بهذه المكان من كل جهة... يقترب منها واضعاً وجهه قريباً جداً حتى أن رائحته النتنة اخترقت أنفاسها، وواصل في غيّه: اسمعي ايتها اللعينة، لا تحاولي الهرب وإلا سيكون مصيركِ الذبح كما كلّ الأنجاس الذين لاقوا مصيرهن ممن كانوا معكِ في الخيمة" يشتد ارتعاد بتول كما السعفة تلعب بها الريح، والعرق يتصبب منها من شدة الهلع، يخرج الرجل المسلّح، وتبقى السيدة معها، يسودُ الصمت المكان قرابة النصف ساعة وأكثر، تشعر بتول أن تفكيرها قد شُل، هل هي في كابوس وستصحو منه، أم أنه واقع مرّ وعليها أن تسلم أمرها لله، هل تقاوم، ثم أين علي؟ وما أن ينطق قلبها بإسمه تتنهد حسرة: أين أنت يا ظهري وسندي؟ أينك يا عباس زينب، لقد أسروا زينب، ضربوا زينب، هتكوا زينب" تبكي بتول بحرقة، وحينها يشتد عليها وجع الضرب الذي أصيبت به في خاصرتها، فتتأوه من شدة الألم، ترفع رأسها قليلاً وتتجه بنظرها ناحية المرأة تحاول أن تلفت انتباهها بضرب رجليها في الأرض، ولكنّ المرأة لا تلتفت، تزحف بتول اتجاه كوز موضوع على طاولة خشبية قديمة في الغرفة تحاول ان تسقطه برجلها فيسقط ولكنّ المرأة لا تلتفت، وبعد جهد كبير تستدير المراة ناحية بتول فتحاول بتول أن تشير بعينيها أن ساعديني، تقترب المرأة منها تنظر في عينيّها بشكل مباشرة، تلاحظ الدموع تنسكب من عينيها انسكابا، وتشعر بها وبألمها، تمسك المرأة بكتفيّ بتول، وتضغطهما بقوة، وترمي بها مجدداً، وتنصرف دون ان تنطق ببنت شفة.
تتعجب بتول من تصرفها، ويزداد ألمها، تشعر أن سكاكين تقطّع أحشائها، تتأوه وتحاول أن تصرخ، إلا انّ صوتها المكتوم لا يُسمع.
يتحرك الباب مجدداً يدخل رجل يحمل صحناً به رز رشّ عليه مرق دون إيدام يدفع به إليها، ويشير عليه بيديه :خذي كُلي كُلي، فترد عليه بالإشارة وبإصدار أصوات، فهمت منها بتول أن المرأة صماء، خرج الرجل، وبقيت الإمرأتان وحدهما، افترشت السيدة الصماء الأرض وشرعت في الأكل، ثم تتوقف عن الأكل فجأة وترفع رأسها ناحية بتول، تقترب منها: وتشير إلى الصحن : آه، إي....



