وصلني من الأخوة أنني لم أوضح مفهوم التفاهة بشكل جيد إلا أن منظومة التفاهة أعمق بكثير من أن يتم عرضها بحلقة واحدة لا تتجاوز مدتها الثلاثة دقائق لذلك تعتبر مثل هذه الحلقات وقفة خفيفة على أخطر جزئيات التفاهة بإيجاز كبير.
ولتتوضح الصورة أضع بين أيديكم هذا السرد من كتاب نظام التفاهة الذي يشير إلى أن البيروقراطية الحديثة تدفع نحو إلغاء التفرد والإبداع، فالتوجه السائد فيها يدعو للاعتماد على "حلول جاهزة" بعيدًا عن التعقيد، وتجنب المخاطرة بأي أفكار جديدة، هذا يدفع المؤسسات نحو توظيف الأفراد الذين يمتلكون مهارات عادية يمكن تسييرها بسهولة، بدلاً من دعم المفكرين والمبدعين.
إذن، هي ليست سيل مقاطع على الانترنت بل هي منظومة قوية ذات امتدادات كبير تؤثر بشكل واضح على عقلية المجتمعات في الحكم، التعامل، الإدارة، الأهداف.
"إنهم يخشون قوتك، وقدرتك، وانتباهك، واستطاعتك وتركيزك.. يعلمون أنك لو تنبهت لما يفيد ملأت الدنيا ضياءًا وحطمت مشاريعهم الفتاكة على رؤوسهم.. ولذا صنعوا لك ما تحب!"
لو تعلمون، لم يضق صدري بانقطاع الانترنت، لم أصب بالملل، لم أضجر، لم أشعر أن الأمر كارثي كما حصل مع النسبة الأكبر من الناس وعلى العكس، شعرت أن في الوقت بركة ومتسع، وعدت للكتاب ذاك الصديق اللطيف، أنجزت في هذه الساعات الكثير من الأمور، كتبت صفحات، وأنهيت كتابة أفكار وحلقات، وأدركت حجم الإدمان الذي أصابنا دون أن نشعر.. وتأملت كثيراً جمال الحياة قبل هذا الاختراع.. ضع هاتفك جانباً وأمسك بالكتاب والتفت للتفكير، لا تستنزف أوقاتك بغير هدف إنما نحن ساعات وأيام.
علينا أن نتعلم جميعاً تدوين أحداث حياتنا الحالية، هذه الأحداث لا تحدث في العالم كثيراً، إنها ليست ترفاً معرفياً بل أمانة وواجب مرحلي فالتاريخ يشوه ونحن أحياء فكيف لو رحلنا، من سيقرأ؟ الجميع، لا تدري متى تكون أنت بطل الحكاية وتصدق على كلماتك بدمائك فيكتب الله لهذه الكلمات الانتشار والنفع.
اكتب الآن ولا تعجل على نفسك، خذ وقتك واكتب بصدق وعاطفة وقلب سيكتب الله لك الأثر بإذنه إن صدقت.
رحلت أبا إبراهيم واسترحت، نظرت إلى عينيك فإذا بهما عينان متعبتان، وإلى جسدك فإذا به يوحي إلى أن في داخله روح مثقلة استراحت أخيراً من عناء الابتلاء، كان بإمكانك أن تخوض دروب أقل وعورة إلا أنك عظيم لا يرضى إلا بمعالي الأمور، هذا الدرب.. هذا الطريق.. جزاك الله خيرا وإخوانك على إحياء شعيرة الجهاد في فلسطين طبت حياً وطبت ميتاً والسلام على أرواحكم في الخالدين
يا رفيق؛ في قابلِ الأيَّام، ستسمعُ من يسخرُ من ثباتِ الرجال القائم علىٰ ركامٍ من الدَّمِ والأشلاء، سيلومونَ صاحبَ الحَق، وسيأتي من يقول: كانوا، ثمَّ بادوا، وما كانَ أغناهم عن ذلك. فلا تبتئس! والذي لا إله غيره، إنَّا لنثقُ بموعوده. لو فنيَ الرجالُ عن بكرةِ أبيهم - عياذًا بالله - لما زادَنا ذلكَ إلا يقينًا: أنَّ الله شرفهم، واصطفاهم لنصرةِ دينه، ومقدَّساته، وكرامة خلقه، وقد أعذروا إلىٰ الله، وحملوا علىٰ كاهلهم شرف أمَّةٍ مهدور..! وليأتينَّ الله من يسيرُ علىٰ ركابهم، ويكملُ ما بقي عالقًا، فالفكرةُ لا تموت، والحقُّ لا يسقطُ بالتَّقادمِ ولو تمالأ علىٰ دفنه الشَّرق والغرب، فلا استسلام، حتىٰ يمنَّ الله بالنَّصرِ الحتمي، وإنه لآتٍ آتٍ؛ ولكنَّ أكثر النَّاس لا يعلمون!
هذه الابتسامة مرعبة أكثر من أي شيء بالنسبة لهم، إنها تعبر عن العقيدة الصلبة وعن الفكر الذي لا يموت وعن الأمل الذي لا ينطفئ.. يا للعجب! ابتسامة تغزو أرضهم من تحت الأنقاض.