والرحلة طبيعتها التنقل مكانا وزمانا وظروفا وأحداثا وأشياء وأشخاصا ومعلومات وأفكارا ..
بعضنا يوحي إلى عقله بالاستقرار والراحة عند نقطة معينة تدور حول العوائد والمألوفات (وجدنا آباءنا..) أوحول الأهداف المؤقتة كالتخرج أو امتلاك بيت أو زواج ...
والحياة رحلة لا تتوقف،
وعقول بعض البشر توقفت منذ زمن وأخذت تطوف حول ذات الأفكار....إنها تعاند حركة الحياة وجريان الماء.
إننا إذا دربنا عقولنا على المرونة فستصبح قادرة على التجاوب مع المتغيرات وحسن نقدها والتمييز بين غثها وسمينها.
يجب تذكير عقولنا دوما(نحن في سفر) والسفر يستلزم الحركة والتنقل،ويجب عليك عزيزي العقل الاستعداد لكافة الظروف التي تقع في الرحلة!
إن القطار لا يتوقف،فإما أن توافقه في حركته أو تنزل لتظل عالقا في رصيف من الأرصفة معاقا عن الحركة مشلولا عن الضرب في الأرض!
إن مرونة عقولنا مهارة أساسية تضمن استمرارنا في التفاعل مع الحياة، مع الرحلة، مع الركاب،مع المحطات، مع المناظر ..
إن العقول المرنة تتيح لنا دوما أن نعلم بعد علم شيئا،وأن نزداد في كل يوم عرفانا...
إنها في الحقيقة تساهم في بقائنا أحياء!
إن جزءا كبيرا من متعة الحياة وإثارتها مبني على مدى مرونة عقولنا وتجددها...
-وإن من المفهومات المغلوطة عند كثير من الناس مفهوم(الثبات)
حيث يحسبونه محمودا في كل شيء! وهو في الحقيقة جمود وشلل وربما موت بطيء!
إن الثبات المحمود يكون في المقاصد والقيم العليا،وليس في الوسائل والأدوات والأساليب والطرق!
وإن من أعظم الفقه أن تحسن التفريق بين الغايات والوسائل!
وفي سياق نظرية السيدة هنا فإن المقترح هنا أن يكون الثبات في الأهداف الروحية: زكاة النفس، طهارة القلب،سلامة الصدر،الرضا،الشكر.... وهكذا ..
لماذا ؟ لأن المشاعر الطيبة هي مطلوب كل أحد في مآل كل شأن في الدنيا..
ولأن الذي ينفع في الآخرة أن تأتي الله ب(قلب سليم).
حين نتبنى تلك البواطن كمقاصد عليا سنضبط حركة العقل ليكون مرنا نافعا لنا..
ومن ثم نرشد السلوك ليكون مرنا كذلك في دائرة الأهداف الكبرى..
إننا حينها سنحسن تلقي الوحي وتدبر الأمر عاملين بمحكماته وقطعياته،مرنين في مساحات الاجتهاد الظني التي أتاحها العليم الحكيم، وسنحسن كذلك التفكر في الخلق بعقول مرنة منفتحة!
وبذلك نسلم من المرونة المنفلتة ومن الجمود والثبات المذموم!
أيها الآدمي استصحب المرونة دوما في رحلتك الأرضية القصيرة المؤقتة العابرة، واصل سفرك متجاوبا مع سائر محطات الطريق..
حافظ على لياقتك التي تتيح لك القدرة على المرونة النافعة لك، مع رجائي لك برحلة طيبة ( مرنة).