View in Telegram
‏* يكفيك احتياطا واعتبارا: أنّ المسألة اضطربت فيها مواقف أئمة الأمصار وفقهاء الأعصار. 1- كان الأمام أبو حنيفة (150هـ) رحمه الله يقول بمخلوقية القرآن في أوّل الأمر كما في ترجمته وكتب أهل الأثر. قال أبو بكر الخطيب: «أما القول بخلق القرآن فقد قيل: إن أبا حنيفة لم يكن يذهب إليه، والمشهور عنه أنه كان يقوله، واستتيب منه». ثم رجع عنها فصار يكفّر القائل بها. قال أبو يوسف القاضي (182هـ) رحمه الله: «كلّمت أبا حنيفة رحمه الله ‌سنة ‌جرداء في أن القرآن مخلوق أم لا؟ فاتفق رأيُه ورأيي على أنّ من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر». وقال أبو يوسف القاضي أيضا: «ناظرتُ أبا حنيفة ستة أشهر فاتفق رأينا على أن من قال: القرآن مخلوق فهو كافر». وقال محمد بن سابق: «سألت أبا يوسف فقلت: أكان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: معاذ الله، ولا أنا أقوله. فقلت: أكان يرى رأي جهم؟ فقال: معاذ الله، ولا أنا أقوله». ومن أحسن ما أسند الخطيب قول أحمد بن حنبل: «لم يصح عندنا أنّ أبا حنيفة كان يقول: القرآن مخلوق». والظاهر أنه كان يقول بالمخلوقية ثم رجع عنها بعد البحث والمناظرة فيحتمل أن يكون كلام أحمد في آخر حال أبي حنيفة. قال أبو حاتم البستي في أبي يوسف القاضي: «لم يسلك سبيل صاحبه الا في الفروع، وكان يباينه ‌في ‌الايمان ‌والقرآن». وفي موضع آخر: «لم يكن يسلك مسلك صاحبيه إلا في الفروع، وكان يباينهما ‌في ‌الإيمان ‌والقرآن». وقال فخر الإسلام البزدوي الحنفي (482هـ): «وقد صحّ عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: ناظرت أبا حنيفة في مسألة خلق القرآن ستة أشهر، فاتفق رأيي ورأيه على أن من قال بخلق القرآن: فهو كافر. وقد صحّ هذا القول عن محمد رحمه الله». * وكان محمد بن الحسن الشيباني (189هـ) جهميا كما ذكره يزيد بن هارون الواسطي وأحمد بن حنبل وأبو زرعة. قال الإمام يزيد بن هارون بن زاذان السلمي الواسطي (206هـ) رحمه الله: «ومحمد الشيباني جهمي». وقال أحمد بن حنبل (241هـ): «كان محمد بن الحسن في الأول يذهب مذهب جهم». وقال أبو زرعة الرازي (264هـ): «كان أبو حنيفة ‌جهميا، وكان محمد بن الحسن ‌جهميا، وكان أبو يوسف سليما من التجهم». وقال زكريا الساجي رحمه الله: «محمد بن الحسن كان يقول بقول جهم، وكان مرجئا». ثم رجع عن ذلك فصار يكفر الجهمية ومن قال بقولهم كما تقدّم في بيان الإمام أحمد بن حنبل، وكلام البزدوي الحنفي في أصوله: «قد صحّ عن أبي يوسف رحمه الله أنه قال: ناظرت أبا حنيفة في مسألة خلق القرآن ستة أشهر، فاتفق رأيي ورأيه على أن من قال بخلق القرآن: فهو كافر. وقد صحّ هذا القول عن محمد رحمه الله..». وقال أيوب بن الحسن الفقيه: كان محمد بن الحسن لا يجيز شهادة الجهمية. * واختلف قول الإمام مالك إمام دار الهجرة (179هـ) رحمه الله في التكفير، والاقتصار على التعزير. قال ‌عبد ‌الله ‌بن ‌نافع: كان مالك يقول: «القرآن كلام الله»، ويستفظع قول من يقول: القرآن مخلوق. وقال: كان مالك بن أنس يقول: «من قال: القرآن مخلوق، يوجع ضربا، ويحبس حتى يتوب». وقال سريج بن النعمان: سألت عبد الله بن نافع، وقلت له: إن قبلنا من يقول: القرآن مخلوق فاستعظم ذلك ولم يزل متوجعا حزينا يسترجع، قال عبد الله يعني ابن نافع قال مالك: «من قال القرآن مخلوق يؤدّب ويحبس ‌حتى ‌تعلم ‌منه ‌التوبة». وفي رواية يحيى بن خلف المقرئ: كنت عند مالك بن أنس فقال له رجل: يا أبا عبد الله ما تقول في رجل قال: القرآن مخلوق؟ فقال مالك بن أنس: اقتلوه، كافر. وفي رواية: عندي كافر فاقتلوه؛ فقال: يا أبا عبد الله إني لم أقله إنما قلت لك: قال إنسان. قال مالك بن أنس: إنما سمعته منك». وفي رواية ميمون بن يحيى البكري قال مالك بن أنس: «من قال القرآن مخلوق يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه». * وأما الإمام الشافعي (204هـ) رحمه الله فأكثر قوله قبول شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية كما ذكر في الأم من كتاب أدب القاضي. وصحّ عنه: أنه كفّر حفصا الفرد بخلق القرآن. وروي عنه أنه قال: «من قال: ‌القرآن ‌مخلوق ‌فهو ‌كافر». وعلى التكفير بالمخلوقية جرى أصحابه البويطي والمزني والربيع بن سليمان وغيرهم. قال البيهقي بعد كلام أصحاب الشافعي: «هذا مذهب أئمتنا -رضى الله عنهم- في هؤلاء المبتدعة، الذين حرموا التوفيق وتركوا ظاهر الكتاب والسنة بآرائهم المزخرفة، وتأويلاتهم المستنكرة». ورغم ذلك قال جمهور الشافعية بحمل الكفر على الأصغر. والتحقيق حمل الكفر على الأكبر؛ لأنه الذي تشهد به الآثار والوقائع المروية عن أئمة الحديث وفقهاء الأثر، لكن يجب التنبه لتفريق أهل العلم بين كفر التصريح الذي لا يفرّق فيه بين القول والقائل، بل يكفّر صاحبه مباشرة، وبين كفر التأويل الذي يفرّق بين كفر النوع وكفر العين كما حكى شيخ الإسلام عن السلف أنهم كانوا لا يكفّرون أعيان الجهمية ممن لم تقم عليه الحجة بخلاف من قامت عليه الحجة كالجهم نفسه، وبشر بن غياث المريسي، وأبي بكر الأصم، وأحمد بن أبي دؤاد القاضي ونحوهم
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily