يأتي أخي من أجازة الخدمة العسكرية ليراني في مكان عملي في المشفى
لم أره منذ مدة طويلة
يصل في اللحظة التي يتوقف فيها قلب مريض من مرضاي في القسم
"العم علي" الذي قضى نحبه بعد أيام قِصارٍ قضاها تحت أعيننا في القسم..
مسكينٌ هزيل لا يصل وزنه الثلاثين كيلو جرامًا
كل الدلائل تقول أنه مصاب بسرطان خفيُّ، لم يُسعفنا علمُنا الدُّنيوي في أن نعرف كُنه ما به تحديدًا..
فزعتُ إذا قالوا توقف قلبه
جريت إليه وزملائي
كنت أنعشه بكل قواي الهزيلة، ووجهي من تحت النقاب يصبُّ العرق صبَّا، فتختلط بالعرق دموعي، تنزل حارة على صدره الذي أنعشه.
لم أمل ولم يكُن زملائي يملُّوا
أتممنا ما يزيد عن وقت الإنعاش الذي تقول به الكتب..
أسمع صوت زميل لي يردد: يا رب يا رب!
تنظر الممرضة إلينا في إشفاق تقول: لم أرَ إصرارًا كهذا.
يرن هاتفي بإصرار كإصرارنا
نسيت أخي والموعد الذي أعطيته
يأتي طبيب العناية المركزة الذي طلبناه، رحتُ أريه المريض، وأول ما وقعت عينه عليّ سألني بدهشة إن كان المريض ذو قرابة مني؟
ضعفت قوانا ولا ملجأ من الله إلا إليه
أغمضنا عينيه، وشددنا لَحييه، وخرجتُ باهتة لا أرى ولا أسمع
استفقتُ على يدٍ تشدُّ على يديّ..
يستشعر قلبي حنانًا يعرفه، وشعورا يحفظه، فألتفتُ فإذا هي يدُ أخي
اللهم اجعل يا ربّنا، كل تعب نفسي وجسدي، تعِبناه لأجل مريض، رجاءَ وجهك الكريم، ظُلة وحُجُبًا بيننا وبين جهنم..
اغفر تقصيرنا
وأجبر برحمتك كسورنا
اللهم كل لحظاتنا..
كلهُنَّ في ميزان حسناتنا
يا ربّ.. يا جواد! 🤍
دَاليـا آدم.
#من_أحوال_الأطباء .