خرجَ المسلمون يوماً لقتال الروم، فلما التقى الجيشان خرجَ فارس من جيش الروم يطلب المبارزة، فخرج له رجل مُلثَّم من جيش المسلمين فبارزه حتى قتله!
ثم خرج فارس آخر من جيش الروم يطلب المبارزة، فخرج إليه نفس الرجل الملثم من جيش المسلمين فبارزه حتى قتله!.
ثم خرج فارس ثالث من جيش الروم يطلب المبارزة، فخرج إليه نفس الرجل الملثم من جيش المسلمين فبارزه حتى قتله!
فاجتمع عليه المسلمون يريدون أن يعرفوا من هو، وهو يمسك بلثامه خشية أن يعرفه أحد، فقام رجل يُقال له أبو عمر ونزعَ اللثام عن وجهه فإذا هو عبد الله بن
المبارك!
فقال لأبي عمر: ما حسبتكَ ممن يُشنِّعْ علينا يا أبا عمر!
أراد عبد الله بن المبارك أن يكون جهاده خبيئة بينه وبين الله تعالى، لا يدري بها أحد من خلقه، واعتبرَ أن كشف وجهه من قبل أبي عمر فضيحة له!
إلى هذا الحد بلغَ به الإخلاص، أن يخفي وجهه في موضع لا تُخفى فيه الوجوه مخافة أن يرى الناس حسن صنيعه فيثنون عليه وهو يريد أن يبقى جهاده في سبيل الله سراً بينه وبين الله!..