أسألك مرافقتك في الجنة..
تتزاحم الاحتياجات الدنيوية في القلب فتجدها تسيطر على مجاميع دعواته وتستولي على اهتماماته،
و تضطرب معها قائمة أولوياته،
فالتعلق بالدنيا يحول دون الشوق للآخرة، ويمزق حبال الوصل بنعيمها،
و لذلك كانت الآخرة حاضرة في دعاء الصحابة وليس ذلك مقصورا على الكبار منهم بل حتى صغارهم نشأوا على ذلك فها هو الشاب الصغير ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه الذي كان يبيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيأتيه بوضوئه وحاجته، فأراد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مكافأته يومًا فقال له (سل)-اطلب مابدا لك- .وقد كان عرضا مفاجئًا للصحابي الصغير، من النبي المصطفى، المجاب الدعاء، صلى الله عليه وسلم، فإذا بذاكرة الصبي تستعرض أعظم ما يمكن الفوز به لتدارك هذه الفرصة التي قد لا
تتكرر ، وقد كان اقتناص الصحابي الصغير للفرصة كبيرا ،وكان مطلبه فيها عظيما!
فقد بادر للظفر بمنتهى آمال المؤملين، ومبتغى المسلمين أجمعين، وسأل أعظم المنازل ،
وأرقى المسائل حينما قال للنبي صلى الله عليه وسلم :"أسألك مرافقتك في الجنة" فطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكون رفيقه في الجنة،! فما أعجب والله سؤاله وهو صبي صغير في لحظة مفاجئة ،تغلب فيها ربيعة على كل متع الدنيا التي تحوم في عقول الكبار فكيف بالصغار ، و تجاوز فيها حظوظ نفسه التي لا يسلم منها إنسان مهما بلغ، فكيف بمن لم تحنكه التجارب!
لقداستطاع بتوفيق الله أن يجري موازنة سريعة دقيقة، فقرر في لحظات تقديم الدائم الباقي ،والنعيم المقيم ،ومالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، قدم هذا على المتاع الزائل والدنيا الفانية، بكنوزها وأموالها، ومراتبها ورُتبها، قدم الأعظم والأشرف والأعلى؛ مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فماكان منه صلى الله عليه وسلم: إلا أن قال له :(أو غير ذلك)، ليتأكد من أن هذا الشاب لم يتبق له حاجة أخرى من شؤون دنياه، وربما ليتبين مدى جديته في مطلوبه العظيم،، فكان الجواب حاسما حينما قال رضي الله عنه:
هو ذاك يا رسول الله، فليس له مطلب غير ذلك المطلب الكبير، وحق له،فأي مطلب أعظم منه فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فَأَعِنِّي على نفسك بكثرة السجود).
#الدعاء
https://t.center/dr_alghfaily