حفظ الوقت من المضيّعات عبادة
لا تجدُ صاحبَ إنجازٍ إلا وله في المحافظة على وقته شأن، وأكثرُ الناس حفظاً لأوقاتهم أهل العلم والعبادة، ومِن هؤلاء الإمام أبو الوفاء ابن عقيل، الذي كان أعجوبة في هذا، فكان من نتاجه أن ألف كتاب الفنون، في ثمانمائة مجلدة، كما قيل.
قال ابن عقيل عن نفسه: (إني لا يحلُّ لي أن أضيع ساعة من عُمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعةٍ، أعملتُ فكري في حال راحتي، وأنا مستطرح، فلا أنهض إلاَّ وقد خطر لي ما أسطره. وإني لأجدُ من حرصي على العلم. وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجدُه وأنا ابن عشرين سنة).
وقال: (أنا أقصرُ بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختارُ سَفَّ الكعك وتحسّيه بالماء على الخبزة، لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفراً على مطالعة، أو تسطير فائدة، لم أدركها) (الذيل على طبقات الحنابلة 1/324)
ألا رحم الله هذه النفوس، وسقى الله هذه الهمم، وبمثلها يبلغ المرءُ مراده، ويحقِّقُ أهدافه، اللهم ارزقنا الهمة، وبارك لنا في أوقاتنا.
#تأملات في سير النبلاء (8)