يتبع
#قصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى🔹

💫الحلقة 13

استدار كلّ واحد منهما ناحية القسم المخصص له ليناما ويستئنفا المسير في الصباح.
دخلت بتول خيمة النساء لتتوسد مخدةً على أحد الأسرة الأرضية البسيطة هناك، وبدأت في الإستسلام للنوم، بعد مرور قرابة الثلاث ساعات تستيقظ بتول على صوت صراخ وضجيج، والمكان معتم تكاد لا تبصر شيئاً، إلا من عويل نساء وصرخات أطفال، تحاول بتول أن تستوعب ما تسمع، تُصاب بالهلع، ثمة مجهول ينتظرها، وهي في خضم الغموض الذي تعيشه، وإذا برفسة في خاصرتها شعرت من شدة ألمها بدوار صرخت: يا زهراااء، من أنتم ما الذي يجري، وإذا بأيدٍ آثمة تجرُّ النساء والأطفال من المخيم وترمي بهم كالأكوام فوق بعضهم البعض، صوت أنين، صراخ وضرب وشتائم: يا كفرة، أيها الروافض، سنذبحكم كما النعاج بلا رحمة، يا عبدة القبور.
بدأت بتول تستوعب ما يجري، ولكنها لم تكن تريد أن تصدق، صور في ظلمة ذلك الليل تتناوب عليها، تخاطب نفسها، ويدها على خاصرتها، تتألم بشدة: رباه يا أكبر من كل كبير، من لي غيرك أسأله كشف ضري، والنظر في أمري، يا أبا عبد الله يا حسين، نحن جئنا ضيوفك سيدي، ففرج عنا كربتنا سيدي" هنا فكرت في حبيب قلبها عليّ، وبدأت الأفكار السوداوية تتوالى عليها: أين هو؟ ترى هل ذبحوه هؤلاء الأوباش؟ أين أنت يا حبيب قلبي، وبدأت تصرخ: عليّ عليّ" وإذا بلكمة على وجهها وتغيب عن الوعي.
تفتح بتول عينيها وإذا بها موثقة اليدين والرجلين، وقد وضع على فمها شريط لاصق، تدير عينيها محاولةً اكتشاف المكان الذي هي فيه، وإذا بسقفه مهتريء، جدرانه متصدعة،يتصبب العرق من جبينها، وتشعر بطعم الدم في فمها، ترتجف خوفاً من المصير المجهول الذي ينتظرها، تشعر بعطش شديد، تحاول أن تتحدث، أو تنادي احد إلا أن الشريط اللاصق يمنعها، تستسلم وترمي برأسها وتبدأ بالبكاء بحرقة، وقلبها ينادي علي، تستذكر آخر اللحظات التي كانت معه، تشعر بقلقٍ كبير حياله، وهي سارحة في المستقبل المظلم الأسود، تسمع صوت الباب يفتح، إلا أنّ الباب خلف ظهرها، فلا تدري من القادم،تسمع صوت خطواتٍ تقترب منها، تترقب، تتسارع دقات قلبها، يتصبب العرق بشدة، تحاور الله: رباه، إلا عفتي، إلا شرفي، اللهم اجعلنا في درعك التي تجعل فيها من تريد" تقترب الخطوات أكثر قأكثر، ترى من هو القادم؟

🔄يتبع...
#قصص_الحسنات
#ولليل_حكايةٌ_أخرى (12)
فقال لها:أمرض أنا أفضل من أن تمرضي أنتِ، فصمتت قليلاً ثم نظرت إليه وقد بدا قريباً جداً منها، حتى كادت تشعر بحرارة جسده، فاحتضنت ذراعه، وهمست بصوت دافيء: عليّ هل لي أن أسألك سؤالاً؟ فرد عليها: تفضلي، فقالت: أو ما زلت تُحبني؟ فلم يجبها فعادت لتسأل: عليّ، لم السكوت؟ لم قررت أن ننفصل؟ لمَ ؟ وما إن قرّر عليّ أن يخرج من صمته، إلا وأذان المغرب يصدح، وكانت ليلة الجمعة، فتبسم في وجهها، وأشار إلى السماء وقال: شاء الله أن ننشغل هذه الليلة بالصلاة والذكر، فلنتوقف عند أقرب موكب لأداء الصلاة، وقراءة دعاء كميل ثم نواصل، فاستسلمت بتول لقراره، وتوجها لأقرب موكب وكان موكب أبا الفضل العباس، فما إن قرأت بتول عنوان الموكب حتى تمتمت: سلام الله عليك يا صاحب الغيرة، فردّ عليّ: وسلام الله على أخته زينب صاحبة العفة، فتنهدت بتول، وقالت بصوتٍ مخنوق: سلام الله عليهما. توجهت بتول للقسم المخصص للنساء لتصلي، بينما توجه عليّ ناحية الرجال، وما إن أنهيا صلاتهما، حتى خرجا إلى حيث قررا أن يلتقيان، أخذ عليّ بيد بتول وتقدم بضع خطوات للأمام حيث وجد سجادة مفروشة على الأرض قبالة إحدى الإستراحات، فقال لبتول: ما رأيك أن نجلس هنا لقراءة دعاء كميل؟ فشاطرته الرأي فجلسا، وأخرج عليُ من حقيبه مصباحاً يدوياً وقبل أن يشرع في القراءة قال بهمس :( دعاء كميل) آآه إنه الدعاء الذي يخاطب الوجدان ويستنهض الأرواح، قرأ بصوت شجي حزين حتى وصل إلى مقطع (( هيهات أنت أكرم من أن تضيّع من ربيته، أو تشرّد من أويته، أو تسلم إلى البلاء من كفيته ورحمته)) في هذه الأثناء يختنق عليّ بعبرته وبخاطب ربه :( إلهي أنا الصغيرُ الذي ربيته)فيبكي عليّ وتبكي بتول، ليكملان قراءة الدعاء في جوّ من الروحانية وحضور القلب، وحين ينتهي علي، يقف ويمدّ يده لبتول ليساعدها على النهوض ويبدآن بالمشي مجدداً، وبعد مسافة كيلومتر تقريباً يستوقفهما أحد الشباب المشاية ويقول لعلي: أخي الزائر، أنصحك أن تتوقف عن المشي ليلاً خاصّة وأن معك إمرأة، الوضع غير آمن، فحاول إن تتوقف عند أقرب استراحة. فيشكره عليّ ويقول لبتول: أشعر بمسئولية كبيرة اتجاهكِ، لابد أن نتوقف. كانت أقرب استراحة لهما حينها عبارة عن خيمتين كبيرتين أحدهما للرجال والأخرة بظهرها للنساء، فطلب عليّ من بتول أن تتفقد أحوال الخيمة وترى إن كانت مناسبة للنوم، فغابت بتول قليلاً وعادت لعلي كي تطمئنه: عليّ اطمئن عزيزي، سأحاول أن أتأقلم مع الوضع، تصبح على خير، واستدارت كي تمضي في طريقها، هنا استوقفها علي: بتول- مد يده ليضع شيئاً في يدها- إقرأي هذه الرسالة، ولكن ليس الآن غداً ستوضح لكِ الكثير.
#ترقبوا
#قصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى🔹

