#داستان_کوتاه_ضربة_مقص🆔 @CTAFJ #قسمت_سومتراجع يوسف معتذرا في آلية، مما وشى بأنه معتاد البصارة و معتاد الاتهام و معتاد الإعتذار، وحتی ثبت لديه أن البصارة أحد عوامل إبداعه الرئيسية، إن لم يكن العامل الوحيد المؤثر في إعتدال مزاجه وكمال فنه.
وإبتعد يوسف ليعود وكأنه ما إعتذر وإنقض على الرأس والوجنتين منظفا، مشذبا، ثم غمر الخدود بماء الكولونيا؛ فاستقبلت أنف الفتى الرائحة الليمونية بترحاب، وإنفرجت أساريره، وأدرك أن الأسطى يوسف الحلاق يعوّضه عن موجات البصارة بدوامات من عطر الليمون العبق و"بحلقة" دونها أكبر محل في _ المنصورة!
وخرج الفتى وقد نفح يوسف عشرة قروش وعد ذلك إكراما له، ثم دخل عليه بعد 30 سنة، وكان يوسف بموقفه ذاته من رأس زبون في الخامسة عشرة من عمره، شعره أسود كقطع الليل، خداه متوردان، بهما شعر خفيف محتاج لفتلة يوسف القوية، وهو يتململ، متضايق، غير أنه مستسلم لأصابع الفنان.
والفنان نفسه صار أصلع تقريبا وصار أعمى تقريبا وصار أصم تقريبا وصار مدمن بصارة على وجه اليقين!
فلما ناداه الفتى العائد بعد 30 سنة أن:
_ يا عم يوسف!
التفت العجوز إليه كأن الصوت قادم من 30 سنة فاتت وإستدار نصف إستدارة والمقص بيمناه والمشط بيسراه والعين كليلة والقلب فرحان.
لم يكن فرحه بالعائد، بل كان في الحقيقة فرحا مرتبطا بعودة سنين طويلة هربت منه وهو محصور محشور في النصف متر المقدرة له بين المرآة ورأس الزبون! إقترب من الوجه العائد وتهلّل وجهه وقال:
_ كنت فين ياللى كرهت ريحة البصارة؟
_ لفّيت كتير ورحت بلاد بعيدة، ملقيتش زي صوابعك ومقصك يا عم يوسف!
_ عرفت بأه* مفعول البصارة؟
_ عرفته يا فنان .... لسه بتاكلها؟
_ طول ما المحل ده مفتوح ... يبقي أنا بأكل بصارة!
ونظر إليه العائد مستغربا العلاقة السببية بين مجرد الوجود على ظهر الدنيا وبين طبق بصارة يومي!
إنتبه العائد لعم يوسف وهو يدفعه برفق إلى المقعد ليقص له شعره وكان فرغ من الزبون المراهق بعدها بقليل.
*«بأه (في العامية المصرية): فيما بقي»
#فاطمه_جعفری♐️ https://t.center/CTAFJ