الإسلام بين التجديد والتحريف.
مفهوم التجديد في اللغة العربية يدور حول: إعادة الشيء إلى ما كان عليه في أول الأمر بعد ما خلق وبلي، لأنه كان في أوّل أمره جديداً غضّا طريا؛ فتقادم عليه الزمان حتى أصابه البِلَى.
فالتجديد:
إعادة الشيء إلى جِدّته التي كان عليها قبل الخَلَق والبِلَى؛ ولهذا قال في القاموس المحيط: «وضِدُّ البِلى: جَدَّ يَجِدُّ، فهو جَدِيدٌ. وأَجَدَّهُ وجَدَّدَهُ واسْتَجَدَّهُ: صَيَّرَهُ جديداً فتَجَدَّدَ».
ومن ثمّ؛ فالتجديد يعتمد - حسب المفهوم اللغوي والعرفي - على أمرين:
الأول: أنّ الشيء الذي يُراد تجديده كان في أول الأمر جديداً في نفسه ثم طرأ عليه البلى والخلق.
الثاني: أنّ الشيء جُدِّد فأعيد إلى ما كان عليه في الحال الأولى.
وعلى هذا المعنى جاء القرآن في تصاريف التجديد وهو مادة «الجديد» كما قال تعالى: ﴿وإن تعجب فعجب قولهم أَ إِذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد﴾ ﴿وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزّقتم كلّ ممزق إنكم لفي خلق جديد﴾ ونحوها من الآيات الكثيرة.
وكذلك جاء التجديد في السنة على معنى: إعادة الشيء إلى ما كان عليه في الحال الأولى كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعا: «إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب؛ فاسألوا الله تعالى أن يجدّد الإيمان في قلوبكم». أخرجه الطبراني والحاكم وحسنه العرافي وحسّن إسناده الهيثمي، وصححه السيوطي والألباني.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلّ مائة سنة من يجدّد لها دينها». رواه أبو داود والطبراني والحاكم وغيرهم؛ وصححه الحاكم والألباني، وصحح إسناده العراقي والسخاوي، وقوّاه الحافظ ابن حجر.
وعليه، فالتجديد الشرعي: إحياء ما اندرس من معالم الدِّين وأحكامه، وتنقيته مما نُسب إليه من البدع والأهواء، وردّ الناس إلى العمل بما تركوا العمل به من الأحكام والسنن. قال الإمام أحمد رحمه الله:«إن الله يقيّض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلّم الناس السنن، وينفي عن النبي صلى الله عليه وسلم الكذب». تاريخ بغداد (ج 2 ص 62) وتوالي التأسيس (ص 47).
وقال شيخ الإسلام: «والتجديد إنما يكون بعد الدروس» مجموع الفتاوى (ج 18 ص297).
ومن ثمّ لا علاقة للتجديد بالتغيير والتبديل للدين الذي يدعو إليه أصحاب السطحية والانحلال كالدكتور أحمد الريسوني وحزبه؛ لأنّ خلاصة ما يدعون إليه: «إخضاع الإسلام للواقع، واعتباره حاكما عليه، فما كان مسايرا للواقع أخذ به، وما خالفه لم يعمل به».
وفي التحقيق هو: الابتداع في الدين بالزيادة فيه، أو النقص منه، استجابةً للضغوط الواقعية والدولية والفلسفات البشرية؛ للتقريب بين الإسلام وبين المناهج الغربية عن طريق تحريف الدين بغطاء التجديد، وإعادة النظر في جميع العلوم الإسلامية من التوحيد إلى علوم الوسائل العربية.
#العلامة أبو سلمان حسان حسين آدم
@fawaidalabadasheekh رابط القناة