أعلم بأنني انطفأت لكنني أعلم أيضاً بأن ثمة شرارة صغيرة لا تزال تلهو بداخلي مثل فراشة في غابة حالكة شرارة ولدت معي منذ البدء شرارة تكفي لاشتعال جديد ولحريق محتمل.🤍
إنني هادئة متزنة كالعادة لكنني أحس بالتعب من هذا الثبات، عندما أنام لا أنام، كثيرًا ما ينتابني ألمٌ أبكم. وأحيانًا لا أستطيع أن أسحب قدمي لخطوة واحدة. كيف أقفز هذه الهوّة الكبيرة؟ كيف أفهم الواقع والحلم؟ هل هذا ثبات أم هروب أم أن قدماي تنبؤني بثقل قد لا أستطيع احتماله؟ كلّما تجاهلتُ الألم يُلحُّ أكثر يرفع صوته يحاول أن يقول شيئًا وأنا أُصغي ولا أُصغي أفهم ولا أفهم، وأشعر أني بحاجة لشيءٍ واحدٍ صحيح..
حين كان يُثني الآخرون على براعتي غير المقصودةِ في التخفي، حين صنعوا مني تمثالاً فولاذياً صلبًا، كانت تدهشني طريقة عيشي في محاولة تفادي حزني وانطفائي، الطريقة التي يلجأ إليها عقلي في التجاوز، الطريقة التي أتحسس بكل خطوة من خطواتها مواضع قوتي، قدرتي على التحمل أصبحت لعنتي.. لم يكن في عيني ما يستحق الثناء، كنت أُضرب من الحياةِ بطريقةٍ ما زارني بعدها من شعور، وقوتي جعلتني أضيعُ في محاولات شرح نفسي للآخرين، لم أعد أرغب في التبرير أو تقديم إجابات منطقية.. الكثير من الكلام أحتفظ بِه في دخيلتي ولن أستطيع تقاسمه مع أحد، والآن قد حصل الذي كنت أخشاه، لأنّي تصنعت الصمود مدةً طويلة انهار جسدي من الحزنِ نيابةً عنّي..
وهكذا، لم تعد سعادتي متعلقة بسبب؛ إنما آخذها من الأمور البسيطة: كأن أُعِد كوب شاي كما أحب، أو أن أقضي وقتًا خفيفًا مع أحبابي أُفضي إليهم بما في نفسي وأرىٰ إغداقهم عليّ بالحب رغم ذلك، أن أنظر للسماء فأرىٰ سعتها، أرى القمر، أتأمل في خلق الله، تصيبني نسمة هواء رقيقة، أجلس في جلسة أُنسٍ بين أهلي، يبتسم لي طفلٌ، أُلاعب آخراً أثناء سيري.
تعلمتُ أن آخذ بنفسي أوقاتي الطيبة من أصعب الأوقات، وإن صفا لي وقت آخذ منه نصيبي من السعادة وإن كانت مؤقتة زائلة.
ودائمًا.. أشعر بالامتنان لله عز وجل علىٰ كل هذه النعم وهذه اللحظات ولا أوفيه حقه حمدًا ما حييت.
"جاهد في عُمر العشرين،خيّط جروحك إن وُجب،إبكِ في حمامات الجامعه وفي السياره وبالمقهى،ولكِن لا توقف عشان لا تموت من شدَّه اليأس والندم في عمر الثلاثين".