كفى ممطالة يدفع ثمنها الشعب!
تطبيق القرار 2254 وإجراء حوار سوري سوري فوراً هو الحل الوحيد والصبر بدأ ينفذ.
الكاتب والمحلل السياسي/ رامي الشاعر
https://chat.whatsapp.com/Ejf5sl242YQLPWqaMJKJPV
العصر-في أول تقدم على الأرض تحققه فصائل المعارضة السورية المسلحة منذ مارس 2020، بعد أن تمكنت مجموعة أستانا (روسيا وتركيا وإيران) من التوصل لوقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، وإنشاء مناطق خفض التصعيد، شنت تلك الفصائل هجوما، الأربعاء الماضي، اجتاحت خلاله 12 بلدة وقرية في محافظة حلب شمال غربي البلاد.
لم يكن دخول حلب والسيطرة عليها بالسهولة والدراماتيكية التي تحدث عنها البعض، ولم تكن الأرض ممهدة على النحو الذي ذهب فيه البعض إلى اتهام الجيش العربي السوري بالانسحاب غير المنظم، وإنما كان الهجوم بمثابة عملية كبرى، دعمتها حاضنة شعبية أسهمت في نجاح العملية بهذه السرعة.
كان تعليق الكرملين على لسان المتحدث الرسمي دميتري بيسكوف واضحا لا لبس فيه، واعتبر عملية حلب "تعديا على السيادة السورية"، وهو محق وأتفق معه، فأي استخدام للسلاح خارج إطار الشرعية الدستورية في أي دولة هو تعد على سيادة الدولة ووحدة أراضيها والجمهورية العربية السورية ليست استثناء.
لكن ما يجب وضعه في الاعتبار هنا هو حالة الاحتقان من الأوضاع الراهنة في البلاد، ما جعل المواطنين البسطاء متعطشين لأي رياح تغيير تأتي من أي جبهة، بصرف النظر عن أيديولوجيتها أو سياساتها أو مصادر تمويلها أو أي شيء. فالشعب البسيط يعيش حالة من الجحيم المستمر الذي تسهم في إشعاله العقوبات الغربية بقيادة الولايات المتحدة، فلا تدفئة ولا مواصلات في ظل انتشار الجوع والفقر والمرض، وافتقار للحد الأدنى من متطلبات الحياة.
هناك حالة احتقان عامة في الشارع السوري، وضاق الشعب من شمال وجنوب سوريا ذرعا بالوضع الحالي، الذي يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى النظام الحالي الحاكم في عموم سوريا، لهذا يبحث الناس عن أي بارقة أمل وأي مخرج من الوضع وأي منقذ من الكارثة الحالية. وهنا تظهر المعارضة، بصرف النظر عن مضمونها الأيديولوجي والسياسي، وأحياناً حتى بصرف النظر عن الوسائل التي يمكن أن تتجاوز الدستور وتخرج عن الشرعية، فيلتف حولها البسطاء بحثاً عن ضوء في نهاية النفق، إلا أن المخرج من الأزمة السورية لن يكون، وكما كررت وأكرر ولن أتوقف عن التكرار، سوى بالعودة إلى ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومخرجات مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري السوري عام 2018.
لقد طال انتظار عامة الشعب السوري للحل، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد ومرشح للتدهور أكثر وأكثر، في حين أن الوضع كارثي بالفعل. ولم تعد القضية اليوم هي قضية جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام أو أيا ما كان مسمى الفصائل والكتائب والألوية وأطياف المعارضة المختلفة، ولم تعد القضية قضية "دور المرأة" أو درجة "أسلمة" أو "علمنة" الدولة السورية، ولم تعد القضية كذلك قضية الأسد أو "البعث" أو "العلويين"، بل أصبحت القضية قضية ماء وغذاء وطاقة ومواصلات وتعليم وصحة وحد أدنى يوفر للأطفال نموا طبيعيا ويحمي مستقبل البلاد والشعب من الفوضى والانقراض والاندثار، إن القضية أصبحت قضية وجود الدولة السورية بالأساس، القضية أصبحت رغبة 7 ملايين سوري على أقل تقدير، يرغبون بصدق، إلى جانب غيرهم من المواطنين السوريين، في إيجاد مخرج وحل للوضع المأساوي الراهن الذي لم يعد يحتمل على الإطلاق.
وما يجري اليوم على الأرض في الشمال السوري هو النتيجة المنطقية والطبيعية لمماطلة النظام في دمشق في التجاوب مع عملية الانتقال السلمي للسلطة، والحوار مع جميع مكونات الشعب السوري، وضم الجميع تحت مظلة سوريا الموحدة التي تعيش في أمن وأمان واستقرار وعلاقات حسن جوار. ولقد بذلت روسيا كل ما بوسعها من خلال مجموعة دول أستانا، ومن خلال أكثر من إعلان عن استعدادها لاستقبال محادثات ثنائية رفيعة المستوى، وإسهامها الفعلي في حوارات المعارضة السورية والنظام، وغيرها من الفعاليات التي انتهت، مع الأسف الشديد، دون إحراز النتائج المرجوة، برغم أن الحد الأدنى، وهو الوصول إلى نظام التهدئة ووقف إطلاق النار، قد تم الوصول إليه، ولكن بهدف أن نصل إلى نضج العامل السوري الداخلي لبدء الانتقال السلمي إلى دستور جديد ونظام حكم يستوعب الجميع.
أما الحديث عما يسمونه "قصف الطيران الروسي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة"، فهو أمر عار عن الصحة بالجملة، فروسيا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتدخل في تطورات الأحداث بسوريا ضد إرادة الشعب السوري، ولكن يمكنها فقط أن تساعد في مكافحة الإرهاب واستعادة النظام بتوفير الدعم لاستهداف أي أنشطة إرهابية وتنظيمات مدرجة على قوائم التنظيمات الإرهابية المصنفة وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.