إلى حبيبة قلبي وصديقتي ( .... ) ستسافرين عما قريب، ربما كُتب علينا الفراق في كل محطات حياتنا أتفق أنه يوجد محطات فراق لا بد منها كآخر يوم من المدرسة أو قراءة آخر سطر من رواية أحببتها أو حتى اللحظات التي تكون في نهاية لقاء ودّي بين شخصين لا أعلمُ كيف سيكون اللقاء الأخير ولا كيف ستكون دمعاته ولكن رجائي وكل رجائي ألا تنسي ذاك الطريق الذي مشينا فيه .. تلك الزهرة التي أهديتُها لكِ فنجان القهوة الذي احتسيناه معًا وتلك الحلوى اللذيذة التي تقاسمناها تلك الدمعة التي مسحتِها عن خدي والبسمة التي رسمتُها على شفتيكِ ذاك اللقاء الصباحي الذي جمعَنا والصّدفة المسائية حين تلاقينا على حين غفلة تلك الفرحة التي عشناها سويًّا والحزن الذي تقاسمناه معًا تلك الآيات التي رتّلناها وذاكَ الدّرس الذي حضرناه المُفاجئة التي حضّرتها لكِ وتلك الهديّة التي سَرّت قلبي منكِ اللحظات الفكاهية والكلمات العاطفيّة كلّما اشتقتِ تذكري كل هذه الذّكريات الباقية منّا أنا وأنتِ أحييها واسقيها من حبّكِ دائمًا وأبدًا .. لا تدعيها تجفُّ عطشًا وشوقًا لذكرانا معًا ..
طريقتك في لمس الجروح ومعالجتها مُذهلة، حنانك في ضم من يتألمون، عناقك للكفوف والربت على مواضع الخوف، محاولاتك في أن تُريهم النجوم في أظلم الليالي، الرفق الذي يملىء روحك، كُلّ ذلك يجعلني أتساءل بفضول حزين؛ "كم مرة خلعوا فؤادك".♥️✨
- خلينا متفقين إن مبدأ "الناس فترات في حياة بعض" حقيقي وبيحصل فعلًا .. إنما فيه ناس كده ما ينفعش يكونوا فترات! فيه ناس معينة في حياتنا احنا مُتقبلينهم بكل فترة بيكونوا فيها، وعايزينهم يكملوا معانا الباقي من عمرنا كله.. متقبّلين الوقت الصعب اللي بيكونوا فيه، عيوبهم، التغيّرات اللي بتحصل في شخصيتهم زي أي إنسان طبيعي، راضيين وحابين إنهم يقاسمونا حياتنا لآخر نَفَس. لأن هما كمان متبتين فينا، مهما حصل بنلاقي إيديهم أول ايد تسندنا، وقت الضعف بيطبطبوا علينا، ووقت الفرح بنلاقي عيونهم بتنطق من سعادتهم بينا .. الناس تروح ويجي غيرها عادي، إنما انتوا مينفعش تروحوا لأن مفيش زيكم.. الناس فترة، وانتوا الثبات ♥️
كل شيء كان يشير إليّ بوجوبِ الرّحيل، ومع ذلك كنتُ في كلّ مرّة أصبّرُ نفسي وأضغطُ على ألمي بكلماتٍ رقيقةٍ تبرئه لمدة ويعود من جديد، كل شيءٍ مني كان يريدُ الذهاب وكل شيءٍ مني يخاف الاستسلام لكن كان يجبُ عليّ أن أتركَ القصّة من بدايتها، أتركُ المقعدَ وأمشي وحدي ثانيةً فليس كل ما أريدُه موجود في رحلتي هذه، ولستُ أنا المطلوبة لهذه الرّحلة أساسًا! أتعلم تلك التي تتمسّك في غصنٍ رقيق وسط نهرٍ مليء بالأغصان القاسية؟ توهمتُ التّفاصيل التي أحبّها وعبرتُ الحواجزَ التي تؤرقني وعشتُ الذّكرياتَ التي وددت أن أعيشها؛ لوحدي.. لكننا اثنتان! تلك المحبّة التي من طرفٍ واحدٍ توهم بأنك في مقرٍ آمن وأنت فعليّا خارج نطاق تغطية الأمان تلك.. إن لم يكن كلّ شيءٍ متبادل ومتشارك فأنتَ ما زلت وحيدًا.. لا تتوّهم المُشاركة إن لم تلمسها في قلبك قبل يديك! إحساس القَلب لا يخطئ، فنحن بحاجة لمشاركة أفعالنا ومشاعرنا اهتماماتنا وأفكارنا.. فإن لم تكن في علاقةٍ تعطيكَ كلّ هذه المقومات التي يقيم عليها القلب حبّه فأنت ما زلتَ في وحدة.. بل على العكس، وتضاعفها أيضًا، كأنّه شيئًا موجودًا لكنه غير مرئي كأنّكِ أمامي ولا أراكِ كأنّكِ أمامي ولا ألمسكِ!
