تمرّ بنا وجوهٌ كثيرة لكنّا وأيمُ اللهِ ما سكنّا لغيرِ أرواحكم، ولا ارتوينا من موارد سواكم، كنتم لأيّامنا كسحابةِ ربيعٍ أمطرتها حبورًا ثمّ سرعانَ ما حلَّ الاصطفاء لتلفحنا شمسُ هذه الغُربة. 🍂
لا يزالُ ذلكَ العهدُ الإيماني الذي كنا قد عقدناه مع إخوةٍ لنا في بدايةِ سلوكِ دربِ الجهادِ في سبيلِ الله يتردد لم يغب عن الأذهان لحظة من اللحظات، همْ رحلوا ثابتين صابرين قد أدّوا الحقّ الذي في أعناقهم،كنا مع أحبابنا وإخواننا الشهداء قد عاهدنا أنفسنا على الثباتِ والمضيّ في هذا الطريقِ حتى ننالَ إحدى الحسنيين، والحقُّ أن هذه العهود يا أحبتي من أسباب ثباتي عندما يحلولك الظلام ويشتد البأس، كيف لنا أن ننسى تلك العهود!
والأسىٰ أنَّ الدَّرب طال، والخلَّان قد فرَّقهم داء البين، وصوت الحق يأتي فجأةً ليتركنا بين أسيفٍ ومحزونٍ وراء كلِّ حِبٍ تخطتفه يد الشَّهادة من بيننا!
ونحن نتسكع في أزقة الركون، تبكينا الأشواق مرة، وتكسرنا الأهوال ألف مرة، لنبقىٰ أسرىٰ الخوف لئلا تُقبَل أرواحنا قرابينًا للنصر والتمكين لهذه الأمة الكريمة...
يكفكفُ دمعًا، ويُلمْلمُ شعثًا، يواسي هذا، ويضمِّدُ جراح ذاك، ليس خاليًا من نصب، ولا سالمًا من وصب؛ لكنه كما قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "ما رأيت عبادة أجل وأعظم من جبر الخواطر"
يا صاحبي، عش حياة البساطة بعيدًا عن التكلف والتعقيد، اركب سيارة الأجرة، واصنع الطعام والشاي بنفسك، واحمل حاجاتك بيدك، كما كان النبي ﷺ يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويحمل اللبن مع أصحابه، ويكون في مهنة أهله، فإذا أذن المؤذن خرج إلى الصلاة..