إن هذه المُضغة تشتهي يا ربّ، وإنِّي ضعيفةٌ لا أقدر أن أهذّبَها فأُغالبُها برضاكَ وسخطِك، فتسكتُ ما شاءت ثمَّ تثور. أخشى أن تفقدَ بالذّنب رعدةَ الخوف من سخطك وراحةَ الاستكانة إلى رضاكَ فأُبتلى بمُضغةٍ بغيضةٍ تعصيني. أنا بريئةٌ منها إن عصَت، حنانَيك! قُم على شأن قلبي.
"لمّا تدعو الله في مسألة وتلحّ، ثم بعدها ينعكس كل شيء ضدك، إيّاك إيّاك أن تظن أن الله خيّبك ولم يقبل منك! إن الله يسوق لك الخير بطُرق قد لا تفهمها وإنه ليختبر يقينك ببعض العوارض فإذا رأى يقينك ثابتا ولم يهتز أدهشك بالعطاء.. وإنّ الله عند ظن الواثِقين به."
اللّه قادر.. قلها لقلبك، وروحك، لكل تلكَ الجراحاتِ المطوية، والآلام المختبئة، لريِّ ظمئك، وعطشِ سرِّك، ستُجبر يومًا.. اللّه قادِر.. فأنت لا تعلم كم تهب هذه الجملة من طمأنينة لقلبٍ يسعى، وكم تحيي من قلوب أتعبها التمني..
الله لطيفٌ بعباده.. إن حل عوضه أنساكَ كل لحظة يأس وبكاء، وكل لحظة ألم وفراق، وفي زحمة البلاء تذكر: "إن الله يربيك لتكون صالحًا لمجاورته في الجنة، فليس كل عبد يصلح لمجاورةِ الله في جنته"
ثَمّة أقداراً ومواقفَ قد تكرَه حدوثها، وتأتيك مُحَمّلة بالأسئلة، ولا تجد لها إجاباتٍ مُقنعة، لكن يظهرُ لكَ الخيرُ فيها بعد زمن، تُدرِك حينها أنَّ مُقَدِّر الأقدار ومُسَيِّر الأحداث أرادَ لك فيها عطاءً مُخبّأً من حيث لا تحتسب فقبل أن تصِل ستضيع.. قبل أن تطمئِن ستخاف.. قبل أن تُوقن ستشك.. قبل أن تتوازن سترتبك.. قبل أن تُجبر ستُكسر.. وقبل أن تتجلّى ستتخلى.. لذلك ..تذكر .. رُبّ أمرٍ تتّقيه .. جَرّ أمرًا ترتجيه" فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.
كفىٰ بكَ جهلاً أن تحسِدَ أهل الدُّنيا علىٰ ما أعطُوا، وتشغل قَلبك بما عندهُم؛ فتكُون أجهلَ منهُم= لأنّهم اشتَغلوا بما أُعطوا، واشتغلتَ أنتَ بما لَمْ تُعطَ.
فقال: هذا رسولُ رب العالمِينَ؛ جِبريلُ نفث في رُوعِي: إنَّه لا تَموتُ نفس حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليهَا، فاتَّقوا اللهَ؛ وأجملوا في الطَّلب، ولا يحملنكم استبطاء الرِّزقِ أن تَأخذوه بِمعصية اللهِ، فإنَّ الله لا يُنالُ ما عِندَه إلا بِطاعتِه."