ليس الإحسان هو العطاء كما يظن عامة الناس، فالعطاء قد يكون نفاقًا ورياء، وقد يكون أحبولة ينصبها المعطي لاصطياد النفوس وامتلاك الأعناق، وقد يكون رأس مال يتجر فيه صاحبه ليبذل قليلًا ويربح كثيرًا. إنما الإحسان عاطفة كريمة من عواطف النفس تتألم لمناظر البؤس ومصارع الشقاء.
{وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرًا}
مشهد مثير للحمية مستنهض للكرامة مستدر للرحمة، وهو مشهد متكرر، نراه اليوم، لكن لم نر الحمية والكرامة والرحمة المناسبة للمشهد الذي تتمثل فيه الفتنة والمحنة في أخص الخصائص: الدين. إن ردود الأفعال جميعها دون الصرخات والآهات والجراح، وستظل دونها ما لم توقفها ثم تثأر لها.