إذا اعتادَ الملوكُ على الهوانِ
فذكرهم بأنّ الموتَ دانِ
وذكرهم بفرعون غريقٍ
كثيرِ الجيشِ معمور المغاني
وجثةُ طفلةِ بممرِ مشفىٍ
لها في العمرِ سبعٌ أو ثمانِ
على بردِ البلاطِ بلا سريرٍ
وإلا تحتَ أنقاضِ المباني
أراها وهي في الأكفانِ تعلو
ملاكًا في السماءِ على حصانِ
لها تاجٌ وزيٌ عسكريٌ
وشعبٌ من زهورِ الأقحوانِ
كأنّك قلتِ لي يا بنتُ شيئًا
عزيزًا لا يفسرُ باللسانِ
عن الدنيا وما فيها وعني
وعن معنى المخافةِ والأمانِ
ملوكُ المسلمينَ اليومَ رهنٌ
بخيطِ دمٍ على حدقِ الحسانِ
فنادِ المانعينَ الخبز عنها
ومن سمحوا به بعدَ الأوانِ
وهنئهم بفرعونٍ سمينٍ
كثيرِ الجيشِ معمور المغاني
له لا للبرايا النيلُ يجري
له البستانُ والثمرُ الدّواني
وقل لمفرِّقِ البحرينِ مهما
حجرتَ عليهما فسيرجعانِ
وإنْ راهنتَ أنّ الثأرَ يُنسى
فإنّك سوفَ تخسرُ في الرّهانِ
نُحَاصَر من أخٍ أو من عدوٍ
سنَغلِبُ وحدنا وسيندمان
سنغلبُ والذي جعلَ المنايا
بها أنفٌ من الرجلِ الجبانِ
بقيةُ كلِّ سيفٍ كثرَتنا
منايانا على مرِّ الزمانِ
كأنَّ الموتَ قابلةٌ عجوزٌ
تزورُ الحيَّ من آنٍ لآنِ
نموتُ فيكثرُ الأشرافُ فينا
وتختلطُ التعازي بالتهاني
كأن الحربَ للأشرافِ أمٌ
مشبهةُ القساوةَ بالحنانِ
لذلك ليسَ تذكرُ في المراثي
كثيرًا وهي تذكرُ في الأغاني
سنغلبُ والذي رفعَ الضحايا
من الأنقاضِ رأسًا للجنانِ
رماديون كالأنقاضِ شعثٌ
تحددهم خيوطُ الأرجوانِ
يدٌ ليدٍ تسلمهم فتبدو
سماءٌ ثم ترفعها يدانِ
يدٌ ليدٍ كمعراجٍ طويلٍ
إلى بابِ الكريمِ المستعانِ
يدٌ ليدٍ وتحتَ القصفِ فاقرأ
هنالك ما تشاءُ من المعاني
صلاةُ جماعةٍ في شبرِ أرضٍ
وطائرةٌ تحومِ في المكانِ
تنادي ذلك الجمعَ المصلي
لكَ الويلاتُ مالكَ لا تراني
فيمعنُ في تجاهلِها فترمي
حمولتها وتغرقُ في الدّخانِ
وتقلعُ عن تشهدِ من يصلي
وعن شرفٍ جديدٍ في الآذانِ
نقاتلهم على عطشٍ وجوعٍ
وخذلانِ الأقاصي والأداني
نقاتلهم كأن اليومَ يومٌ
أخيرٌ ماله في الدهرِ ثاني
بأيدينا في هذا الليلِ صبحٌ
وشمسٌ لا تفرُّ من البنانِ
بيانٌ عسكري فاقرأوه
فقد ختم النبيُّ على البيانِ
يقولون في نشرةِ العاشرةْ
إنّ جيشًا يحاصرُ غزةَ والقاهرةْ
يقولون طائرةٌ قصفتٰ منزلاً
وسطَ منطقةٍ عامرةْ
فأضيفُ أنا..
لن يمرَّ زمنٌ طويلٌ على الحاضرين
لكي يبصروا المسلمين وأهلَ الكرامةِ من كل دين
يعيدون عيسى المسيحَ إلى الناصرةْ
والنبيَّ إلى القدسِ يُهدي البراقَ فواكه من زرعنا
ويطوقه بدمشقٍ من الياسمين
يقولون
جيشٌ يهاجمُ غزةَ من محورين
يقولون تجري المعارك بين رضيعٍ ودبابتين
فأقول أنا
سوفَ تجري المعاركُ في كلِّ صدرٍ وفي كلِّ عين
وقد تقصف المدفعيةُ في وجه ربك ما تدعي من كذبٍ
ويقول العدو لنا فليكن ما يكون
فنقول له فليكن ما يجب أن يكون
بياناتُنا العسكريةُ مكتوبةٌ في الجبين
لم تكن حكمةً أيّها الموتُ أن تقترب
لم تكن حكمةً أن تحاصرنا كل هذي السنين
لم تكن حكمةً أن ترابط بالقرب منا إلى هذه الدرجة
قد رأيناكَ حتى حفظنا ملامحَ وجهكَ
عاداتِ أكلكَ
أوقاتَ نومكَ
حالاتِك العصبيةَ
شهواتِ قلبكَ
حتى مواضع ضعفكَ نعرفها
أيّها الموتُ .. فاحذر
ولا تطمئن ..لأنك أحصيتنا
نحن ..يا موتُ ..أكثر
ونحن هنا
بعد ستين عامًا من الغزو
تبقى قناديلُنا مُسرجة
بعدَ ألفي سنة
من ذهابِ المسيحِ إلى الثالثِ الإبتدائي في أرضنا
قد عرفناك يا موتُ ..معرفةً تتعبُك
أيّها الموتُ ..نيتُنا معلنة
إننا نغلبُك
وإنْ قتلونا هنا أجمعين
أيّها الموتُ ..خفٰ أنتَ
نحن هنا لم نعدْ خائفين
🔹🔹🔹#قصيدة_بيان_عسكري.
#الشاعر_تميم_البرغوثي