💫الحلقة 11�

يستئنف عليّ وبتول المشي مع كوكبة المشاية، ولا يتوقف الركب إلا وقت الصلاة ولتناول وجبة الغداء ثم يواصلون المسير حسب الإتفاق للإستراحة ليلاً في احد المواكب التي تمتد على جانبي الطريق المؤدي إلى كربلاء، إلا أنّ بتول تبدأ بالمشي بخطواتٍ أثقل، تمشي قليلاً وتتوقف جانباً، ثم تعود لمواصلة المشي، وبعد فترة تقرر أن تنادي عليّ:
عليّ عليّ، يلتفت إليها علي ويعدو مسرعاً ناحيتها، فتواصل:
أشعرُ بأن رجلي ليست على ما يرام، أريد أن أخلع حذائي لأتأكد أنّها بخير،" فيتنحى بها جانباً، خلف إحدى الخيام ويجلب لها كرسي لتجلس عليه ويطلب منها أن تعطيه رجلها،تستحي بتول منه وترفض أن تمتثل له، فرمقها بنظرة وابتسم وقال : هيا اعطني رجلكِ بسرعة هيا فمدّت رجلها على استحياء، فبادر لخلع حذاءها والجورب، وإذا به يتفاجيء بتورم رجلها مع ظهور فقاعات تشبه الحروق في باطن القدم، فنظر اليها وقلبه منكسر وقال: بتول لابد من زيارة المفرزة الطبية، رجلكِ متورمة إلى حد كبير، لا يمكنكِ المواصلة أبداً ، فاغرورقت عيناها بالدموع وردت عليه: عليّ أرجوك لا تقل لي لا يمكنك المواصلة، لديّ عزيمة وإرادة قوية وأنوي الوصول معك إلى كربلاء مشياً فردّ عليها لا بأس عليكِ، لن نستبق الأحداث قومي الآن واستندي عليَّ حتى نصل لأقرب مركز للإسعافات( المفرزة)، وقفت بتول ووضعت كفها بكفِّ عليّ، فشعرت بدفء مشاعره وحنان قلبه حتى كأنّ تياراً كهربائياً سرى في بدنها، حينها رمقته بنظرة استعطاف وكأنها تناديه أن عُد، فبادلها بنظرة حنونة مع إغماضة بسيطة وقال: هيا بنا.
توجها للمفرزة وعاينت الطبيبة رجل بتول وتم معالجتها بشكل مؤقت، و طلبت منها أن لا تمشي عليها كثيراً، وأن وضعها لا يسمح بالمواصلة، فبكت بتول طويلاً، واستدارت ناحية عليّ تترجاه أن يسمح لها بالمواصلة، فردّ عليها بحسم: بتول تفهمي الأمر، حتى الإمام الحسين لا يرضى لكِ بأن تؤذي نفسكِ" فأجهشت بتول بالبكاء حتى أن الطبيبة المناوبة تعاطفت معها، وتدخلت بقولها: اسمعني أخي، هناك حلٌ آخر، وهو لأن لا تستعجلوا المسير وامشوا ببطء حتى وإن تأخرتوا في الوصول" فأطرق عليّ رأسه، ومن ثم استدرك: لا بأس توكلنا على الله"خرج عليّ من المفرزة الطبية وتوجه إلى المجموعة التي كانت تنتظرهما بالخارج وطلب منهما المضي في طريقهم، وأنهما سيلتحقان بهم في كربلاء، حيث قررّ أن يمشي مع بتول حسب وضع رجلها، فتتفهم المجموعة الأمر وتواصل المشي، بينما يعود عليّ إلى بتول ليسندها بذراعه مشيا ببطء،كان الوقت حينها عصراً قريباً من الغروب وقد بدأت البرودة تشتد، فخلع عليّ معطفه وألبسه إلى بتول، رفضت بتول ما فعل وقالت: عليّ أرجوك لا تفعل ستمرض...

