لا تجعل هذه الجراح تكسر ظهرك، لا تيأس، ولا تستجب لرغبة عدوك في هزيمتك، أنت الكنز من بين هذا الغثاء فلا تنكسر ولا تسقط، هذا زمن اليقين والصبر والثبات والعمل؛ فلا تشكّ في وعد الله وقدرته وعظمته وتدبيره وحكمته.
وكل هذه الوجوه القبيحة المستعلنة بشرّها سترى حسرتها في الدنيا قبل الآخرة، بإذن الله تعالى. فالله حيّ قيوم لا يموت، وقد أمهل هؤلاء المجرمين وحلم عليهم، حتى غرهم حلمه، وهو سبحانه قد أذاق أسلافهم من المجرمين والظالمين ما كان فيه عبرة للمعتبرين، فلم يعتبروا، فلينتظروا العاقبة.
وهذه الأمة التي اجتهد المجرمون لتغييبها وتقييدها وإلهائها ستصحو وتنهض وتغمر بسيولها الأرجاء.
والمصلحون الذين حوربوا وأوذوا وشُوهت صفحتهم البيضاء وافتُري عليهم فقابلوا ذلك بالصبر والتقوى والثبات سيرفع الله شأنهم ويغيظ أعداءهم.
هنيئاً للثابتين على نصرة المستضعفين في غزة والسودان والمرابطين على فضحِ المنافقين وتثبيتِ المؤمنين وإيقاظ الغافلين والبراءة من الظالمين والإنكار على الفاسقين، الذين ما برحوا منابرهم ولا تركوا محاولات النصرة ولا توقفوا عن الدعاء والقنوت، الذين تغيرت حياتهم فزهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة وسعوا إلى الله بما وسعهم من الخطوات؛ مؤمنين واثقين متوكلين صابرين محتسبين، موقنين أن النصر من عنده سبحانه.
وأما المثبطون الذين لم يعملوا شيئا من بداية الأحداث إلا الاعتراض على العاملين والتهوين من شأن خطواتهم فهؤلاء من أضر الناس على قضايا الأمة، فلا هم الذين نصروا إخوانهم ولا هم الذين تركوا الناس تعمل بما يمكنها، بضاعتهم الكلام، وديدنهم الكسل وإلقاء اللوم والتهم.
—- اللهم انصر أهلنا في غزة والسودان وانتقم من الخائنين المسارعين في أعدائك المحاربين لأوليائك الداعمين للفساد وأهله الصادين عن الحق وأهله.
إذا زادتنا هذه الالام والمصائب -التي تحدث لإخواننا- قرباً من الله وأورَثَتْنا يقظة وهمة فتوجهنا إلى العمل بالواجب أو بما لا يتم الواجب إلا به، ورأينا عودة كثير الناس إلى ربهم وإلى التفكير في همّ أمتهم وواقعهم والسعي للفهم والوعي والعلم والعمل والنصرة (ولو لم يكونوا أغلبية لكن صوتهم عالٍ وإصلاحهم حاضر وإنكارهم للمنكر بيّن) فاعلم أن الله يريد بالأمة في هذا الزمان خيراً وأن العاقبة إلى خير، وأن ما يجري إنما هو آلام تحمل آمالاً.
أما إذا رأيت غفلة عامة الناس وإقبالهم على اللهو واللعب ورأيت الناس يخذلون المظلوم طوعاً واختياراً ويثنون على الظالم أو من يقف في صف الظالم (دون وجود مصلحين ينكرون الظلم وينهون عنه بصوت عالٍ وواضح)؛ فهنا تعلم أن العاقبة شرّ وأن القادم مخيف على مستوى الأمة وهنا تُخشى العقوبة الإلهية العامّة.
اللهم إنا نسألك أن تنتقم من عصابات الدعم السريع وأن ترد كيدهم في نحورهم وأن تحفظ أهلنا في السودان من شرّهم. أهل شرّ وفساد وإفساد تسلطوا على هذا الشعب الطيب، فأبدلوا أمنهم خوفاً.
▪️#أنقذوا_الجزيرة "هشتاق نشط على مواقع التواصل الاجتماعي عقب اجتياح قوات الدعم السريع لقرى شرق ولاية الجزيرة ومقتل عدد كبير من المواطنين و #اغتصاب عشرات الفتيات وسرقة كمية كبيرة من الممتلكات".
