﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ الله خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس من شيء من الأموال والأولاد، فإنما هو متاع تتمتعون به في هذه الحياة الدنيا، وهو من زينتها التي يتزين به فيها، لا يغني عنكم عند الله شيئا، ولا ينفعكم شيء منه في معادكم، وما عند الله لأهل طاعته وولايته خير مما أوتيتموه أنتم في هذه الدنيا من متاعها وزينتها ﴿وأبقى﴾ ، يقول: وأبقى لأهله؛ لأنه دائم لا نفاد له.
﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ : أفلا عقول لكم أيها القوم تتدبرون بها فتعرفون بها الخير من الشرّ، وتختارون لأنفسكم خير المنزلتين على شرّهما، وتؤثرون الدائم الذي لا نفاد له من النعيم، على الفاني الذي لا بقاء له.
﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١) ﴾
يقول تعالى ذكره: أفمن وعدناه من خلقنا على طاعته إيانا الجنة، فآمن بما وعدناه وصدّق وأطاعنا، فاستحقّ بطاعته إيانا أن ننجز له ما وعدناه، فهو لاق ما وعد، وصائر إليه كمن متَّعناه في الدنيا متاعها، فتمتع به، ونسي العمل بما وعدنا أهل الطاعة، وترك طلبه، وآثر لذّة عاجلة على آجلة، ثم هو يوم القيامة إذا ورد على الله من المحضرين، يعني من المُشْهدينَ عذاب الله، وأليم عقابه.
...عن قتاده، قوله: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ﴾ قال: هو المؤمن سمع كتاب الله فصدّق به وآمن بما وعد الله فيه ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ هو هذا الكافر ليس والله كالمؤمن ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ : أي في عذاب الله.
الطبري