استبطأ النبي ﷺ جبريل عليه السلام مرة في نزوله إليه فقال له: " لو تأتينا أكثر مما تأتينا " -تشوقا إليه، وتوحشا لفراقه، وليطمئن قلبه بنزوله- فأنزل الله تعالى على لسان جبريل: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ أي: ليس لنا من الأمر شيء، إن أمرنا، ابتدرنا أمره، ولم نعص له أمرا، فنحن عبيد مأمورون، ﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أي: له الأمور الماضية والمستقبلة والحاضرة، في الزمان والمكان،
فإذا تبين أن الأمر كله لله، وأننا عبيد مدبرون، فيبقى الأمر دائرا بين: " هل تقتضيه الحكمة الإلهية فينفذه؟ أم لا تقتضيه فيؤخره " ؟
ولهذا قال: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ أي: لم يكن لينساك ويهملك، كما قال تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ بل لم يزل معتنيا بأمورك، مجريا لك على أحسن عوائده الجميلة، وتدابيره الجميلة.
أي: فإذا تأخر نزولنا عن الوقت المعتاد، فلا يحزنك ذلك ولا يهمك، واعلم أن الله هو الذي أراد ذلك، لما له من الحكمة فيه.
السعدي