View in Telegram
أبو العباس المبرد وأبو حنيفة الدينوري قال ابن فورجه في كتابه «الفتح على أبي الفتح» ص٢٤٦: «وقد حُكيت لي حكاية هذا موضعها، زعموا أن أبا العباس ‌المبرد ورَدَ الدينور زائراً لعيسى بن ماهان، فأول ما دخل إليه وقضى سلامة، قال له عيسى بن ماهان: أيها الشيخ ما الشاة المجثمة التي نهى النبي ﷺ عن أكل لحمها؟ فقال: هي الشاة القليلة اللبن مثل اللجبة. فقال: هل من شاهد؟ فقال نعم، قول الراجز: لم يبق من آل الحميد نسمهْ … إلا عُنيز لجبة مجثمهْ فإذا بالحاجب يستأذن لأبي حنيفة الدنيوري، فأذن له فلما دخل، قال له عيسى بن ماهان: أيها الشيخ ما الشاة المجثمة التي نهينا عن أكلها؟ قال: هي التي جثمت على ركبها ونحرت من قفاها. فقال: كيف تقول هذا، وهذا شيخ العراق أبو العباس المبرد يقول: هي مثل اللجبة، وهي القليلة اللبن. وأنشده البيت؟! فقال أبو حنيفة: أيمان البيعة تلزم أبا حنيفة؛ إن كان هذا الشيخ سمع هذا التفسير أو قرأه، وإن كان البيت إلا لساعته هذه! فقال أبو العباس: صدق الشيخ أبو حنيفة، أنِفت إن أرِد عليك من العراق، وذكري ما قد شاع، فأول ما تسألني عنه لا أعرفه! فاستحسن منه هذا الإقرار، وترك البهت. وأنا أحلف بالله العظيم؛ إن كان أبو الطيب سئل عن هذا البيت؛ فأجاب بهذا الجواب الذي حكاه ابن جني! وان كان إلا متزيداً مبطلا فيما يدعيه! عفا الله عنه وغفر له، فالجهل والإقرار به أحسن من هذا»(١). هذا الكتاب تعقب على شرح ابن جني لديوان أستاذه المتنبي. ونقل هذا الخبر ياقوت في «معجم الأدباء» عن هذا الكتاب في ترجمة أبي حنيفة، وعنه انتشر في كتب التراجم والأدب.. والله أعلم بصحة هذا الخبر، فقد يكون مصنوعا على أبي العباس المبرد، ويذكر للطرافة؛ من غير تدقيق في صحته، كما هي عادتهم.. قال المعلمي في «الأنوار الكاشفة» ص٢٩٠ وذكر صاحب «العقد» و«الأغاني»: «وهؤلاء سمريون إذا ظفروا بالنكتة لم يهمهم أصدقا كانت أم كذبا، والعلم وراء ذلك». وقال محمود شاكر: «وأعلم أن أكثر ما يروى في ترجمة هذا الرجل -وغيره من الرجال- إنما كان من الأحاديث التي تتناقلها مجالس الأدباء، ولا يراد بها التحقيق، ولا ينظر فيها إلى صدق الرواية وسياق التاريخ وما إلى ذلك، بل إن كثيراً مما يُرْوَى في تراجم رجالنا؛ كان مما يراد به مَضعُ الكلام في مجالس الأمراء أو في سامر الأدباء». «المتنبي» ص٣٠٧. وقال ابن سلام في «طبقات فحول الشعراء» ٦١/٢ -وذكر شعرا نسب للبيد رضي الله عنه-: «ولا اختلاف في أن هذا مصنوع، تكثر به الأحاديث، ويستعان به على السهر عند الملوك، والملوك لا تستقصي». فكن حذرا مما يروى عن أهل العلم يراد به الطرافة، وهو متضمن للرمي بالكذب، أو ما هو أقبح منه، فتنزل في نفسك مقامات أهل العلم! ـــــــــــــــــــــــــــــــــ (١) أصلحت بعض التصحيفات.
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Love Center - Dating, Friends & Matches, NY, LA, Dubai, Global
Find friends or serious relationships easily