{ فأووا إلى الكهف = ينشرْ لكم ربكم من رحمته ..}
كانت هذه وصيةَ الفتية لبعضهم أن يلجأوا إلى الكهف بعد أن ضاقت بهم الدنيا،
ونزل بهم من الابتلاء ما نزل..
ثم انظر رحمك الله كيف أن هذه السورة تتفق مع حالنا، فَصرنا أجدر بقراءتها وتدبرها، ففيها شفاء ورحمة للمؤمنين وتطييب لخواطرهم..
فهي الوصية لنا إذن:
أن نأوي إلى الكهف؛
لكن ليس إلى الكهف الحقيقي،
بل إلى سورة الكهف؛
سيما حين يتنزل البلاء بالمؤمنين، ويحتدم الصراع، وتوشك الكثرة الكافرة أن تقضي على القلة المؤمنة،
ثم فجأة.. يرتد الكفرة على أعقابهم فلا ينالون خيرًا، وتنجو القلة المؤمنة بأعجوبة ربانية ومعجزة مدهشة؛ (كما في قصة أصحاب الكهف).
وكذلك حين يرى المؤمنون تطاول الكفر وقوته وثراءه وإنفاقه، بينما المؤمنون ضعفاء، وهم أقل مالًا ونفيرًا، ثم بعد ذلك يصبح الكافرون يقلبون أكفهم على ما أنفقوا في حربهم على المسلمين، ثم تصبح حضارتهم وما بَنَوْا وشيَّدوا خاويًا على عروشه؛ (كما في قصة صاحب الجنتين).
وكذلك حين تشتد الأقدار بالمؤمنين؛ وكيف أن أقدار الله تجري بعناية وحسن تدبير يفوق تصور العقل؛ (كما في قصة موسى عليه السلام).
لتستيقن القلة المؤمنة أن الله ناصرها، ومُمَكِّنٌ لها، ومؤتيها من كل شيء سببًا، وفاتح لها سبل الأرض؛ (كما في قصة ذي القرنين).
لتكون الوصية إذًا للجميع:
{ فأووا إلى الكهف = ينشرْ لكم ربكم من رحمته ..}
~ والله الموفق ~