وَددتُ اليَوم أن أشقَّ صدرِي ثُمّ أخْلع قلبِي لِأرمِيه بعيداً عنِّي، أن أتجردَّ منِّي، كُلّ ما أراه يُوجعُ قلبِي، يجثُو على صدرِي، أيْنما سرتُ رأيتُ الماضِي، ذِكريات سوْداء تحومُ حوْل رأسِي، أردّد تعْوذيات النِّسيان، أعودُ للحاضرِ وأُخبرني بأنَّني سأنسَى مهمَا طالَ تذكُّري، لكن هذا الحُزن يُغرينِي، وبراعتِي في الهربِ مِن تذكُّر الحربِ تبوءُ بِالفشلِ . .
تخيَّلت اليَوم إِسماعيل في طريقِ العودةِ لِمنزلهِ بعد أن نقلَ خبر النَّصر، تمنيَّت أن ألقاهُ برفقةِ زوجته مَلاك والفرحة تعلُو ملامِح زينة لاجتماعها بِوالدها بعد عناءٍ من الاشْتياق، رغبتُ أن تكون النِّهاية سَعيدة، نسيتُ أنَّ الأبْطال في الواقعِ يرحلونَ تباعاً، والحُبّ يتوّج بالبُكاء على القبرِ، والوفاء يتجلَّى في الدُّعاء للغائبِ والشَّهيد، وأنَّ الثَّرى وحدهُ من يصون زوَّاره، نسيتُ أنَّ النِّهايات السَّعيدة لا تروقُ سِوى الأفلام، ورغْم نسيانِي كُلّه تمنيَّتُ أن يتغيَّر شيْء ممَّا حدث . .
بينما ينتظرُ الكَثير من الأشخاصِ، بدايات تتجلَّى أُولى خُطواتها فِي نُوفمبر، أو رُبّما نِهايات ترافقُ أكتوبر في رحلةِ وداعه . .
كنتُ أحنُّ لِتشرين الرَّاحل دون التِفاتة ودَاع نحونا، تشرينُ العام المَاضي كان يكفِينا، حينهَا كانَت الحِكايات برَّاقة، والآمال تغفُو على أملِ الشُّروق، والدِّماء في العروقِ لا الدُّروب، وإطارُ صور الذِّكريات بِلا حِداد، حينها كانَت الحِكايات تحملُ في حروفِها الكثير من الحُب والقَليل القَليل من الخَوف . .
رُبّما مع شروقٍ مُبكّر أو غروبٍ متأخّر ستنجُو حِكاية من هذا القَهر لتُخبرنا أنَّ ثمّة نِهاية سعيدة ترتسمُ على هذه الأرْض!.
فاطِمَة مكتبي