🔄يتبع...
#قصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى

💫الحلقة 10 💫


تصل المجموعة إلى الطريق المستقيم الذي يوصلهم مباشرة إلى كربلاء، فيبدأ الشاب المرشد بإعطائهم بعض التعليمات، حيث يعلمهم أن مجموع الأعمدة من النجف إلى كربلاء 1400 عمود، وأن المسافة بين كل عمود وآخر قرابة الخمسين متراً، ومن ثم وزعّ عليهم أوراقاً تحمل أرقاماً للهواتف في حال حدوث أي طاريء، أو في حال ضياعهم، كما تم تحديد أرقام الأعمدة التي سيتم التوقف عندها، مع تحديد الوقت، وبعد ذلك طلب من الجميع التوجه للقبلة وعقد النية، وقرأ لهم أحد الرواديد المرافق لهم زيارة عاشوراء ومن ثم قرأوا دعاء الفرج بصوت جماعي وبدأوا المشي، في هذه الأثناء توقف عليّ على جانب الطريق ونادى بتول وطلب منها أن تهدي خطوات المشي إلى من تحب، هنا استذكرت بتول والدها وبكت بصمت، فقال علي : رحمك الله يا عمي، هيا يا بتول فلنمشي نحو الجنة, فخنقتها العبرة وبكت بكاءً شجيا وهي تقول: واحسيناه واغريباه. تجدّ المجموعة في السيرنحو كربلاء، وبتول تتأمل في ذلك المشهد الملائكي، تشعر أنها تطير بجناحين إلى الجنة، تتعجب من لغة العشق التي تحملها هذه القلوب الطاهرة، بين صغير وكبير، إمرأة ورجل، مريض وصحيح، ضعيف وقوي، غني وفقير، الكل يسير في اتجاه واحد نحو قبلة واحدة، وكأن الطريق إلى كربلاء يحدثك بأن مصيرك أيها العبد واحد، ولكن هدفك أنت من يحدده، وحينما تحدد الهدف اسأل نفسك هل تستحق الوصول إليه، هنا تبدأ بتول تراجع حساباتها وهي تخاطب الحسين: أبا عبد الله أنا العبدة المذنبة جئتك أحتطب ذنوبي على ظهري، كما تلك الحقيبة التي أحملها، فطهرني مولاي، آه ربي كم عصيت وكم أسأت وكم آذيت، عفوك مولاي، تتقاطر دموعها حسرة وندماً، وتعود لتسأل نفسها: ترى هل أستحق زيارة سيد شباب الجنة؟ ترى هل سأصل إليه؟ ترى هل سيردّ سلامي؟ وإن وصلت فهل سأسجل من الزوار، أم أنه سيصدق علي (( ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج)) آه وانفساه، فجأة تشعر بتول بالغثيان، وتتوقف عن المشي، حينها يلتفت عليّ إليها، ويقترب منها ويهمس في أذنها: ما بكِ،هل تشعرين بالتعب؟ فتحاول بتول طمأنته: أنا بخير ولكن... هنا تصرخ : عليّ أريد أن أتقيأ,, فيخرج عليّ كيساً من حقيبته ويعطيها إياه، فتنفرد بتول جانباً وتبدأ بالتقيأ، يسرع عليّ إلى أحد المضائف على جانبي الطريق ويحضر لها كوباً من الماء، ومن ثم يأخذ بيدها ويجلسها على أحد الكراسي، ويعود ليطمئن عليها: بتول، ما الذي جرى هل أنتِ بخير الآن, ترد عليه بصوت منخفض: أنا بخير لا تقلق لا تقلق، يبدو أنني أكلت شيئاً لم يناسبني.
فيصرّ عليّ على أخذها للمفرزة الطبية، إلا أنّ يتول تؤكد له أنها بخير وتصرّ على مواصلة المشي...