لئن كان هناك عجز عن النصرة المباشرة بالنفس لأهل غزّة فهل هناك عجز عن نصرتهم بالمال؟ ولئن عجز البعض عن ذلك فهل هناك عجز عن نصرة قضيتهم بالإعلام والصوت في مختلف الميادين مع التخفف من الموضوعات الأخرى في شبكات التواصل حتى تنقضي هذه الشدة (التخفف وليس التوقف)؟ ولئن عجز البعض عن ذلك فهل هناك عجز عن إنكار الاحتشاد والتزاحم على الحفلات ورابطات الأندية في ظل التهجير الجماعي لأهلنا في غزة والقتل الذريع والدماء؟ ولئن عجز البعض عن هذا الإنكار فهل هناك عجز في ترك الحضور لهذه الاحتفالات على الأقل خجلاً وحياءً من الله تعالى ثم من أهل غزة؟! ومن عجز عن النصرة في الدوائر العامة فعليه النصرة في الدوائر الخاصة في أسرته وعائلته وأصدقائه، ولو بالتوعية بما يجري والتمييز وبيان سبيل المجرمين. ومن عجز عن التأثير في هذه المرحلة فهلّا أعدّ نفسه للتأثير في مرحلة قادمة؟ ومن كان اليوم صغيراً مبتدئاً فهل سيبذل كل وسعه ليكون غداً رقماً صعباً فينهمك في بناءٍ يقوي بنيان الأمة غداً..
والخلاصة:
لئن كان العجز الحقيقي هو الذي يقيد بعض أبناء هذه الأمة فإن العادة والوهن والركون إلى الدنيا هو الذي يقيد البعض الآخر -وما أكثرهم-، ومن الناس من يقيده الجهل بالواقع وعدم إدراك حقيقة كيد الأعداء، ولذلك فإن كل خطوة في تبديد هذه الأوهام والموانع الثلاث: (العجز/الوهن/الجهل) فهي من واجبات الوقت الكبرى.
اللهم الطف بأمة حبيبك وخليلك محمد ﷺ وأحيها وانصرها.
"فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله إنّ الله عزيز ذو انتقام"
هذا الأسلوب في مخاطبة النبي ﷺ والمؤمنين معه يدلّ على شدة ما لاقوا وطول ما عانوا حتى احتاجوا إلى هذا التثبيت من ربّ العالمين. قال الطبري عن الآية: (وإنما قاله -تعالى ذِكْرُه- لنبيه تثبيتا وتشديدا لعزيمته) وقال ابن عاشور -وتأمَّل ما قاله-: (وهذا محل التسلية، والخطابُ للنبي ﷺ؛ لأن تأخير ما وعد الله رسوله ﷺ من إنزال العقاب بأعدائه يشبه حال المخلف وعده، فلذلك نهي عن حسبانه)
اللهم إنّا نشهدك أنّا نؤمن بك وبوعدك ونسألك أن تثبت قلوبنا وقلوب أهلنا في غزة وسائر قلوب المؤمنين وأن تنجز لهذه الأمة وعدك يا حقّ يا عزيز يا حكيم.
مؤسفٌ ما وصل إليه البعض من حالة الشلل المعنوي بسبب الحزن على حال إخواننا بل والتوجه إلى بعض ما يقتل الأوقات من الألعاب ونحوها لعدم الاستعداد النفسي، وهذه حيلة شيطانية تمتزج مع الحالة النفسية، ولذلك تأتي الآيات التي تنهى عن الحزن: (ولا تهنوا ولا تحزنوا)
مع شدة المتابعة للأحداث المؤلمة قد يقطع البعض مجالاتهم النافعة وسياقاتهم البنائية والعطائية حزناً وكمداً، أو يأساً وإحباطاً، وقد لا يكون بأيديهم شيء عملي يقدمونه؛ فلا همُ الذين غيروا الواقع ولا هم الذين أتموا بناءهم ليكونوا أملاً للأمة في المستقبل.
فليعرف كل امرئ ما عليه، فليس الذي ينتظر من الرموز المؤثرة في الأمة كمثل الذي ينتظر ممن دونهم -وإن كان الكل مطالباً بحمل الهم والوعي بمشكلات الأمة وبذل ما يمكن- فالواجبات تتفاوت بقدر تفاوت الإمكان،
وليُبشر بالخير كل من هو متعلق بالله تعالى، حسنُ الظن به، متألمٌ لالام الأمة حريصٌ على نصرتها، بعيدٌ عن الغفلة واللهو والحرام، ونسأل الله أن يقر أعيننا بنصر المسلمين المستضعفين.