(براءة الأعلام، من تكفير أهل الإسلام) [2]
قال السّيّد الشّريف الجُرجانيّ، شارحًا كلامَ عَضُد الدِّين الإيجيّ في (المَواقِف):
"(المقصد الخامس، في أنّ المخالِف للحقّ من أهل القِبلة هل يَكفُرُ أم لا؟
جمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يَكفُرُ أحدٌ مِن أهل القِبلة)؛ فإنّ الشّيخ أبا الحَسَن[الأشعريّ] قال في أوّل كتاب (مَقالات الإسلاميّين): اختلَف المسلمون بعد نبيّهم عليه السّلام في أشياء، ضلّل بعضُهم بعضًا، وتبرّأ بعضُهم عن بعض، فصاروا فِرَقًا متباينِين، إلّا أنّ الإسلام يَجمعُهم ويَعمُّهم؛ فهذا مذهبُه، وعليه أكثرُ أصحابنا.
وقد نُقل عن الشّافعيّ أنّه قال: لا أردُّ شهادة أحد مِن أهل الأهواء إلّا الخَطّابيّة؛ فإنّهم يَعتقدون حِلَّ الكذب.
وحَكَى الحاكم صاحب المختصَر في كتاب المنتقى عن أبي حنيفة رحمة الله عليه أنّه لم يكفّر أحدًا مِن أهل القِبلة، وحكى أبو بكر الرّازيّ مثل ذلك عن الكرخيّ وغيره.
(والمعتزلة الّذين) كانوا (قبل أبي الحسين تجامعوا فكفّروا الأصحاب [يعني الأشاعرة]) في أمور سيأتيك تفصيلها، (فعارضَه بعضُنا بالمِثل)، فكفّرهم في أمور أخرى ستطّلع عليها.
(وقد كفّر المجسِّمةَ مخالفوهم) من أصحابنا ومن المعتزلة.
(وقال الأستاذ) أبو إسحاق: (كل مخالف يكفّرنا فنحن نكفّره، وإلا فلا.
لنا) على ما هو المختار عندنا، وهو أن لا نكفّر أحدًا مِن أهل القِبلة: (أنّ المسائل الّتي اختلَف فيها أهلُ القِبلة، مِن كون اللهِ تعالى عالمًا بعِلم، أو مُوجِدًا لفِعلِ العبد، أو غيرَ متحيِّز ولا في جِهة، ونحوها) ككونه مرئيًّا أو لا (لمْ يَبحث النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم عن اعتقاد مَن حَكَمَ بإسلامه فيها، ولا الصّحابةُ ولا التّابعون؛ فعُلِمَ) أنّ صحّة دين الإسلام لا تتوقّف على معرفة الحقّ في تلك المسائل، و(أنّ الخطأ فيها ليس قادحًا في حقيقة الإسلام)؛ إذا لو توقّفت عليها وكان الخطأ قادحًا في تلك الحقيقة لوجَبَ أن يَبحثَ عن كيفيّة اعتقادهم فيها، لكن لم يَجْرِ حديثُ شيء منها في زمانه عليه السّلام ولا في زمانهم أصلًا".
#معالم
#مهمات
#براءة_الأعلام