View in Telegram
من قواعد الحياة التي لا تتبدل: تبدل الأحوال! ومن سمات الدهر أنه قُلَّب، ومن صفات الأيام أنها دول! يجب أن نفقه جيدا حق اليقين أن البقاء والثبات والديمومة أوصاف لا علاقة لها بالمرحلة الدنيوية العابرة المتقلبة الفانية! ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار لقد خلقنا الخلاق العليم أطوارا ( أجنة،أطفالا،مراهقين،بالغين، فتيانا،شبابا،كهولا،شيوخا،شيبا...) وكذلك أحداث حياتنا وأحوال أزمنتنا يعتورها دوما التحول والانتقال والتنوع ... وذلك ليس بغريب على حال المسافر عابر السبيل، إذ تجده متوقعا لأن ينام الليلة في مكان وغدا في آخر،ويأكل طعاما اليوم وغدا آخر، ويستعمل وسيلة نقل اليوم وغدا أخرى.. إن المسافر متصالح مع فكرة التنقل؛ لأنه ببساطة راحل! وليس في دار إقامة، ليس في وطنه. حين أهبطنا إلى الأرض لم يكن ذلك لنخلد إليها أو نثاقل، بل لنؤدي اختبار الدور الثاني! هل يتصور شخص يمكث في قاعة الاختبار ملتصقا بمقعده رافضا تبديله أو مغادرته؟! يقال له: لديك عدة مواد ..عدة قاعات .. عدة امتحانات ... فيرفض ويحاول السكون على أول مقعد في أول فصل معاندا نظام الاختبارات الذي يجري في عدة مواد وفصول ...!!! أم هل رأيتم طالبا أدى اختبار هذا العام وأصبح مؤهلا للانتقال إلى الصف الثاني ثم الثالث ..ولكنه يصر على البقاء في الصف الأول؟؟!! ذلك أمر مستنكر لدى الجميع. ألا وإن الحياة الدنيا كذلك! لا مناص من العلم بطبيعتها،والتعايش مع صفتها التداولية... أرأيت لو بقيت رضيعا هل كان يمكنك قراءة هذه المقالة مثلا؟! ذلك قانون كوني تاريخي لا يتخلف، فما بالكم بزماننا السريع في كل شيء حتى في تبدلاته وتحولاته! من أجل ذلك بات من أعظم مهارات القرن الحادي والعشرين :: (((((المرونة)))) الزمان يتبدل،المكان يتنوع، الأشخاص يختلفون،الأحداث تتحول... المداولة تجري على الجميع! سنة الله. وحتى تدرك ذلك بسهولة تفكر مثلا في وسيلة النقل كيف كانت قبل ٢٠٠ عام وكيف أصبحت اليوم! وقس على ذلك .. كيف بك أيضا وأنت اليوم في نهايات حقبة النظام العالمي الذي أتى نتيجة الحرب العالمية الثانية، وفي بدايات تشكل نظم عالمية جديدة في شتى جوانب الحياة؟! لقد بات والحال كذلك اكتساب مهارة(المرونة) ضروريا وليس حاجيا أو تحسينيا! إن من أعظم ما ينبغي تعلمه والتدرب عليه والاستعداد له مهارة(المرونة). لا شيء مضمون! لا أحد يبقى! السياسة والاقتصاد،العملات، طرق التعليم،وسائل الإعلام، الطب، السلاح ....الخ الحياة كلها في طور جديد، ونحن جميعا -سيما الشباب- ملزمون بالتكيف مع الواقعات الحديثة! إن البكاء على الأطلال وكانوا وكنا لن يجدي شيئا،،، على كل جيل أن يكون شجاعا في مواجهة تحديات زمانه، ذكيا في استثمار فرص عصره،سباقا إلى خيرات أيامه، زكيا في الاستزادة من بركات دهره! سأل التلميذ معلم التاريخ يوما عن كتب التاريخ أيها يقرأ؟ فأجاب: اصنع تاريخك بنفسك! التاريخ اليوم يكتب من جديد، هل استوعبت ذلك؟ الجمود على ظروف سلفت، والالتصاق بأقوام مضوا، وكانوا وكنا... تلك مظاهر العجز والفرار من المسؤولية! نحن في عالم جديد، شئنا أم أبينا.. وأسوأ ما يمكننا فعله بأنفسنا: الثبات السلبي! أن نستمر في ممارسة أمور ربما كانت مناسبة لأزمنة خلت، أن نلتصق بأماكن اعتدنا المقام فيها، أن نظل نكرر ذات الأساليب ونستعمل ذات الأدوات في زمن مختلف! نحن اليوم في لحظة تاريخية فارقة، في نقلة هائلة إلى واقع مغاير تماما! أمام ذلك لا بد من اكتسابنا لمهارة (المرونة) أن تكون منفتحا لأماكن لم تألفها،أدوات لم تسمع عنها،معلومات لم تقرأها قبل... إن لم تكن جاهزا للخروج من مناطق الراحة التي ألفتها فستكون للأسف في ركب الضحايا! ربما ستحتاج الحديث بلغة أخرى، ربما تدرس علما آخر، ربما تتاجر في مجال آخر، ربما وربما.. لا يملك أحد اليوم أن يخبرك بتفاصيل ما سيحدث، لكن بإمكانك اكتساب مهارة(المرونة) التي تعينك على سرعة التكيف، بل وعلى المشاركة في صناعة الواقع الجديد! إن الماضي مستقبل صنعه أمم قد خلت،والمستقبل سيكون ماضيا لأناس قادمين فهلا شاركت في صناعة مستقبل جميل؟! المرونة المرونة .. ملَكةٌ من أتقنها سيحسن التعامل مع متغيرات الدنيا! إذا أردت الاطمئنان على مستقبل أحد فتأكد من إحسانه تلك المهارة( المصيرية) المرونة. خادمنا العقل الفاضل يجب توظيفه ليكون مرنا قادرا على فلترة ما يتلقاه من العقل الجمعي، وعلى سرعة التكيف مع المتغيرات بشكل واع ونافع. ينبغي تدريب خادمنا الجيد(العقل) على التجدد وعدم الجمود ،وعلى التقبل والتهيئ الدائم للتحديث المستمر! عقولنا الذكية من مهماتها الرئيسة أن تدرك أننا في (رحلة) ولسنا في نقطة الوصول!
Telegram Center
Telegram Center
Channel