تزوّجت امرأة من تاجر غنيّ ، له محل كبير يبيع فيه القماش والملابس وكان بخيلاً جداً
وذات يوم اشترى الرجل دجاجة ، وطلب من زوجته أن تطبخها ليتناول جزءاً منها على العشاء
وبينما كان الزوجان يتناولان طعام العشاء ، سمعا طرقاً على الباب .
فتح الزوج الباب ، فوجد رجلاً فقيراً يطلب بعض الطّعام لأنه جائع
رفض الزوج أن يعطيه شيئاً وصاح به وقال له كلاماً قاسياً وطرده
فقال له السائل : سامحك الله يا سيّدي ، فلولا الحاجة الشديدة والجوع الشّديد ، ما طرقت بابك !.
لم ينتظر الرجل أن يكمل السّائل كلامه ، وأغلق الباب بعنف في وجهه ، وعاد إلى طعامه .
قالت الزوجة : لماذا أغلقت الباب هكذا في وجه السّائل ؟
فقال الزوج بغضب : وماذا كنت تريدين أن أفعل ؟
فقالت : كان من الممكن أن تعطيه قطعةً من الدجاجة ، ولو أخذ جناحيها يسدّ بها جوعه
قال الزوج : أعطيه جناحاً كاملاً ؟! أجننت ؟!
قالت الزوجة : إذن ، قل له كلمة طيّبة !
وبعد أيام ذهب التاجر إلى متجره ، فوجد أن حريقاً قد أحرق كل القماش والملابس ، ولم يترك شيئاً
عاد الرجل إلى زوجته حزيناً وقال لها : لقد جعل الحريق المحل رماداً ، وأصبحت لا أملك شيئاً
قالت الزوجة : لا تستسلم للأحزان يا زوجي واصبر على قضاء الله وقدره ، ولا تيأس من رحمة الله ، ولسوف يعوّضك الله خيراً
لكن الرجل قال لزوجته : اسمعي يا امرأة ، حتى يأتي هذا الخير اذهبي إلى بيت أبيك ؛ فأنا لا أستطيع الإنفاق عليك !
وطلّق الزوج زوجته ، ولكن الله أكرمها فتزوّجت من رجلٍ آخر كريم يرحم الضّعفاء ، ويطعم المساكين ، ولا يردّ محروماً ولا سائلاً
وذات يومٍ بينما كانت المرأة تتناول العشاء مع زوجها الجديد
دقّ الباب فنهضت المرأة لترى من الطّارق ورجعت وقالت لزوجها : هناك سائل يشكوا شدّة الجوع ويطلب الطّعام
فقال لها زوجها : أعطيه إحدى هاتين الدّجاجتين ، تكفينا دجاجة واحدة لعشائنا ، فلقد أنعم الله علينا ، ولن نخيّب رجاء من يلجأ إلينا
فقالت : ما أكرمك وما أطيبك ، يا زوجي !
أخذت الزوجة الدجاجة لتعطيها السّائل ، ثم عادت إلى زوجها لتكمل العشاء والدموع تملأ عينيها
لاحظ الزوج عليها ذلك ، فقال لها في دهشة : ماذا يبكيك يا زوجتي العزيزة ؟
فقالت : إنّني أبكي من شدّة حزني !
فسألها زوجها عن السّبب فأجابته : أنا أبكي لأنّ السّائل الذي دقّ بابنا منذ قليل ، وأمرتني أن أعطيه الدّجاجة ، هو زوجي الأول !
ثمّ أخذت المرأة تحكي لزوجها قصّة الزوج الأول البخيل الذي أهان السائل وطرده دون أن يعطيه شيئاً وأسمعه كلاماً لاذعاً قاسياً
فقال لها زوجها الكريم : يا زوجتي ، إذا كان السّائل الذي دقّ بابنا هو زوجك الأول فأنا السّائل الأول !
*الحكمــــه*
لا تستقوي بما معك اليوم فسبحان العاطي الوهاب ، إذا لم تحسن التصرف فيما أعطاك قد يأخذه منك
المال الذي تتعب في جمعه هو مالك ما دمت حي فقط
أما المال الذي تتصدق به فهو مالك إلى أبد الآبدين، إنه الصديق والرفيق الذي لا يفارقك أبداً
فلينظر كل إنسان في أيهما تكمن مصلحته الحقيقية والكبرى.