🔄يتبع...
#قصص_الحسنات
🔹#ولليل_حكاية_أخرى

💫الحلقة 9 💫

ثم يصعدان إلى الغرفة لتجهيز حقائبهما وتسليمها لإدارة الحملة لأخذها لكربلاء، مباشرة، وتجهيز حقيبتيهما الخاصتين بالظهر للمشاية، في هذه الأثناء تحاول بتول مجدداً فتح موضوع الشاب: علي عزيزي اسمعني، هذا الشاب زميلي في العمل وهو الذي بادر بالسلام، فلم أنت متضايق إلى هذا الحد، فصرخ عليّ بحنق: بتول، لا تحاولي استغفالي هذا الشاب قد اخبرتكِ مراراً أنني لا أرتاح إليه، وطلبت منكِ أن لا تتعاملي معه، وحينما أقول لا أرتاح إليه تيقني أنني لم أحكم عليه من ذاتي فقط، بل أنني أتكلم بناء على معطيات، ولكنك يا بتول للأسف تتجاهلين كل ما أطلب.
تصرخ بتول: عليّ، حرامٌ عليك أن تحكم عليّ دون علم بتفاصيل الموضوع، دعني أشرح لك. إلا أنّ علي يطلب منها غلق الموضوع، فقد حان موعد المشي إلى كربلاء، يتجه معظم الزوار إلى الحافلات التي ستقلهم إلى كربلاء، بينما يتجه علي وبتول مع مجموعة عزموا المشي إلى كربلاء سيراً على الأقدام مع المشاية، وفي قلب بتول شجى. تبدأ المجموعة في المشي بين أزقة النجف، وبيوتها القديمة، حتى يصلون إلى مقبرة الغري، ويبدأ أحد شباب الحملة في شرح بسيط عن المقبرة، حيث يخبرهم أنها أكبر مقبرة إسلامية في العالم، وتعد ثاني أكبر مقبرة في العالم، وأنها تضم نحو خمسة ملايين قبر، حينها تتوقف بتول عن المشي وتتجه ناحية المقبرة، يلتفت عليّ إليها ويقترب منها، ويسألها: لمَ توقفت؟ ما بكِ؟ التفتت بتول إليه: عليّ هل هي ذاتها مقبرة وادي السلام؟ فيرد عليها: نعم، حيث تؤكد الروايات أن وادي السلام بقعة من بقاع جنة عدن.
فتواصل بتول في أسئلتها: هل كما سمعت أن أرواح المؤمنين تجتمع هنا؟ فيرد عليها علي: نعم يا بتول، وللعلم هذه المقبرة المباركة تضم مرقد النبيين هود وصالح. تقترب بتول من جدار المقبرة أكثر وتتمتم: سبحان الله { كلّ من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}, هنا يناديها علي: هيا يا بتول لقد تقدمت الجماعة علينا كثيراً، فيسرعان للحاق بالمجموعة، وفي أثناء السير، ترمق بتول عليا وهما يسيران إلى جنب بعضهما البعض، وتبادره بسؤال: علي، هل هذه الزيارة الثالثة لك للأربعين كما أخبرتني مسبقاً؟
فيلتفت إليها: لا يا بتول: بل هي السابعة، فأنا مواضب عليها من فترة الثانوي إلى الآن، وفقط العام الماضي لظروف دراسة الماجستير لم أوفق للحضور، فنظرت اليه بتول وابتسمت: ولكنك توفقت هذه العام ومعي، علي يتجاهلها، تحاول بتول أن تقترب منه ، وتلامس يدها يده، ولكنه لا يتجاوب معها، تستسلم لجفائه وتلتحق بالنسوة اللاتي قررن المشي مع المجموعة، بعد أن تستأذن منه، ويلتحق هو بالشباب المشاية
Ещё