من ثبتت عدالته واستقامته واستفاضت
قال السلمي في سؤالاته للدارقطني (١٨):
«وسألته عن أبي حامد الشَّرْقي؟
فقال: ثقة، مأمون، إمام.
فقلتُ: فما تكلَّم فيه ابنُ عقدة؟
فقال: سبحان الله! وترى يُؤثِّر فيه مثلُ كلامه؛ ولو كان بدلَ ابن عقدة يحيى بن معين؟!
قلتُ: وأبو عليٍّ الحافظُ كان يقولُ مثل ذلك؟
فقال: وما كان محل أبي علي- وإن كان مُقدَّما في الصنعة- أن يُسمع كلامه في أبي حامد.
رحم الله أبا حامد! فإنه صحيح الدين، صحيح الرواية».
رحم الله أبا الحسن فقد أجاد في الجواب وأحسن.
وتأمل أيضا هذا الجواب الفخم من ابن تيمية
سئل شيخ الإسلام عن رجل سمع كتب الحديث والتفسير وإذا قرئ عليه «كتاب الحلية» لم يسمعه!
فقيل له: لم لا تسمع أخبار السلف؟
فقال: لا أسمع من كتاب أبي نعيم شيئا.
فقيل: هو إمام ثقة شيخ المحدثين في وقته؛ فلم لا تسمع ولا تثق بنقله؟
فقيل له: بيننا وبينك عالم الزمان شيخ الإسلام ابن تيمية في حال أبي نعيم؟
فقال: أنا أسمع ما يقول شيخ الإسلام وأرجع إليه.
فأرسل هذا السؤال من دمشق.
فأجاب فيه الشيخ:
الحمد لله رب العالمين، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني صاحب كتاب «حلية الأولياء»، و«تاريخ أصبهان»، و«المستخرج على البخاري» و«مسلم»، و«كتاب الطب»، و«عمل اليوم والليلة»، و«فضائل الصحابة»، و«دلائل النبوة»، و«صفة الجنة»، و «محجة الواثقين»، وغير ذلك من المصنفات: من أكبر حفاظ الحديث، ومن أكثرهم تصنيفات، وممن انتفع الناس بتصانيفه، وهو أجل من أن يقال له: ثقة؛ فإن درجته فوق ذلك.
وكتابه «كتاب الحلية» من أجود الكتب المصنفة في أخبار الزهاد، والمنقول فيه أصح من المنقول في «رسالة القشيري»، ومصنفات أبي عبد الرحمن السلمي شيخه، و«مناقب الأبرار» لابن خميس وغير ذلك.
فإن أبا نعيم أعلم بالحديث، وأكثر حديثا، وأثبت رواية ونقلا من هؤلاء.
ولكن كتاب «الزهد» للإمام أحمد و«الزهد» لابن المبارك وأمثالهما؛ أصح نقلا من «الحلية».
وهذه الكتب وغيرها لا بد فيها من أحاديث ضعيفة، وحكايات ضعيفة؛ بل باطلة، وفي «الحلية» من ذلك قطع، ولكن الذي في غيرها من هذه الكتب أكثر مما فيها.. ».
«مجموع الفتاوى» ٧١/١٨.