"كِتابتي أنا وأنا من النَّاسِ والنَّاسُ أنا،
يستحيلُ أن ألقاك وألّا أكتبك.. 🤎"
طالِبةٌ في كُليّة الطبّ البشريّ - جامعة حماة.
للتواصل: @FatimaHamadmad_Bot
أستذكر البداية.. كيف تكاتفت الشوارع لتجمع أقدامنا كيف ترتّب ازدحام أقدارنا ولم نجد محطة يصل إليها افتراقنا كانت حافلة الخلاص بعيدة.. وكنا نتوّرط في الانتظار
كنت فتاة مغلقة.. لا تعرف في الحياة شيئاً ألذّ من الكتابة والبسكويت بجانب الحليب تملك الكثير من القلوب ولم تقرر استعمال واحد منها بشكل جدي للأبد ثمّ قابلتك.. انكسر قلمها برد الحليب في كأسها ونسيت طفولتها.. عندما تركت قطع البسكويت على الطاولة لتنشغل بدموعها
تحتّم عليها أن تتألّم كما يتحتّم على طائرٍ في القفص وصار من الضروري أن تلحّ في دعائها لصلاح أحوال البلاد ولتوافر الوقود ولقدوم الحافلة حتى تدفع ثمن الخيالات التي أسرفت جداً في شرائها أثناء الوقوف وتجلس أخيراً على حقيقة أنّه من الخاطئ.. أن تقف في طريق يديها وهي تُمَدّ بعفوية.. لتأكل ما تحبّ! وأنّه من الخاطئ جداً أن تحبّ مَن لم يحبّها.
ربما عليّ أن أكون أكثر غموضاً، أن أستفزّك قليلاً لتعرفني، هذا الوضوح لا يلائم رجلاً مثلك، يتحسس اختلاجاتي على أنها أشياء طبيعية، دون أن يعبأ كم كلفني الأمر، ودون أن يقف شعر جسده لها.
فتاة مثلي يا عزيزي، لا تستطيع.. أن تبتسم بشكل أنثوي أكثر ولا أن تختار "فلتر" التعديل الأنسب لإخفاء طفولتها ولا تمتلك من يصور فرحها بالعيد إلا يديها المرتجفتين، اللتين لا تعرفان كيف تحصران ترقّبها للهفتك بصورة..
أحياناً أفكر لو أنني أحلم مثل الباقيات بشهادة منقوعة في الماء وزوج محب وسيارة متشاركة وأطفال كثر وأسماء كثر وأموال يدرها وحده بينما تربي الصغار بإدارتها ثم أحزن لأنني طموحة أكثر من اللازم
أحلم يا عزيزي بذاكرة لا تخطر أنت في بالها إلا بالمناسبات القليلة ليس اختياراً كان حلمي بقدر ما كان نابعاً من تحطيمك لركائزي من قتلك للهفتي في كل مرة كنت أظن أنك ستصير أفضل مثلاً كونك دائماً معاكساً لتوقعاتي وأنه عليّ تقبّل ذلك على مضض بعين الشعور الذي كان ينتابني عند تناول دواء الفراولة الذي لا يمتّ لطعم الفراولة التي أحب بأدنى نكهة تذكر وبكل الالتياعات التي كانت تتولد في معدتي بعده حدّ الإقياء..
لكن علينا الاعتراف: إن الحياة سامة وليست كل اختياراتنا مأخوذة بعين الاهتمام إنّ الخسارة واحدة من المُسلّمات لكن مثلاً لو قلت أن خسارتي معنية بك فمن يصدق؟ وكيف أنا نفسي أتقبل كذبة مثل أنني خسرت شيئاً لم أمتلكه أصلاً..
أحياناً يراودني شعور مرير بأن الطفلة التي كنت عليها جررت نفسها وراء ظلك وتعودت أن تحبو خلفك وتقف على أصابع قدميها لتلمس يديك إذا ما تلهفتا لها هكذا كبرت وصارت تعيش كل ذلك بقلب أطول قليلاً وبآمال ميتة وأحزان كثيرة وخيبات تعرف كيف تستعد لها وبشعور مختلف بأنها نعم لا تحبك وبأنها لو عرفتك الآن لكان يستحيل لها أن تحبك حتى لو حملتها بكلتا يديك تعرف أنك لست الشخص المنتظر وبأنك لا تستحق تكشيرة أو ابتسامة تعرف أنك لا تحبها وتعرف أنها لا تحبك تعرف كل هذا وتعيده دوماً لكنها تعودت..