View in Telegram
وكان من ذكره ﷺ يوم الخندق: "لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده". وفي هذا اليوم المجيد، أصبحت المدينة وأصبح الملك لله.. وأصبح النصر لله ورسوله وخلت الساحة من الأوثان والوثنيين الذين ولوا مدبرين.. تكنس الريح آثارهم ونفاياتهم.. نظر ﷺ إلى ساحة القتال فحمد الله هو وأصحابه.. وذكّرهم بنعمة الله عليهم ومعجزته التي لوت أعناق المشركين وأذلتهم، كما أذلت أعناق مشركين آخرين في زمن غابر جدًا.. إنهم قوم النبي الكريم هود، وهم قوم عاد؛ فقد نصر الله نبيه هود بريح عاتية آتية من الغرب، ونصر الله محمدًا ﷺ بريح عاتية آتية من الشرق، ولذلك يقول ﷺ: "نُصرت بالصبا، وأُهلكت عاد بالدبور". وقال ﷺ: "لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده". وقد حول ساحة المؤمنين إلى نصر وربيع؛ فالحمد والشكر لمن هزم الأحزاب وحده، كانت معركة غير متكافئة عددًا واستعدادًا لكن المؤمن عندما يفعل الأسباب ثم يتوجه بها نحو الله تتحول النتائج إلى أعياد.. ها هو ﷺ يبشّر أصحابه بعد انتهاء المعركة بنهاية عصر وبداية آخر.. يبشرهم ﷺ بانهيار هيبة قريش وانكسار حربتها، يبشرهم بأن الخندق مقبرة قوة قريش: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم".12 رابعاً: التذلل والافتقار لله عز وجل فمنه دعاؤه في الخروج يوم بدر لأصحابه: "اللهم إنهم حفاة فاحملهم. اللهم إنهم عراةٌ فاكسُهم. اللهم إنهم جياعٌ فأشبعهم". فعن عبد الله بن عمرو: أن النبي ﷺ خرج يوم بدرٍ في ثلاثمائة وخمسة عشر رجلاً؛ فقال: "اللهم إنهم حفاة" جمع الحافي "فاحملهم"؛ أي: أعطِ كل واحدٍ منهم المركوب، "اللهم إنّهم عُراة"، جمع العاري، "فاكسُهُم"؛ أي: أعطهم كساء. "اللهم إنهم جياع" جمع الجائع "فأشبعهم"، ففتح الله له؛ أي: للنبي ﷺ؛ فانقلبوا؛ أي: انصرفوا، وما منهم رجلٌ إلا وقد رجع بجملٍ أو جملين واكتسوا وشَبعوا. وكذلك دعاؤه مما رواه ابن عباسٍ: قال النَّبيُّ ﷺ يوم بدرٍ: "اللَّهمَّ إني أنشُدُكَ عَهْدَكَ، ووعدك! اللَّهُمَّ إن شئتَ لم تُعْبَدْ" فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج ﷺ؛ وهو يقول: "﴿سَیُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ وَیُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ"﴾ [القمر: ٤٥]. ودعاؤه بعد أُحد والصحابة صفوف خلفه: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كُلُّهُ اللَّهُمَّ لا قابِضَ لِما بَسَطْتَ ولا باسِطَ لِما قَبَضْتَ، ولا هادِيَ لِمَن أضْلَلْتَ ولا مُضِلَّ لِمَن هَدَيْتَ ولا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ ولا مانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولا مُقَرِّبَ لِما باعَدْتَ ولا مُباعِدَ لِما قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنا مِن بَرَكاتِكَ ورَحْمَتِكَ وفَضْلِكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ النَّعِيمَ المُقِيمَ الَّذِي لا يَحُولُ ولا يَزُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ العَيْلَةِ والأمْنَ يَوْمَ الخَوْفِ، اللَّهُمَّ إنِّي عائِذٌ بِكَ مِن شَرِّ ما أعْطَيْتَنا وشَرِّ ما مَنَعْتَنا، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنا الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قُلُوبِنا وكَرِّهْ إلَيْنا الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيانَ، واجْعَلْنا مِنَ الرّاشِدِينَ اللَّهُمَّ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ، وأحْيِنا مُسْلِمِينَ، وألْحِقْنا بِالصّالِحِينَ غَيْرَ خَزايا ولا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسَلَكَ ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ واجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وعَذابَكَ، اللَّهُمَّ قاتِلِ الكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ، إلَهَ الحَقِّ". وعَنْ أَبِي النَّضْرِ، عن كِتَابِ رَجُلٍ مِن أَسْلَمَ، مِن أَصْحَابِ النبيِّ ﷺ يُقَالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى، فَكَتَبَ إلى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ حِينَ سَارَ إلى الحَرُورِيَّةِ، يُخْبِرُهُ، أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ في بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، يَنْتَظِرُ حتَّى إذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهم، فَقالَ: "يا أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ"، ثُمَّ قَامَ النبيُّ ﷺ وَقالَ: "اللَّهُمَّ، مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عليهم". فالعَافِيةُ نِعمةٌ مِنَ النِّعَمِ التي يَنبَغي على المَرءِ أنْ يُدَاوِمَ على سُؤالِ المَوْلَى سُبحانَه وتَعالى إيَّاها.
Telegram Center
Telegram Center
Channel