View in Telegram
كتبت قبل سنوات في أدب الوعظ، وإليك المقالة، وكنت قد عنونتها ب: "قمع الهوى بكتائب التقوى" -1- قال: لم أعلم كيف تسللت إلى قلبي!  في غفلة منه؟ أم قد فتح هو لها الباب؟ حتى إذا ملكتْه ..  وشعر بوقوعه أسيرا؛  انتفض يطلب الخلاص! ويبحث عن سبيل النجاة! لا غرو إن فعل ذلك؛ وعنده بذرة التقوى، وأصل شجرة الإيمان ..  لا لأن الحب حرام؛ وإنما لانسداد كل طريق دون الوصال المباح! -2- وإرواء ظمأ الهوى مما لا سبيل إليه البتة، ونبتةُ الهوى نبتةٌ ماردةٌ لا تَروى ولا تشبع! وكلما سقيتَها مما تتطلبه- رغبة في تخفيف حدة أشواكها- ازداد تمردها، وعلا عذقها، وتشبثت جذورها بقلبك حتى لا تنخلع إلا بانخلاعه! -3- قال: وإني لأقف ضعيفاً أمام هذا المرض! لا أملك له دواءً؛ إلا زاد مِن دائه! ولا أتيته من جهة إلا أتاني من جهات! ولا جمعتُ القوى للسيطرة عليه؛ إلا واجهني بألوان الكمائن؛  فما كان إلا أن تفرق جمعي وتشتت شملي،  ثم عدت تحت سياط الهوى واستبداده عبداً يبحث لسيده عن لبن العصفور !! قال: يا ويحي! أشكو إلى الله! أشكو إليه مرارة الأسر ومراودة النفس الفاتنة وضعف القلب الشغوف ورقة العاطفة الأخاذة .. -4- قلت: تدور وصفتي في مقارعة الهوى حول الشرب من نبع التقوى واتخاذها الدواء الأنجع!  فأدمْ- نوَّر الله بصيرتك- تعاهُدَ شجرتِها؛  لتقوى بالتقوى على مجابهة الهوى، ولتكبح جماح تمرده بلجامها! ثم استعن - أعانك الله- بالخشية من الافتضاح، والحياء مِن مواجهة الناس بعواقبه؛ فإن في ذلك تُكْأةً على المواجهة .. وتسليحاً لجيوش العقل في غارتها على معاقل الهوى! -5- وإني لأجدك عاقلاً تبصر العواقب،  لكنك تؤتى من قبل نفسك التي تنزع نحو تمنيتك بالفسحة الموهومة؛ التي يمكن أن تتحرك خلالها، وتلعب في أرجائها! وإني ناصحك بالفطام ..  الفطام الذي تدوس فيه رغباتك؛ وإن صاحت النفس ألماً! وتلجم به جماحك؛  وإن حاولت النفس التمرد .. فالنفس إنما هي طفل لحوح .. فيه مِن حمق الطفولة وبراءتها .. -6- وأنت في مقام لا يلتفت فيه أحد إلى تلك البراءة ولا يقيم لها وزناً!!  فإياك ثم إياك! والنَّاس لا ترى منك صفاء قلبك ولا نقيَّ مودتك! وإنما ترى جنوحك نحو التصابي!  فتُلعن بينهم وتهان ..  والله يقينا شرور هذا الامتهان!
Telegram Center
Telegram Center
Channel