وهنا - ونحن في خضم الحرب العالمية الثالثة- ندعو كل إنسان أن يراجع فطرته الأولى وأسلوبه الأصيل في العلم والعمل، وأن يظل متصالحا مع الأخطاء التي هي جزء من طبيعته، لا ليكررها بطبيعة الحال،وإنما ليتعلم منها ويتخذها درجة في سلم الارتقاء في مدارج الحق والخير والجمال!
-قد يؤثر بعضنا عدم الخطأ لأجل الراحة المتوهمة والسلامة الكاذبة من ثمن الخطأ!
وربما اشتغلنا بلوم المتعلمين العاملين الذين بطبيعة الحال يخطئون! لنخفف ألم قعودنا ونبرر لأنفسنا أسلوب عدم الخطأ!
لكن لنتذكر أننا عندها مصابون بالشلل والإعاقة بل والموت!
لننتبه أننا حينها لسنا من اللاعبين ولا حتى من الجمهور، بل نحن خارج الملعب برمته!
-إن ربنا الذي أنشأ أبداننا من طين الأرض وهو أعلم بنا راعى فينا (الخلق) فخفف(الأمر)
فلم يقرر أن خير بني آدم الذين لا يخطئون! بل جاء البيان النبوي صريحا( كل بني آدم خطاء) فأقر تلك الطبيعة...ثم بين السبيل( وخير الخطائين التوابون) فرضي لنا ومنا التوبة الدائبة! هذا في جانب حقه سبحانه وبحمده!
ثم من جانب آخر خلق الله لنا وسخر ما في السموات وما في الأرض وأمرنا بالنظر والتفكر وبالعمارة والعمل والانتفاع والنفع! وذلكم لا يتم إلا بتجربة وسير في الأرض ومحاولات...وذلك يستلزم أخطاء وأخطاء ونحن في طرق الاكتشاف لما بثه البديع في الآفاق وفي الأنفس!
وعليه فأمر معاشنا ومعادنا قائم على خطأ وصواب، ذنب وتوبة... وهكذا تسير حياتنا كبشر ذوي خطأ.
ولو شاء الله لجعلنا ملائكة، ولكنه قضى أن نمضي على طريق التجربة والتعلم المستمر والإصلاح الدائب عبر أسلوب الخطأ ثم الصواب!
إن رفض طبيعة الخطأ فينا دينيا أمر يورث الغلو في الدين والتنطع المفضي إلى الهلاك واليأس والقنوط!
وإن رفض طبيعة الخطأ فينا دنيويا يورث عقدة الاستكمال المفضية إلى الشلل والقعود والسلبية وترك العمل والحرمان من خيرات الحياة.
إن خطأنا الديني يساعدنا على الرحمة والتواضع وينزع الكبر من صدورنا فنسلم من خطيئة إبليس الكبرى، ويقودنا إلى الاستغفار والتوبة المحبوبة لربنا.
ولو لم نذنب لذهب الله بنا!
ولو لم نستغفر لعذبنا كإبليس!
فلم يبق إلا التوبة الدائمة وتقبل حقيقة ( كلنا خطاء)...
وإن أخطاءنا الدنيوية تحفزنا على التعلم المستمر والتحسين الدائم ،وخفض الجناح لبني آدم، وإنها لتقودنا تلقائيا إلى التعارف والتعاون وتبادل المنافع علما وعملا!
إننا مأمورون دوما بالتعلم وسؤال الزيادة في العلم،والعلم بحر لا ساحل له، وعليه فمع المحبرة إلى المقبرة، ومن لوازم ذلك: وقوعنا في الأخطاء وتصحيحها ...
وإننا مأمورون كذلك بالسعي لنكون( أحسن عملا) والحسن لا سقف له، فلا بد إذًا من العمل الدائب حتى الممات، والعمل يستلزم أخطاء، وعلينا الإقرار بتلك الطبيعة،وملازمة التصويب المستمر!
-أيها الآدمي: خلقك مولاك حيا متحركا متعلما عاملا،وراعى ضعفك الجبلي ووقوعك في الخطأ، ورضي لك ومنك التوبة والتصحيح المستمر!
فتقبل سنة الله في خلقك خطاء،ولا تستنكف وتستكبر عن تلكم الحقيقة، وتأكد دوريا أن تقوم باكتساب الدروس من ذلك، والارتقاء إلى درجة أعلى في طريقك إليه!
عزيزي الآدمي: قل لي ما اخطاؤك؟ وماذا استفدت منها؟ أقل لك ما درجتك في الآدمية!
ودمتَ آدميا 😁