قال الإمام محمد بن عبدالوهاب:
” أعظم المراتب وأجلها عند اللهِ الدعوةُ إليه،
قال الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ} . ٰ
بوت القناة @AaOSMaa181BOT
تابع قناتنا زاد الغُــربـــاءْ ۦٰ https://whatsapp.com/channel/0029
البناء الشرعي إن لم يرافقه التوحيد الخالص لله تعالى فإنه لن يُقدِّم إلا أعمالاً تذهب هباءً منثوراً.. ﴿ وَقَدِمنا إِلى ما عَمِلوا مِن عَمَلٍ فَجَعَلناهُ هَباءً مَنثورًا ﴾ [الفرقان: 23] - 📜
فلا إله إلا اللهُ، كم في النفوس من عللٍ وأغراضٍ وحظوظٍ تمنعُ الأعمالَ أن تكونَ لله خالصةً، وأن تصل إليه، وإنّ العبد ليعملُ العملَ حيث لا يراهُ بشرٌ البتة، وهو غيرُ خالصٍ لله، ويعملُ العملَ والعيونُ قد استدارت عليه نطاقاً، وهو خالصٌ لوجهِ الله، ولا يُمَيِّزُ هذا إلا أهلُ البصائرِ وأطباءُ القلوب العالِمونَ بأدوائها وعِلَلِها.
فبَينَ العملِ وبينَ القلبِ مسافة، وفي تلك المسافة قُطَّاعٌ تَمنعُ وصولَ العملِ إلى القلب، فيكونُ الرجلُ كثيرَ العمل، وما وصلَ منهُ إلى قلبهِ محبةٌ ولا خوفٌ ولا رجاءٌ، ولا زهدٌ في الدنيا، ولا رغبةٌ في الآخرة، ولا نورٌ يُفرِّقُ به بين أولياءِ الله وأعدائه، وبين الحق والباطل، ولا قوةٌ في أمره، فلو وصلَ أثرُ الأعمالِ إلى قلبه لاستنارَ وأشرق، ورأى الحقَّ والباطل، ومَيَّزَ بين أولياءِ الله وأعدائه، وأوجب له ذلك المزيدَ من الأحوال،
ثمَّ بينَ القلب وبينَ الربِّ مسافة، وعليها قُطَّاعٌ تمنعُ وصولَ العملِ إليه، من كِبرٍ وَإِعجَابٍ وَإِدلَالٍ، ورؤيةِ العمل، ونسيانِ المِنَّة، وعِللٍ خفيةٍ لو استقصى في طلبها لرأى العجب.
•قال القرشي أبو الفداء ابن كثيرٍ -رحمه اللّٰه-: "يقول تعالى: ﴿أم حسبتم أن تدخلوا الجنة﴾ قبل أن تُبتَلوا وتُختبروا وتُمتحنوا، كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم؛ ولهذا قال: ﴿ولمّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء﴾ وهي: الأمراض؛ والأسقام، والآلام، والمصائب والنوائب.
قال ابن مسعود، وابن عباس، وأبو العالية، ومجاهد، وسعيد بن جبير، ومرة الهمداني، والحسن، وقتادة، والضحاك، والربيع، والسدي، ومقاتل بن حيان: ﴿البأساء﴾ الفقر. قال ابن عباس: ﴿والضراء﴾ السقم.
﴿وزلزلوا﴾ خوفا من الأعداء زلزالا شديدا، وامتُحِنوا امتحانًا عظيمًا، كما جاء في الحديث الصحيح عن خباب بن الأرت قال: قلنا: يا رسول الله، ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال: "إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه، لا يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه، لا يصرفه ذلك عن دينه".