سبحان الله وبحمده..
.
ما يُهذب النفسَ الجامحة -التي أوجعها التيهُ وظلمةَ الطريق حتى أنَّها لا قوَّة لها حتى على أبسط العبادات- ما يُهذِّبُها شيء كتهذيبِ الدعاء لها..
.
فإن وسوسَ إليها الشيطان في دعائِها أنك يا نفسُ منافقة، وتدعينَ دعاءَك هذا لتستجلبي خيراتِ الله وأنكِ لن تعودي إليه كما تدّعين؛ تنحرُه هي بسيف الدعاءِ ولا تكف عنه..
بل تقول يارب أنا أنا، ونفسي تعلمُها، لا سُلطانَ لي عليها فصُب فيها التُقىٰ..
يارب أدعوك بالجزء الصادق في قلبي أن تهديَ الجزء الذي ضل، يارب هذه نفسي آتيكَ بها طمعًا أن تهدني إليك، وأن تعفو عني وتغفر لي..
أدعوك بالجزء الصادق في قلبي أن تعصم جوارحي من معصيتِك..
أدعوك وقد خارت قواي أن تعينني عليها إنها تُهلكُني، وتَذهبُ بي إلى طريقٍ مُوحشة ولا ملجأ لي سواك..
.
يارب إنها تُعرقِلُني عن طاعتِك، وتوردني المهالك، وأنا أحبك وأحب طاعتك، وأحب أن أعود إليك، فلا تجعل لها سلطان عليّ..
يارب تلك الأصوات داخلي تُقنطني من عفوك، وعفوك يا كريمُ واسعٌ يشملُني، فجُد علي بما أنت أهلٌ له..
يارب تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، فأصلح نفسي وآوِها إليك...
يارب! وأنت تسمعُ داخلي، ولا حول ولا قوّة لي إلا بك..
.
فلا يكاد المرء يدعو ويلح منكسرًا حتى تستكين نفسُه، وتُهدىٰ خواطرُه..
.
يا فتى لا تدع أقذارَ الذنوبِ تمحُو الخيرَ الذي فيك..
فإنها تغيرُ قلبك شيئًا فشيء، حتى أنها تجعلك تحسد أنعمَ الناس وكنتَ في غِنى..
سيستحيلُ قلبُك إلى قلبٍ لم تعرفه منذ ولدت..
فادعو وألح ألا يتغيّر خيرٌ فطركَ اللهُ عليه.