أخاف الموت خوفًا حقيقيًا، ولن أكابر بزخارف القول وأتشاجع في موطن أعقل مواقفك فيه أن تكون مشفقًا، أرجو من الله أن يقبضني وأنا واسع الخطو في السير إليه، وأن يعفو عن خطاياي، ويجبر نقصي، ويسامح غفلتي، ويعينني على خجلتي منه سبحانه. - بدر الثوعي.
تمثِّلُ قضيّة الوجود الإلهي أبرزَ دليلٍ على استطالة هذا الإنسان وتجلُدِه على ربه، فمع أن وجود الله تعالى معنىً مركوزٌ في الفِطَر، ينبتُ به فؤادُ الإنسان ويحيا به وجدانُه، إلّا أن إسراف العقل يجمح بصاحبه بعيدًا إلى ما فيه ضلاله وشقاؤه. قد يكون من الجحود المعرفي أن يُوضَع ملف الوجود الإلهي على منصّة البحث والنظر، إذ إن المعرفة بطبعها نازلة تستلهم صدقيّتها وبرهانها من الله تعالى، فكيف يكون سبحانه محلّ بحث ونظر؟! لكن المطالعَ لفضاءات الجدل الديني، ولا سيّما في هذا العصر، يجد احترابًا واسعًا بين المؤمنين والملاحدة، إلى الحدِّ الذي انتقلت فيه المعرفة الفطرية من كونها منطلقًا لتثبيت الحقائق لتكون هي بذاتها محلًا للبرهنة، فصارت الفطرة مستدلًا عليها بعد أن كانت مستدَلًا بها. من هنا جاء هذا الكتاب ليلملمَ أطراف النظر في هذه القضية، وينظِمَ بخيوط أبحاثه ومضامينه عقودَ الأدلة الفاعلة في هذا الجدل، بهيئة تعدّت الصِّبغة الفلسفية/الكلامية لتشمل استحداثًا لطبيعة الأدلة والبراهين المثارة، وما يورده المبطلون عليها من تشكيكات، بما نرجو أن يكون فاتحةً لتوسيع مدارات النظر والتجديد العقدي.
" حين تُبصر نوراً خَفيّاً بقلبك يضيء ظُلمةَ لَيلك ... وحين تشعر بروحك مُجَنّدة في أرض المعارك وحين تشعر بخدوشِ قلبك يُداويها بَلسمُ حديثِك مع الله .. وحين ما تعجز أنت عن ترميمه تصلحُهُ دعوة صادقة من القلب .. حينها فقط ستدرك المعنى العميق لآية : ( فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا ) .
حاشاه أن يردُّكَ خائباً وهو السَّلامُ الوهّابُ المُجيب .. فتزداد يقيناً بأنَّ وعدَ الله حقٌ حين قال : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) .
كثيرة هي أمانينا ... وعظيمة هي رحمتُك يا الله .. "