تعودُ إلى منزلك وتتعاظمُ الهموم بداخلك، تتجمّع وتطغى على صورةِ الحياة أمام عينيك، وكلُّ همٍّ يجرُّ همًّا آخرَ بداخلك، فتنطفئُ روحك وتشعرُ بالكدرِ يفيضُ بك.. تفتحُ الأخبار فتأتيك أخبارُ الأمّة، تتذكَّر أنّك جزءٌ من هذه الأمَّة، وجزءٌ من همومها، وجزءٌ من قضاياها، وجزءٌ من خلاصِها ونجاتِها أيضًا، تعودُ لتنبّش ثانيةً عن همومك فتجدها قد تلاشت أمام ما وجدْتَه من حالٍ أمّةٍ تبكي جراحها النّازفة في كلِّ بقعةٍ من بقاع الأرض، فتدركُ سفاهة ما كنت تفكِّر به وما يُعكّرك ويملأ قلبك بالهموم، تنظرُ لحالِ أهلك هنا وأهلك هُناك وتُقارن همومك بهمومهم فتسأل نفسك: أين أنا؟
وفعلًا.. أين أنت من هذه الحال؟ أين أنت وموقعك في هذه الأمّة؟ ألستَ حلًّا؟ ألستَ جزءًا من الخلاص؟
بلى.. كلُّنا حلول، وكلُّنا شفاء، وكلُّنا بيدِنا الدَّواء، والحلُّ أن نصيرَ أقوى، وأصلب، وأقدرَ على حملِ آلامنا والسّير رغمًا عنها؛ لأنّه ثمّة شيءٌ عظيمٌ علينا أن نسير لأجله، وثمّة طريقٌ ينتظرنا أن نسلكه ونمضيَ به، وهذه الأمّة تنتظرُ من يداويها ويغلقُ جراحَها النّازفة، تنتظرُ من يُشفيها لا من يزيدُ جراحها تقرُّحًا بضيقِ أفقه وكثرةِ انهياراته.
-نِرمين العقَّاد.