يا صاحِبي أريدُكَ بجانِبي، أتّكِئ على كَتِفِك إن مالَت بيَ الأيّام، إنّني أحاولُ ولا زلتُ أحاولُ أن أبقَى صامِدًا ثابِتًا، لكِن صَدّقني هذهِ الحَياةُ ما عادَت تَدعُ لنا تَخمينَاتٍ تُؤنِسُ قلوبَنا في نَظرَتِنا للمُستَقبَل، صحيحٌ أنّ كلّ شيءٍ يَسيرُ بأمرِ الله وفي تَقادِيرِه، ولا شَكّ أنّ حسنَ ظَنّنا بالله يَحدُونا ويُسلّي نُفوسَنا، لكنّنا نَتعبُ ويَخبُو بَريقُنا، لا يُمكنُ لأيّ إنسانٍ أن يَخوضَ القِفارَ ويخوضَ الصّعابَ مالَم يَكُن معهُ خَليلٌ يَشُدّ مِن أزرِهِ ويُقَوّي مِن عَزمِه، حتّى مِن الأنبِياءِ -صَلَواتُ ربّي وسلامُهُ عَليهِم أجمَعِين- لَم يَستَطيعُوا، فَهذا نَبِيّ الله مُوسَى عليه السلام قال : ﴿واجعل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي﴾ ثم قال: لا أملِكُ إلّا نَفسِي وأخِي!، بَل حَتى يُوسُف عليهِ السّلام في أوّلِ فُرصَةٍ سَنحَت لهُ أبقَى أخَاهُ لدَيهِ بعدَ أن أتَاهُ إلى مِصرَ رُغمَ أنّ حالَ يَعقُوبَ عليهِ السّلام كانَ يُبكِي القُلوبَ قبلَ العُيون ! يا صاحِبي إنّ الإنسانَ يأوِي للإنسانِ بعدَ رَبّهِ سُبحانَهُ وتَعالى، فلا يَنبَغي أن يَكونَ الإنسانُ مَصدَرَ ألَمٍ للقَلبِ وإنّما يَجبُ أن يَكونُوا أُنسًا لبَعضِهِم البَعض، فالحَياةُ قاسِيةٌ، والأيّامُ تَمضِي وتَأخُذُ بمُضِيّها شَيئًا مِن أعمَارِنا وتُبقِي أثَرَها في قُلُوبِنا، يا صاحِبي هُناكَ مَقولَةّ تَقولُ: النّاسُ للنّاسِ والمَواقِفُ لا تُنسَى...