وحدكَ تمشي في هذا الدّرب تتذكر أثقل أيام مرت عليك، تنظُر لنفسكَ كيف بدأتَ تنهضُ وبدأت تسير الأيّام على ما يُرام ولو بشيءٍ قليلٍ بعدَ عناءٍ كبير ودموعٍ شهدَ عليها المُحيط! لكن يا صديقي يوجد ثقلٌ في القلب، تلك أيّامٌ من عمرنا مرّت في حزنٍ وبُكاء على أحبابٍ تلك المواقف الموجعة، تذكارها في كلّ مرّة يمزّق شيئًا في داخلنا وتعكّر صفوة يومنا.. لا تعتقد أننا إن مضينا غير مكترثين بأنّنا نسينا! باللّه عليك أهذه مواقفٌ تُنسى؟ لا تُنسى ولو مضى عليها ألف عامٍ وعام! ولا يُنسَى من وقفَ بجانبكِ يسمعُ ذات الحَديث وذات الكلمات دون مللٍ ولا كللٍ يطبطبُ على قلبك بكلّ مرة بطريقة مختلفة، بطريقةٍ تجعلُ القلبَ يعودُ للحياة مرّة أُخرى حزنّا عليهم بقدر حبّنا لهم، بقدر الوجد الذي أقمناه لهم في قلوبنا وجودهم سكنًا للفؤاد، دواءً للرّوح، بيننا عشرة وذكريات فلم يحتمل القلبُ فكرة غيابهم بهذه الطّريقة وهذه السّرعة، تعاودُ وتُحاولُ إصلَاح كلّ شيء .. فأنت لا تريد أن يُقطعَ ذاكَ الحبل الملتفّ بالمودّة والحبّ الّذي امتدّ بين قلوبنا رغم المسافات! وبالمناسبة؛ لم تكن المُحاولة ضَعف أبدًا بل تعني أنّ لكم شيئًا في قلبي لم ينتهي بعد! ..
تلك اللحظات ما زالت معلّقة على جدار قلبي جئتُ إليكِ بعد اشتياقٍ شديدٍ لأراكِ جئتُ لتكونين دواءً لأيّامي الماضية المُتعبة ويا لحبّي لتلك اللحظة الدّافئة التي عانقتكِ بها كاد قلبي يطيرُ حـبًّا وفرحـًا برؤياكِ
أن يأتيكَ الليل وأنتَ في أشدّ حُزنك وأن تُشرق شمسَ صباح اليوم التّالي وأنتَ لا زلتَ في اكتئابِ ليلةِ أمس تستيقظُ لترتَشف قَهوتك وتَبكي لتَختلط دُموعك مَع كُلِّ رَشفة ثمَّ تَبتَسِم بِخَيبة عِندَ تَذوقُها أن تتأمّل السّماء من جهةٍ أُخرى لأنّكَ تُفكِّر بِشيءٍ آخر .. تُجالِس أصحابَك تَراهُم يَتحدثون عَن مواضيعٍ مُختلفة وهم في قِمّة سَعادتهم وحماسهِم وكلّ شَيء أنت لا تكتَرث لَه أنت فَقط سارح في تَفكِيرك عَيناكَ تُراقِبهُم ولكن بَالك بَعيد جدًّا عَنهم تَذهبُ تلتقطُ هاتفك تَتصفّح لكي تَنسى ولكنّك تُصادفُ أحد المقاطع التي تَصف شُعورك ثُمَّ تَعود إلى الهاجِس نَفسه تَرمي هَاتفك تُناظر سَقف غُرفتِك ولا يزال كُلَّ شَيء شَاغِل فِكرك تُحاول النَوم ولكِن النُوم بالفِعل فَرَّ مِنك لم يعُد يُريدُ صُحبتك حتّى النَوم إِنْكَفَّ عَنك لِأفكارك المُتعَبة تَتأمّل القَمر ليلًا تُحاول أن تَلتقط أيّ شَيئًا آخر وتَشرد بِه لكي تُغادرُكَ أفكارك ولكن دونَ جَدوى كُل مُحاولاتك لم تَعُد بِإستِطاعتها مُساعدتك هذا النَوع من الهاجِس الفِكري جَعلَ منّي شَخصًا كئيبًا هذا الهاجِس باتَ أن يُدَمِرَ حالي.. أن يأخُذَ روحي وهي لا تزال في جَسدي كُل المُحاولات التي بَذلتُها لِكي أتجنّب هذا الحُزن فَشَلَت.. ولم تَعُد تَسعَفني كلِماتي ولا قُدُرَاتي لِلتّغلُّب عَليه...
أَتعلم يا صديقي! يودُّ المرءُ مِنَّا لو عانقه أحدهم، بدون سبب ليس لشيءٍ .. غير أنَّه يعلم أنَّ البوح بات ثقيلاً على قلبه، وأنَّه لا يستطيعُ أن يلفظَ قولاً واحداً، وأنَّ أنفاسه كادت تنقطع مع كلِّ مرة يبكي فيها ليسَ لشيءٍ .. غير أنَّ جوارحه نواطقٌ أخبرت بما لم يستطِع هوَ أن يخبر!
ضمَّةٌ طويلةٌ، معها يختفي الحُزن معها قلبان يتلامسَان، قلبٌ يئنُّ وقلبٌ يُهدهد قائلاً لا بأس.. زال كلُّ البأس نحتاجُ عِناقاً يزيلُ وَحشة القلب والدَّرب، يعيدُ القَلبَ مِن مَأتمه!
كلُّ ما نحتاجه عناقٌ وسط كل هذه الأحداث وَالعناقُ لا يُنسى، لا يُنسَى أبداً يا صَديقِي! 🫂